دراسة خطيرة فى إصلاح الجهاز الإداري للدولة

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


القانون المنظم للهيئات الحكومية لم يتم تعديله منذ 56 سنة

4 جهات مسئولة عن تنمية الصادرات تتصارع مع بعضها.. و"ماكينزى" توصى بدمج 26 هيئة


أوضحت دراسة حديثة أعدها الدكتور طارق الحصرى، نائب وزير التخطيط السابق، ووكيل كلية الدراسات العليا بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، أن تعقد وضخامة الجهاز الإدارى فى مصر من أهم المشكلات التى تعانى منها الدولة.

وقالت إن عدد الوزارات يبلغ 33 وزارة، مقارنة بـ 15 وزارة فى الولايات المتحدة الأمريكية، و16 فى فرنسا، و10 فى اليابان.

الدراسة التى أصدرها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، لتوصيف مشكلة الجهاز الإدارى، ووضع مقترحات لإصلاحها أشارت إلى أن الجهاز الإدارى يتكون من 2443 كياناً، يشمل 33 وزارة ملحقاً بها 14 مصلحة، بالإضافة إلى 217 هيئة عامة، و27 محافظة، و188 مركزاً، و226 مدينة، و91 حياً، و1325 قرية، إلى جانب 25 جهاز مدينة، ويعمل حوالى 33.4% من الموظفين فى الوزارات والمصالح التابعة،

و50.5% فى الإدارة المحلية، وتشمل المحافظات ووحداتها و11 مديرية خدمية بكل محافظة، و9.4% فى الهيئات الخدمية، و6.6% بالهيئات الاقتصادية.

ولفتت إلى أن هذا العدد الكبير من الوزارات أدى لتداخل اختصاصات بعضها، وتفتيت المهمة بين أكثر من وزارة، مع عدم وجود أهداف محددة، وتضارب الصلاحيات والمسئوليات.

وأوضحت الدراسة بعض الأمثلة، منها التداخل فى الاختصاصات بين وزارة الخارجية ووزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، حيث تتولى الوزارتان وظيفة حماية مصالح المصريين بالخارج، مشيرة إلى أن مهمة وزارة الهجرة يستحيل تنفيذها إلا من خلال البعثات الدبلوماسية والقنصلية التابعة لوزارة الخارجية.

المثال الثانى يتعلق بالتداخل بين وزارتى الزراعة والرى، حيث تختص الأولى بوضع برامج لحصر الأراضى الصالحة للاستصلاح اعتمادا على مصادر المياه التى تحددها وزارة الرى، وهو ما يصعب ذلك دون التعاون الكامل، وهو ما يتسبب فى وقف عدد من المشروعات.

المثال الثالث، يخص فكرة الفصل بين نشاطين متكاملين، مثل وزارتى الكهرباء والبترول والثروة المعدنية، حيث تتولى الكهرباء متابعة ومراقبة أنشطة مجالات الكهرباء، بينما تقوم البترول بدعم تنمية مصادر الثروة البترولية والتعدينية، وأهم أوجه استخدام البترول هو الكهرباء، وهو ما سبب مشاكل كثيرة فى فترات سابقة بسبب انقطاع الكهرباء مع نقص إمدادات البترول.

وكشفت الدراسة أنه رغم مرور 56 سنة على صدور القانون المنظم لإنشاء الهيئات العامة رقم 61 لسنة 1963، إلا أنه لم يتم تعديله إطلاقا منذ صدوره، وهو ما يحتاج إلى إعادة صياغة لمواكبة التطورات، وفى ضوء الدستور الحالى.

وقالت إن هناك 189 هيئة من إجمالى 217 تابعة للوزارات، فى حين يتبع رئاسة الجمهورية 9 هيئات، مثل الجهاز المركزى للمحاسبات، والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وجامعة الأزهر، ويتبع رئاسة الوزراء 15 هيئة، مثل هيئة ضمان جودة التعليم، وهيئة قناة السويس، ويتبع المحافظات 4 هيئات فقط.

وأوضحت أن الهيئات تقوم بإدارة مرفق يقوم على مصلحة أو خدمة عامة، وتنقسم إلى نوعين وفقا لموازنتها، هما الهيئة الخدمية والهيئة الاقتصادية، والأولى عددها 166 هيئة غير هادفة للربح مثل الجامعات الحكومية والمراكز البحثية، أما الثانية فيبلغ عددها 51 هيئة وتقدم خدماتها بمقابل، مثل هيئة البترول، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

وأشارت الدراسة إلى أن هناك العديد من تلك الهيئات انتهت مهمتها أو نقلت مهامها إلى جهات أخرى، أو تتداخل فى اختصاصات غيرها، وهو ما يؤدى إلى عدم وحدة المسئولية، وعدم ترشيد الإنفاق بوجود هيئات كاملة من مقار وموارد بشرية ومادية.

وضربت الدراسة مثلا بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى، المنشأة بقرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة عام 1963، وتختص بتنفيذ قانون الإصلاح الزراعى وإدارة الأراضى الزراعية المستولى عليها، وهذا الدور انتهى منذ عشرات السنين ومع ذلك لا تزال تمارس عملها، ويعمل بها نحو 13367 موظفاً.

ومن بين الهيئات التى انتهى دورها ومازالت قائمة حتى الآن، الهيئة الزراعية المصرية، وأنشئت عام 1898 لخدمة الزراعة لكنها لا تقوم بوظيفتها حالياً، ويقتصر دورها على أنشطة تربية الخيول، ويمكن نقل هذا النشاط إلى هيئة الخدمات البيطرية.

أما المركز الإقليمى لتعليم الكبار بسرس الليان، فقد تم تحويله إلى هيئة عامة خدمية تابعة لوزارة التربية والتعليم، فى حين أنه يقوم بنفس وظائف الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار.

وفيما يخص الجهات التى تعمل فى تنمية الصادرات، نجد أن هناك هيئة وصندوقاً وبنكاً وشركة لها نفس الاختصاصات، وتقدم خدمات تمويلية، وهى الهيئة العامة لمركز تنمية الصادرات، وصندوق تنمية الصادرات، والبنك المصرى لتنمية الصادرات، والشركة المصرية لضمان الصادرات.

وكشفت الدكتورة هالة السعيد – وزيرة التخطيط والإصلاح الإدارى، خلال الأيام القليلة الماضية، أن شركة ماكينزى العالمية للاستشارات الإدارية، أوصت بدمج 26 وحدة وهيئة حكومية فقط، دون أى اقتراح لدمج وزارى، بعد انتهائها من أولى تقاريرها لإعادة هيكلة الجهاز الإدارى، وتم عرض التقرير على رئيس الوزراء.

وأوصت الدراسة بعدة أمور لتحقيق رؤية الإصلاح الإدارى التى تم اعتمادها فى أغسطس 2014، أهمها إعادة النظر فى الحجم الأمثل لوزارات الحكومة ودورها الاستراتيجى ومهمتها، إلى جانب عدد الهيئات العامة ومراجعة أدوارها والوصول إلى دمج أو إلغاء أو تعديل بعضها. وأيضا تفعيل تحويل بعضها من خدمية إلى اقتصادية، أو إلى شركات عامة أو خاصة، ومراجعة وحدات الإدارة المحلية وتحديد سلطات واضحة لقياداتها، إلى جانب تطوير الخدمات الحكومية وميكنتها، وتوفيرها من خلال منصة رقمية موحدة، بعد الربط بين الجهات الحكومية وتبادل المعلومات.

كما طرحت الدراسة فكرة فتح المجال للقطاع الخاص لتقديم تلك الخدمات، لتتحول الحكومة إلى منظم للخدمات وليس مقدماً لها، وهو ما يوفر للدولة مئات الملايين من الاستثمارات.