"الفجر" تكشف أسرارا جديدة فى عملية الانتقام لـ"الشهيد عبدالمنعم رياض"

العدد الأسبوعي

اللواء محيي نوح
اللواء محيي نوح


"عبدالناصر" زار ضابطًا مصابًا ليسمع بنفسه كيف اقتحمت قواتنا الموقع ودمرته


بصوت هادئ وعيون لامعة تذكر اللواء محيى نوح، العمليات التى نفذها ورفاقه خلال حرب أكتوبر المجيدة والتى كانت جزءاً من ملحمة النصر. رغم أن اللواء نوح درس الطب لمدة عام دراسى إلا أن عشقه للرياضة خصوصاً الملاكمة غيرت مسار حياته ودفعته للالتحاق بالكلية الحربية بطلب من أحد قادة القوات المسلحة الذى شاهد بالمصادفة مباراة ملاكمة بينه وبين أحد طلاب الكلية الجوية، سرعان ما أصبح أحد أفراد القوات المسلحة، وبدأ سنوات خدمته فى اليمن وحصل هناك على فرقة مظلات ورغم الطبيعة الجبلية الصعبة هناك إلا أنه نفذ عددا كبيرا من العمليات الناجحة أهلته للحصول على ترقية استثنائية.

بعد العودة من اليمن خدم اللواء محيى نوح، فى جنوب سيناء وتم تكليفه بعد نكسة 5 يونيو 1967، بإنقاذ الجنود العائدين من سيناء، ثم كان التكليف الثانى بالتوجه مع مجموعة من الضباط إلى رأس العش لوقف تقدم القوات الإسرائيلية المدعومة بدبابات ومدرعات وأسلحة ثقيلة وجرت مواجهة بين نوح وزملائه المسلحين بسلاح خفيف مستعينين بالحفر البرميلية والعبوات اللاصقة، وحققوا انتصاراً تحدث عنه العالم وقتئذ وساهم فى رفع معنويات القوات المسلحة.

وبعد معركة رأس العش مباشرة وفور عودته إلى القاهرة تم تكليف اللواء نوح بتأسيس فرع للعمليات الخاصة كان المسئول عنها الشهيد إبراهيم الرفاعى، الذى كان نوح يعرفه منذ حرب اليمن، وطلب الرفاعى من نوح ترشيح مجموعة من الضباط وضباط الصف والجنود ليكونوا نواة الفرع الجديد الذى ضم ضباطا من الصاعقة والفدائيين والكوماندوز، وأطلق الرفاعى على المجموعة الجديدة «39 قتال» لأنها كانت نفذت فى ذلك الوقت 39 عملية ناحجة ضد الإسرائيليين كبدتهم خسائر فادحة، وخلال حرب الاستنزاف نفذت المجموعة 92 عملية نوعية ومباشرة أوجعت إسرائيل إذ أسقطت 430 إسرائيلياً ودمرت 17 دبابة و77 مدرعة وسيارة مجنزرة و4 لوادر وغيرها من المعدات.

ويرتبط اسم اللواء نوح ببطل آخر من أبطال القوات المسلحة وهو الشهيد عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الذى استشهد خلال تفقده لأحد المواقع المتقدمة على الجبهة بهدف رفع الروح المعنوية للضباط والجنود ولكن المخابرات الإسرائيلية تنبهت لمظاهر تدل على وجود قائد كبير فى الموقع فقصفته بالمدفعية فأصيب الفريق رياض إصابة مباشرة استشهد على إثرها فى 9 مارس 1969، وهو اليوم المعروف بـ«يوم الشهيد».

«سننتقم للشهيد رياض»، لم تكن هذه مجرد جملة قالها الشهيد إبراهيم الرفاعى للمجموعة 39 قتال، والتى تضم بين أعضائها اللواء محيى نوح، ولكنها كانت توجيهاً قتالياً لقائد جناح الاقتحام للتجهيز لعملية «لسان التمساح» والتى كان هدفها الثأر للشهيد رياض بعد مرور 40 يوماً على استشهاده حيث استطلعت المجموعة الموقع الذى استهدفه لرصد عدد الجنود الموجودين فيه وأماكن تمركزهم ومواعيد دخول وخروج القوات، ونفذ اللواء نوح وزملائه اقتحاماً ناجحاً وخسر العدو أعدادا كبيرة من جنوده ومعداته فيما أصيب نوح إصابة بالغة نقل على أثرها إلى مستشفى المعادى وهناك تم إبلاغه بالاستعداد لزيارة مهمة، فتوقع أن يكون الزائر هو الرئيس جمال عبدالناصر، ليعرف الأخير بنفسه تفاصيل عملية الثأر للشهيد رياض وحجم خسائر العدو.

وبالفعل كان الزائر هو عبدالناصر حيث روى نوح له تفاصيل المعركة بالكامل وطلب عبدالناصر من الضابط الصغير أن يطلب أمنية يريد تحقيقها فطلبت أن يعود للجبهة فوراً لينفذ عملية ثانية مع زملائه فطلب الرئيس ناصر من الفريق محمد فوزى، وزير الحربية، تزويد المجموعة 39 قتال بكل ما تحتاجه من معدات وأسلحة حديثة.

ومع بدء حرب الاستنزاف زاد حجم العمليات التى تنفذها المجموعة 39، قتال خلف خطوط القوات الإسرائيلية فى عمق إسرائيل نفسها وعبر أفرادها القناة عشرات المرات ونفذوا عمليات رصد وتسلل وإعداد الكمائن وتفخيخ المواقع واستهداف الأهداف الحيوية للعدو، ومنها تدمير مطار حربى فى سيناء كانت رئيسة الوزراء الإسرائيلية، جولدا مائير، على وشك افتتاحه، وكانت هذه العملية بمثابة الصدمة لتل أبيب. وفى 6 أكتوبر 1973 جاءت لحظة الكرامة ونفذت المجموعة عمليات نوعية خلف خطوط العدو وفى قلب إسرائيل وخلال الحرب تم تكليف القوة بالتصدى لمجموعات من العدو فى منطقة «الدفرسوار» ما أجبر الإسرائيليين على التراجع، ولذا كرم الرئيس الراحل محمد أنور السادات المجموعة وأشاد ببطولاتها ووصفهم بـ«الأشاوس».