الأقدم في الشرق.. متحف الإسعاف بالإسكندرية يوثق حكاية 100عام (صور)

محافظات

أول سيارة إسعاف في
أول سيارة إسعاف في الإسكندرية


ربما لا يعلم الكثير أن أقدم مرفق إسعاف على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا، كان في محافظة الإسكندرية في عام 1902، على يد المؤسس الإيطالي "بيترو فازاي" لتمتد فكرة المرفق وتطوره إلى باق المحافظات ومن ثم نقل التجربة إلى الدول المحيطة.

فتلك الحكاية التي ترجع إلى مئة عام، قد وثقتها هيئة الإسعاف بالإسكندرية بإنشاء متحف خاص داخل مبنى الهيئة الرئيسي في أواخر ثمانينات القرن الماضي، والذي يضم المتحف داخل أروقته أول سيارة استخدمها المرفق في عام 1904، وصور المسعفيين والمسعفات الأوائل الذين تطوعوا في إنشاء ذلك المرفق.

 

فمبنى هيئة الإسعاف الرئيسي الواقع في منطقة كوم الدكة في وسط محافظة الإسكندرية يحتفظ بجميع أسماء المؤسسين ورؤساء جمعية الإسعاف والمتبرعين بأرقام تبرعهم على لوحات شرف رخامية في مدخل المبنى، والذي يتوسطه أيضًا تمثال للمؤسس الأول "بيترو فازاي" كنوع من التكريم والعرفان له.


أول عربة


متحف هيئة الإسعاف ليس مفتوح للجمهور العام، إنما يعد محطة توثيقية هامة يكشف جزء من تراث المدينة وحكايتها الكوزموبوليتانية، فهو يعرض في مدخله أول سيارة لنقل المرضى استخدمها المرفق في عام 1904 والتي ما زالت تحتفظ بحالتها، والتي تشبه بشكل صندوق من القماش، وذلك وفق حديث الدكتور محمد أبو حمص مدير عام إقليم إسعاف الإسكندرية ل"الفجر".

وفي عام 1908 أهدى الخديوي عباس حلمي الهيئة أول سيارة تعتمد على الخيول مكونة من شكل كبينة تضم سرير المريض ومقعد للمسعف، وقد احتفظت السيارة بلوحة الأهداء من الخديوي بكلمات "عربة إسعاف أهداها صاحب السمو الخديوي عباس حلمي للجمعية عام 1908".


الفكرة


ويشير إلى أن جمعية الإسعاف قد نشأت فكرتها بسبب انتشار مرض الكوليرا في الإسكندرية، وقد جاءت الفكرة إلى"بيترو فازاي" بإنشاء جمعية الإسعاف المختلطة التي تضم الإسعاف، بنك الدم، والمشرحة، وذلك لإنقاذ المرضى، بعد أن جاء المرض إلى الإسكندرية في عام 1883، ثم تكرر في عام 1902، ليأتي النداء بين الجاليات الأجنبية بإنشاء مؤسسة تسعف المصابين.

التطور


ويوثق المتحف تطور سيارات الإسعاف، بعرضه ثان سيارة عبارة عن نقالة يجرها أربعة أشخاص سيرًا على الأقدام، وبذلك هي مهمة صعبة وتحتاج إلى بذل كبير، سيارة نقالة يجرها الأحصنة، ثم إلى جرارة بالعجلات، ثم التطور الرابع إلى شكل الموتوسيكل.

ويشير مدير الأقليم في حديثه أنه في عام 1930 دخلت السيارة في خدمة الإسعاف، وقد وصلت في ذلك التوقيت إلى عشرة سيارات.


الرؤساء


ووفق حديثه فأن إنشاء مبنى الإسعاف الرئيسي في الإسكندرية كان في أواخر عام 1927 بطراز إيطالي، ويوثق المتحف مسطرة وضع حجر الأساس، وريشة كتابة ورقة التأسيس، وصور افتتاح المبنى بحضور صفوة المجتمع، وصور جماعية للعامليين والمسعفيين بزيهم الرسمي على مدار المئة عام الماضية.

التوثيق


تاريخ هيئة الإسعاف لم يقف عند حدود إنشاء متحف تاريخي داخل مبنى الهيئة، فقد حكى الدكتور عارف محمود مدير مرفق الإسعاف الأسبق في عام 2002 تاريخ المرفق في كتاب بعنوان"إسعاف الإسكندرية في مائة عام".


وقد روى "عارف" أن إنشاء تلك المرفق لم يكن له أية جذور تاريخية محلية، إنما بسبب تعرض المحافظة الساحلية في القرن التاسع عشر لقدوم الأجانب إليها، أدى إلى إنشاء تلك الفكرة، وقد بدأ إنشاء المرفق داخل المحافظة الساحلية بتطوع من جميع المصريين والأجانب على اختلاف طبقاتهم، والذين قاموا بالعمل التطوعي والتبرع كلًا على طريقته دون الحصول على أجر من العمل.

ووفق ما ذكره مدير مرفق الإسعاف فإن الأجهزة المحلية لم تكن تلتفت إلى هذا النوع من النشاط المجتمعي، إلا بعد تواجد تعارض بين عمل البوليس والمرفق، حتى وافق في النهاية على العمل تحت ظله، وقد ظل مرفق الإسعاف كنشاط مجتمعي يتوغل داخل المجتمع، حتى بدأ يضم صفوة المجتمع عقب تبصرهم بأهمية الإسعاف، حتى جاء في عام 1914 محمد يكن باشا أول رئيس لجميعة الإسعاف، وتلقى تبرعات من صفوة المجتمع على رأسهم الأمير عمر طوسون، وأمين باشا يحيى.

ومع بروز دور الأسعاف داخل أنحاء البلاد، وفق توثيق مدير المرفق في كتابه فقد تم إنشاء في عام 1924 اتحاد الإسعاف، ليضم جميع جمعيات الإسعاف، حتى تم تمصير هيئة الإسعاف من الصبغة الأجنبية في عام 1936 عقب معاهدة الإنجليز مع مصر، وفي عام 1952 تحول نشاط مرفق الإسعاف من نشاط مجتمعي إلى طابع رسمي حكومي.


الدكتور محمد أبو حمص يشير لـ"الفجر" إلى أن هيئة الإسعاف والعاملين بداخلها يفتخرون بتاريخ إنشاء الإسعاف الذي كان الأول من نوعه في الشرق الأوسط، وأن اليوم هيئة الإسعاف بالإسكندرية تضم 115 سيارة، 188 مقدم خدمة إسعاف، 193 سائق، وتتعامل مع 100 ألف بلاغ سنويًا.