منير: "رغم الفلس" مؤمن بمبدعي مصر

العدد الأسبوعي

محمد منير
محمد منير


■ هذه أول مشاركة لك بالمهرجان، حدثنا عن التجربة وما سبب تأخيرها طيلة هذه السنوات؟

- بداية لا شك أن مهرجان الموسيقى العربية علامة تاريخية، فهو أهم مهرجان فى تاريخنا العربى المعاصر وارتبط دائما بالموسيقى النمطية الشرقية الأصيلة، ولا أعنى بالأصيلة حقبة زمنية محددة، وإنما أعنى أنه على مدى دورات المهرجان اهتم القائمون عليه بتقديم مدارس غنائية وموسيقية كلاسيكية، وهذا ما أدى ربما لظلم بعض المدارس الغنائية الحديثة التى أنتمى إليها، فعلى الرغم من رغبة المهرجان طيلة سنواته فى استضافة هذه المدارس فإن الدكتورة رتيبة الحفنى رئيس المهرجان السابقة كان لديها تخوفات من كسر قالب المهرجان واتخاذ خطوة جريئة باستضافتنا خاصة مع ملابسى غير الكلاسيكية التى أظهر بها على المسرح فى حفلاتى رغم إيمانها الكامل بنا.

■ ماذا يعنى لك التكريم بالمهرجان هذا العام؟

- لا أستطيع وصف شعورى تجاه التكريم، فأنا فخور للغاية بتكريمى فى هذه الدورة، لأنه تكريم يأتى بعد رحلة فنية امتدت نحو 40 عاما، ووجب على أن أشكر الشعب المصرى الذى رشحنى لهذه المكانة العالية وأصدقائى فى لجنة المهرجان، فلجنة المهرجان لها معى باع طويل من الصداقة، وساروا معى مشوار حياتى بالكامل، لذا اعتبر تكريمى فى هذه الدورة تكريما لكل موسيقى ومطرب فى مصر.

■ هناك العديد من المهرجانات الغنائية العربية، ما الخصوصية التى يمنحها «الموسيقى العربية» لك؟، وهل ترى التنافس بين المهرجانات ظاهرة صحية؟

- بالطبع، المنافسة الفنية ظاهرة صحية للغاية وأشجعها من صميم قلبى وأكرر أن مهرجان الموسيقى العربية هو الأم والأهم فى العالم العربى، وكان له اليد والشراكة فى إنشاء مجموعة من المهرجانات الغنائية حوله بالعالم العربى، وأسهم بكل ما يملك من مبدعين ومساعدات فنية فى إنشائها مثل مهرجان جرش وقرطاج وموازيين ومهرجانات الإمارات وغيرها.

■ لماذا لا تحبذ وصف موسيقاك بأنها موسيقى أسوانية أو نوبية؟

- لأن مشوارى الفنى عبارة عن عدة مراحل، بدأت كمطرب فى أسوان ثم مطرب لمصر ثم مطرب للعالم العربى ككل وموسيقاى بالطبع تأثرت بالموسيقى النوبية والأسوانية لأنها أرض ميلادى وتكوينى الأول، لكنى فيما بعد غنيت لكل مصر والوطن العربى، وعلى الرغم من كونى صناعة مصرية خالصة، لم أتأثر بالموسيقى النوبية فحسب وإنما تأثرت أيضا بفن الجعافرة والعبابدة الذى أعتبره من أرقى الفنون التى شهدتها وأهمها.

■ هل للموسيقى الصوفية تأثير خاص على نفسك وشخصيتك الفنية؟

- بالطبع، فأسوان كانت ومازالت معقل الصوفية الوسطية فى مصر، ويحمل كل أسوانى فى قلبه حسا صوفيا وروحانيا نتيجة تأثره بالموسيقى والفن المحيط به طيلة الوقت، وهو ما جعلنى أقدم كل هذه الفنون الصوفية الموسيقية فى ألبوم «أرض السلام» الذى يعد أول تجربة فى تاريخ مصر تشهد على الموسيقى الصوفية.

■ هل تعتبر نفسك الفنان الوحيد الذى اتخذ من موسيقى ونبض الأرض العربية طريقا لإخراج وتكوين موسيقاه؟

- بالطبع، وهو أمر طبيعى لأنه منذ انطلاقتى وحتى هذه اللحظة يحيط بى مجموعة من الموسيقيين والفنانين العالميين الذين كونت معهم شراكات فنية وإبداعية ناجحة، وصبت بدورها فى نوعية ونكهة الموسيقى التى أقدمها وحرصت طوال حياتى على تقديم ما أشعر به، وما يعبر عنى أنا.. أنا فى هذه الحالة التى تعنى مصر وتراثها وفنها وموسيقاها إضافة إلى الوطن الأكبر، وهو الوطن العربى الذى غنيت لجميع بلاده من المحيط للخليج، فاستطعت بتعاونى مع كبار الموسيقيين أن أمزج بين الجيد والموسيقى العالمية بنكهة مصرية تعبر عنى وعما أشعر به وهو ما يجعلنى أشعر بأن مهمتى حاليا هى أن أغنى لكل الثقافات العربية.

■ مرورا بأسوان ثم مصر ككل ثم الوطن العربى ما التحديات الفنية التى واجهتك فى كل مرحلة؟

- كل مرحلة كان لها تحدياتها، وكانت التحديات فى مجملها صعبة، لأننى كنت ألج كل مرحلة منها، وأنا محمل بالجديد، والجديد فى طلته الأولى لا يكون مرحبا به فى أغلب الأوقات فكنت أحمل فى صدرى كل ماهو جديد سواء كان على صعيد الموسيقى أو حتى المظهر نظرا لعدم التزامى بالمظهر التقليدى الذى كان يظهر به الفنانون آنذاك، وأنا أؤمن بأنه لا يوجد فن جيد بدون معاناة، لذا أرفض دائما النجاح الجاهز فى برامج المواهب التليفزيونية التى انتشرت مؤخرا، رغم أنها تساعد الفنان على تقديم نفسه، إلا أننى مقتنع بأن الفن هو رحلة حياة كاملة، ولابد وأن تقابله صعوبات خلال هذه الرحلة وعثرات تطرحه أرضا فيقوم من جديد وينفض عن نفسه الغبار ليتابع المسيرة.

■ فى رأيك هل يعانى الملحنون والشعراء فى مصر حاليا من حالة إفلاس إبداعى؟، وهل تجد الكلمات والألحان لك بصعوبة أم بسهولة؟

- بصراحة فى الوقت الحالى أجد الألحان والكلمات بصعوبة بالغة فأنا أبحث كثيرا لأجد الكلمة واللحن الجيدين اللذين يعبران عنى لكننى مؤمن بالمبدعين المصريين و»عمرى ما هكفر بيهم» لأن مرحلة الفلس الإبداعى إن وجدت عليها أن تنتج فى النهاية عملا جيدا.

■ ما أصعب حفلة قدمتها ولا تستطيع نسيانها طيلة حياتك؟

-لا أستطيع نسيان أو ابتلاع مرارة الحفل الذى أقيم بعد وفاة أخى، واضطررت بعد ذلك بـ 48 ساعة أن أخرج فى حفل غنائى ضخم كنت قد تعاقدت عليه قبل وفاته، وأذكر أننى غنيت كل الأغانى بدموعى التى كانت تحرق قلبى.