سمية عسلة تكتب: الميت "ملالي" وجنازات العراق حارة

مقالات الرأي



نعلم جميعًا أن النظام الإيراني لديه مشروع سياسي وديني داخل بلداننا العربية، ونجاح مشروعهم السياسي بالموالاة مباشرة لنظام الولي الفقيه في إيران واستعادة دولة فارس متوقف على نجاح مشروعهم الديني وهو نشر التشيع  والطائفية بين الشعوب العربيه. وقد شهدنا جميعا خلال الأعوام الماضيه تلك الخطابات الحنجورية لمرشد الثورة الايرانية اية الله علي الخامنئي والتي لم تخلو نهائيا من استعراض النفوذ الإيراني المتمثل في المليشيات الإرهابية التابعه لنظام الملالي داخل دول المنطقه وتشمل ميليشيا حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق كذلك الحوثي في اليمن وحماس داخل فلسطين والجبهة الوطنية في سوريا بالاضافه للخلايا النائمة داخل بعض الدول العربيه الاخرى.

ولكن هذا الاستعراض الواهم من قبل الملالي لم يكتب له الاستمرار لوقت طويل، فمن استمع مؤخرا لتصريحات الخامنئي سيلاحظ نبرة الخوف والضعف والتخبط في صوته وكلماته عندما تحدث عن المظاهرات التي تحدث الان في العراق ولبنان، وهذا مؤشر واضح على أن النظام الايراني فقد سيطرته على من يدعي أنهم أذرعه القوية داخل المنطقه العربيه،وهم من أطلق عليهم حسين سلامي لقب "الخلايا السريه التابعه لايران داخل المنطقه" جاء ذلك في أول خطاب له بعد تسلمه منصب قائد الحرس الثوري الايراني خلفا عن محمد علي جعفري.

أية الله على الخامنئي بدا عليه التوتر وارتفاع حدة الخطاب فيما يخص المظاهرات بالعراق، يتضح ذلك في أول تغريدة حيث كان يدعوا المتظاهرين إلى احترام القانون مؤكدا ان لهم كل الحق في المطالبه بما يريدون، ولكن وخلال ساعات ومع توافد الالاف من الطائفتين الشيعيه والسنه مطالبين أولا بالتصدي للتوغل الايراني في العراق،وعزل المسؤولين الفاسدين التابعين للنظام الايراني داخل المؤسسات العراقيه ورفع الحالة المعيشيه للمواطنين،حينها فقط خرج الخامنئي عن شعوره وبدأ في مهاجمة المتظاهرين بل والتحريض على قتلهم ،وقد برز ذلك في تغريدته الاخيره والتي طالب فيها من اسماهم ب "الحريصين" في التصدي للمخربين ويعني بهم المتظاهريين العراقيين، وهذا التصريح في رأيي هو رسالة مشفرة للحرس الثوري بالتدخل وقمع المظاهرات بالعنف والسلاح،والدليل على ذلك ترأس حسين سلامي لاجتماع وزاري عراقي شمل الوزراء والمسؤولين وكبار رموز الدولة العراقيه ،وسط غياب تام لرئيس الورزاء العراقي عادل عبدالمهدي، وكذلك ما حدث من أعمال عنف وسط المتظاهرين بمحاولة اندساس عناصر ايرانيه تابعه للحرس الثوري وبعض العناصر المواليه له من عصائب أهل الحق والخرساني التابعه للخامنئي،حيث وجد المتظاهرين العراقيين قنابل مسيلة للدموع صناعة ايرانيه وتركيه تقذف باتجاههم من قبل هؤلاء المندسين وبعض العناصر التابعه لايران داخل الجيش العراقي،على غرار القذائف التي استخدمت في كربلاء وأدت الى وفات العشرات ومئات الجرحى.

وهذا ما يجعلني أرد من خلال عدة أدلة تكشف  كذب التصريحات الخامنئية التي تقول أنه ليس هناك أي تدخل إيراني لقمع مظاهرات العراق أو إحداث أي أعمال تخريبية، وقد وجه الخامنئي الاتهام زوراً وبهتانا للملكة العربيه السعوديه وأمريكا بأنهما من يدعمان الفوضى بالعراق، والدليل الاول هو تصريح اية الله احمد علي المهدي وهو امام مسجد مدينة مشهد وممثل الولي الفقيه في خراسان، حيث قال في خطبة الجمعة "أن إيران الآن ليست محدوده بالحدود الجغرافية، فحزب الله إيراني والحشد الشعبي إيراني، وحماس إيرانية، والجبهة الوطنية السورية إيرانيه، وأنصار الله في اليمن إيرانية"، وقد أكد أية الله محمد كشاني في خطبته أن "اسرائيل وامريكا يصعب عليهم أن يروا ملايين الزوار الى اربعينية الحسين في كربلا" محاولا بذلك ان يلقي التهمة على امريكا ولكن يبدو انه لم ينتبه الى ان امريكا موجوده في العراق منذ عام 2003 فهل الان فقط رأت من وصفهم بملايين الزوار الى كربلاء حتى تحقد عليهم.

وكما يبدو أنها ليست رؤيا فرديه مقتصرة على رجال الدين الذين قال عنهم الخامنئي"رجال الدين هم رجال النظام وأعمدة الدولة" بل وصل الأمر الى تصريح مرشد الثورة الايرانيه على خامنئي ان "مايقوم به المتظاهرين العراقيين  ومن يدعمهم هو بمثابة ثورة على الامام الحسين وأكد على ان العراق وايران قلب واحد وجسد واحد" ،وحتى الان لا أعلم ما علاقة التظاهرات المندده بالفساد وتردي الاوضاع المعيشيه والصحيه والتعليميه والتي تجاوزت الطائفية الى مطالب مشروعه للشعب العراقي،فكيف تكون ثورة على الحسين كما يدعي الخامنئي.

أما عن الدليل الثاني للتدخل الايراني التخريبي في العراق والذي حفز المتظاهرين على النزول هو الفساد الحالي بكافة القطاعات والمؤسسات العراقيه من خلال مسؤولين يعملون بأجندات تخدم مصالح ايران ،ويشمل ذلك فساد قطاع المصارف والبنوك وتحديدا البنك المركزي بالعراق الذي يتم من خلاله اجراء عمليات تصريف للدولار فيما يخدم مصالح نظام الملالي ويؤثر سلبا على وضع الاقتصاد العراقي ،وكذلك الموانئ وعلى رأسها ميناء البصرة الذي أصبح منفذ بحري لتبادل البضائع الايرانيه والالتفاف على العقوبات الامريكية لتخفيف حدة العقوبات على الاقتصاد الايراني.

والدليل الثالث الذي يدين الحرس الثوري ويثبت عمله ضمن خطه منظمه لتدمير الشباب العراقي والقضاء على مستقبل الدولة، يتمثل في حجم شحنات المخدرات التي يدخلها الملالي الى العراق ويعمل على نشرها بين الشباب لتدمير صحته والتأثير على ادراكه وقرارته،ولكن ما غاب عن قيادة الحرس الثوري ان أغلب المتظاهرين بالعراق حاليا هم من فئة الشباب الشيعه والسنه ومن هم أعضاء بالحشد الشعبي الذين جعلوا أولى مطالبهم طرد ايران واتباعها من العراق بشكل نهائي واعادة تشكيل الحكومه من جديد.

و يبقى في تظاهرات العراق أمر غامض يتمثل في عودة مقتدى الصدر من ايران ليقف بين المتظاهرين رافعا نفس شعاراتهم متضامنا معهم وينادي باسقاط حكومة عبدالمهدي متضامنا بذلك مع العامري الذي سارع بدوره في مناشدة الصدر بالوقوف معه لصالح الوطن وتحقيق مطالب المتظاهرين ،وهذا الأمر في وجهة نظري يحلل سياسيا بسيناريو من إثنين ،أولهما ان مقتدى الصدر أراد ان يحظى بتأييد شعبي واسع ويعزز من مكانته الدينيه والشعبيه فقرر أن ينضم لصفوف الشعب خصوصا وأن المظاهرات الحاليه لم تشهدها العراق من قبل من حيث العدد والصمود والتأييد الدولي، أما عن السيناريو الأخر وانا ارجحه بنسبة أكبر وهو ان مقتدى الصدر عاد من ايران يحمل أجندة اتفق على بنودها هو واية الله علي الخامنئي فحواها أن ينضم الصدر للمتظاهرين فيكسبهم في صفه ويعطونه الثقه التامة ويصبح زعيما لهم،وبذلك تتحقق ثقة الشعب به ويصبح بمقدرته عزل عادل عبدالمهدي من ثم اجراء انتخابات شعبيه يتقدم فيها ممثل حزب الاصلاح لينجح ويصبح أمرا  مفروضا على الشعب فلا يستطيع أحد الاعتراض حيث أن "الاصلاح" أتي بانتخابات وموافقة شعبية، والدليل على ما سبق وذكرته هي الحرب الالكترونية التي وجهها النظام الايراني ضدى مقتدى الصدر منذ عودته من ايران ليتزعم المظاهرات في العراق،وكأن النظام الايراني يرسل رسالة للمتظاهرين فحواها ان مقتدى الصدر مكروه من النظام الايراني الذي تكرهونه انتم ايها الشعب العراقي، وهذا من شأنه ان يرفع شعبيته ويزيد من صلاحياته عند الشعب العراقي الذي يملأ الشوارع الان مناديا بمنع التدخل الايراني في العراق وتطهير الدوله من أذناب الملالي.

في حقيقة الامر ما يحدث الان في العراق ولبنان واليمن يجعلني اتذكر مقولة القائد الامير محمد بن سلمان،وهو من يجتمع فيه صفات القيادة لما يحظى به من رؤيه سياسية بعيدة المدى ونظرة عسكريه عميقه تمثلت في مقولته "ستنتقل الحرب إلى إيران" ، وعند تدبر مقولة الامير هذه نجد ان لها معنى عميق، وإنني أفهم وأحلل هذه المقوله على انها توقع لمستقبل نظام الملالي ،فالنظام الخامنئي بني على باطل لذلك عمره قصير وسيأكل بعضه بعضا حتى يختفي،فالحرب التي تخوضها لبنان والعراق ضد ايران واذرعها اكبر دليل على ضعف وقرب زوال النظام الايراني،كذلك بدى جليا لمن يتابع تظاهرات العراق ان عناصر الحشد الشعبي هم انفسهم من يشاركون العراقيين السنه والشيعه تظاهرهم لردع التواجد الايراني بل وطرد الرموز الايرانيه من العراق ككل. فالأن تحققت رؤية الامير محمد بن سلمان الذي قالها منذ عامين ان الحرب ستنتقل لايران .