موجة من العنف اللبناني بعد استقالة الحريري

عربي ودولي

احتجاجات لبنان
احتجاجات لبنان



استقال سعد الدين الحريري من منصبه كرئيس للوزراء في لبنان، مساء اليوم الثلاثاء، معلنا أنه قد وصل إلى "طريق مسدود" في محاولة لحل الأزمة، التي أطلقتها الاحتجاجات الضخمة ضد النخبة الحاكمة وأغرقت البلاد أعمق في الاضطرابات.

وتشير خطوة السياسي السني البارز إلى تصاعد التوترات السياسية، التي قد تعقد تشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في لبنان منذ الحرب الأهلية، التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

وإن استقالة الحريري، التي كان يدعمها تقليديا الغرب وحلفاء الخليج من العرب السنة، تثير المخاطر وتدفع لبنان إلى دائرة لا يمكن التنبؤ بها.

كما قد ينتهي الأمر بلبنان إلى أبعد من ذلك تحت سيطرة حزب الله المدعوم من إيران، مما يزيد من صعوبة جذب الاستثمارات الأجنبية التي تمس الحاجة إليها.

وأنه يتحدى حزب الله، الذي كان يريد منه أن يبقى، وينظر إلى الحريري على أنه النقطة المحورية للمساعدات الغربية والخليجية للبنان، والتي هي في أمس الحاجة إلى الدعم المالي، الذي وعد به هؤلاء الحلفاء.

وألقى الحريري خطابا على الأمة بعد أن هاجمت مجموعة من الغوغاء المواليين لحزب الله وحركة أمل الشيعية، ودمروا معسكرًا للاحتجاج أنشأه المتظاهرون المناهضون للحكومة في بيروت.

وكان هذا أخطر نزاع في شوارع بيروت منذ عام 2008، عندما سيطر مقاتلو حزب الله على العاصمة في اندلاع قصير للنزاع المسلح مع الخصوم اللبنانيين الموالين للحريري وحلفائه.

وأصيبت لبنان بالشلل بسبب موجة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد الفساد المتفشي للطبقة السياسية.

وقال الحريري، في كلمة له، "لمدة 13 يومًا، انتظر الشعب اللبناني قرارًا لحل سياسي يوقف التدهور الاقتصادي، وحاولت خلال هذه الفترة، أن أجد طريقة للخروج، من خلالها أستمع إلى صوت الشعب".

وقال رئيس الوزراء المستقال: "لقد حان الوقت لكي نواجه صدمة كبيرة لمواجهة الأزمة"، "لجميع الشركاء في الحياة السياسية، مسؤوليتنا اليوم هي كيف نحمي لبنان ونعيد إحياء اقتصاده".

كما يمكن الآن للرئيس ميشيل عون، الحليف السياسي لحزب الله، أن يقبل استقالة الحريري ويبدأ المشاورات من أجل تشكيل حكومة جديدة، أو أن يطلب منه إعادة التفكير.

واستغرق الأمر تسعة أشهر لتشكيل حكومة الحريري الائتلافية التي تولت السلطة في يناير، كما تعهد بعض المتظاهرين بالبقاء في الشارع.

وقال المحتج طارق حجازي، إن الاستقالة "كانت خطوة أولى في بناء دولة ديمقراطية وطنية، على طريق تحقيق مطالب انتفاضة 17 أكتوبر.

كما أدت الأزمة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان، حيث أدت الضغوط المالية إلى ندرة العملة الصعبة وضعف الجنيه اللبناني المربوط، مع تراجع سندات الحكومة اللبنانية بسبب الاضطرابات.

خيام وسط النار
في شوارع بيروت، هاجم رجال يرتدون ملابس سوداء وعصي وأنابيب معسكر الاحتجاج، الذي كان النقطة المحورية للتجمعات في جميع أنحاء البلاد ضد النخبة.

وقال السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله المدعوم بالسلاح والذي تدعمه إيران، الأسبوع الماضي، إنه ينبغي إعادة فتح الطرق التي أغلقها المتظاهرون، وأشار إلى أن المتظاهرين يمولون من قبل أعدائه الأجانب وينفذون أجندتهم.

كما ارتفع الدخان مع اشتعال النيران في بعض خيام المحتجين من قبل مؤيدي حزب الله وحركة أمل، الذين خرجوا في وقت سابق في وسط مدينة العاصمة وهم يهتفون "الشيعة، الشيعة" في إشارة إلى أنفسهم ولعن المتظاهرين المناهضين للحكومة.

وهتفوا في إشارة إلى رئيس البرلمان نبيه بري، رئيس حركة أمل: "بدمائنا وحياتنا، نقدم أنفسنا ذبيحة لك يا نبيه!" وهتفوا "لقد استجابنا لدعوتكم، واستمعنا إلى دعوتكم، نصر الله!"

وقال شهود عيان: "إن قوات الأمن لم تتدخل في البداية لوقف الاعتداء، حيث أصيب المتظاهرون بالعصي وشوهدوا يطلبون المساعدة وهم يركضون، تم إطلاق الغاز المسيل للدموع في النهاية لتفريق الحشود".

ولم يشر الحريري إلى العنف في خطابه، لكنه حث جميع اللبنانيين على "حماية السلام المدني ومنع التدهور الاقتصادي، قبل أي شيء آخر".

كما دعت فرنسا، التي دعمت الحريري، جميع اللبنانيين للمساعدة في ضمان الوحدة الوطنية.

الجنيه اللبناني تحت الضغط
تعهد حلفاء لبنان العام الماضي بتمويل قدره 11 مليار دولار لمساعدته على إنعاش اقتصاده، مشروطًا بالإصلاحات التي فشلت حكومة الحريري في تنفيذها إلى حد كبير.

ولكن لم يكن هناك أي إشارة إلى الاندفاع للمساعدة.

وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي إن هذا لم يكن موقفًا ينبغي للحكومة اللبنانية أن تحصل عليه بالضرورة على خطة إنقاذ، قائلة إنه يجب عليها الإصلاح أولًا.

كما تم إغلاق البنوك لليوم العاشر جنبا إلى جنب مع المدارس والشركات.

وسعى الحريري الأسبوع الماضي إلى نزع فتيل السخط الشعبي من خلال مجموعة من الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها مع مجموعات أخرى في حكومته الائتلافية، بما في ذلك حزب الله، لمعالجة الفساد والإصلاحات الاقتصادية التي طال انتظارها.

ولكن مع عدم وجود خطوات فورية نحو سن هذه الخطوات، لم يسترضوا المتظاهرين.

كما دعا محافظ البنك المركزي رياض سلامة، يوم أمس الاثنين، إلى حل للأزمة في غضون أيام قليلة لاستعادة الثقة وتجنب الانهيار الاقتصادي في المستقبل.

وظهر سوق سوداء للدولار الأمريكي في الشهر الماضي أو نحو ذلك، قال ثلاثة من المتعاملين بالعملات الأجنبية إن الدولار يكلف 1800 جنيه يوم الثلاثاء، حيث تراجع من مستويات 1700 و1740 التي تم الاستشهاد بها.

وقال توفيق جاسبارد، الاقتصادي الذي عمل مستشارًا لصندوق النقد الدولي ووزير المالية اللبناني: "حتى لو غادر المتظاهرون الشوارع، فإن المشكلة الحقيقية التي تواجههم هي ما سيفعلونه بتخفيض قيمة الجنيه".

وتابع جاسبارد، "الغالبية العظمى من الدخل اللبناني في الليرة اللبنانية، مدخراتهم بالليرة اللبنانية ومعاشاتهم باللبنانية، ومن المؤكد أنها بدأت بالفعل في تخفيض قيمة العملة".