علاء عبدالهادي: أمننا القومي يرتبط بأمننا الثقافي

الفجر الفني

علاء عبدالهادي
علاء عبدالهادي


قال الشاعر والمفكر الدكتور علاء عبد الهادي، إبان تنصيبه بالإجماع أمينًا عامًا لاتحاد الكتاب والأدباء العرب: "أصحاب المعالي رؤساء اتحادات الكتاب العرب وروابطه وأسره وجمعياته ومجالسه، معالي السادة النواب، أسعد الله صباحكم، أرحبُ بكم باسم مصر وباسم الثقافة العربية.

واكمل حديثه ويشرفني أن أكونَ بينكم، وأن أشارك معكم، على نحو يؤكد دائما إن شاء الله ما يعكس تميزَ العَلاقةِ التاريخية بين اتحاداتنا منطلقين من إدراك راسخ بتوافر مصالحَ مشتركةٍ بيننا، جمعتْها التحدياتُ التي تواجه أمتنا وتزيد يوما بعد آخر، وهذا ما يدفعنا إلى القول إن أمننا القومي يرتبط بأمننا الثقافي، دون أن نتسى أن أمننا الثقافي يرتبط بأمن مثقفينا أيضا، وهذا ما يؤكدُ أهميةَ الجانبِ الخدمي الذي يجب علينا الاهتمامُ به جميعا، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق دون أن نثبتَ أركانَ التعاونِ المؤسسي الممتدَة بيننا من خلال رؤيةٍ تكاملية بين اتحاداتنا ترنو إلى تكثيف العمل المشترك، وخلق قنوات جديدة للتفاعل المثمر بين هيئاتنا لتحقيق المصالح العليا المشتركة التي نصبو إليها. 

متنبهين في ذلك إلى أخطار كثيرةِ على رأسها قضيةُ مكافحة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وضرورة فضح ممارساته في أراضينا العربية المحتلة كافة. محافظة على أهم ثابت من ثوابت ضميرنا الثقافي العربي.

أصحاب المعالي

في البداية أتقدم بوافر شكري وعظيم امتناني إلى النائب الأستاذ الشاعر سعيد الصقلاوي، رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، وشكري الخاص والوافر معالي النائب الأستاذ الشاعر يوسف شقرة، رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين، وللدكتور المكرم يوسف الحسن تقديرا لما قاما به من جهد لحفظ لحمة هذا الاتحاد، وسبحته.

كما أتقدم بشكري اإلى مجالس إدارات اتحادات كتاب الإمارات والسودان والجزائر والبحرين وفلسطين، على قراراتهم، ولاتحادات كتاب اليمن وموريتانيا والأردن، وليبيا والسعودية وعمان والعراق، والكويت ولكم جميعا. وكنا نأمل أن يكونَ الشاعر المكرم صلاح الدين حمادي رئيس اتحاد الكتاب التونسيين معنا اليوم لكن ظروفًا ترتبط بالتأشيرة –في ظل أوضاع استثنائية- حالت دون ذلك. وننظر قريبا تشريف اتحادات كتاب سوريا ولبنان والمغرب في الاتحاد العام، بعد اعتماد الانتخابات، أو إجرائها، في أول جلسة للاتحاد إن شاء الله.

ولا يفوتني أن أشكر د. خليفة إحواس ود. محمد إحظانا ود. راشد نجم على جهدهم غير المنقوص لتقريب وجهات النظر. وقد كانت كل هذه الجهود حاسمةً للوصول إلى توافق بيننا تسوده المحبة ويرفرف عليه الإيثار.

أما زملائي من هيئة المكتب ومن مجلس الاتحاد الذين كانوا يصلون الليل بالنهار للسهر على راحة ضيوفنا في وطنهم، فلهم منى كلُّ امتنان ومحبة. فلولاهم لما استطعنا في هذا الوقت القصير الذي لم يجاوز ثلاثين يوما منذ تكليف اتحاد كتاب مصر بالاستضافة وفق النظام الأساس، لما استطعنا أن يخرج هذا المؤتمر على الشكل الذي خرج عليه.

أصحاب المعالي

لا يمكن أن أخاطبَكم دون أن أعبر عن اعتزازي بروح التضامن التي دأب عليها الاتحادُ العام دفاعاً عن قضايانا، وكرامةِ مجتمعاتنا، وحقوقِ شعوبنا، وأؤكد هنا تجديدَ موقفِنا المساندِ لفلسطين، ولحقّ شعبها في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، نؤكد هنا وعيَنا بما تتعرض له أوطانُنا العربية من خطر متواتر للتطرف والإرهاب يجب أن نبادر جميعا متكاتفين إلى مقاومته على المستوى الثقافي دون مهادنة، لتجفيف منابعه, وإبطالِ مبادئه التي قام عليها. ولن يكونَ ذلك ناجعا إلا عبر دعم البنية الثقافية للمواطن العربي، فمن نفذ هذه الجرائمَ الشنعاء ليست الأيدي الملطخة بدماء الأبرياء فحسب, بل نفذتها عقول أفسدَها ضيقُ الأفق الثقافي، وغيابُ الانتماء، عقول لطختها الجهالة وملأها الحقد والضغينة.

ربما كان قرارُ عقدِ مؤتمرٍ يهدف إلى تقديم رؤية جمعية عن مشكلات السياسات الثقافية القائمة للخروج بتوصيات وقرارات عملية, ترسل إلى وزراء الثقافة العرب, وإلى جامعة الدول العربية, مبادرةً مهمةً لو وافقتم عليها وذلك سعيا إلى أن يكونَ كلُ اتحاد أو رابطة أو أسرة أو جمعية أو مجلس شريكا فاعلا في وضع السياسات الثقافية في قطره.

أما المهمة التي تلي ذلك مباشرة فتتمثل في خلق روح من التعاون بيننا, والابتعاد عن "شخصنة" الاتحاد العام, من خلال شفافية الأداء، ووضعِ آليات مشاركة جمعية وقوية ما بين رؤساءِ الاتحادات العربية, حينها فحسب يمكن أن يكونَ للاتحاد صوتٌ قوي ومؤثر في الإعلام العربي, وفي وضعِ السياسات الثقافية العربية, وفي حماية حرية الإبداع والمبدعين.

وأرى أنه من المهمات الضرورية التي تنقل اتحاد الكتاب العرب نُقلة جديدة هي البدء في وضع خطة شاملة للنشر العربي المشترك. وأنتظر أيضا أن يسهم الاتحاد وأعضاؤه في خارطة المؤتمرات ومعارض الكتاب العربية على نحو مؤثر.

وسنهتم جميعا بحماية اللغة العربية لأنها وعاءُ حضارتنا وموئلُ تاريخنا، التي ما زالت تهز وجدان الشجي، وتُبكي عينَ الغريب. وسنسعى معا إلى المحافظة على ثوابت هويتنا الوطنية. ومن أهم مهماتنا هو دعم حرية التفكير والرأي والإبداع فلا يجب أن يُمَسَّ أمنُ المثقف بسبب رأي أبداه أو معتقد اعتنقه.

التعاون في وضع مشروع تكاملي للنشر المشترك بين بلداننا من خلال هيئاتنا الأدبية والثقافية على المستويين الرسمي وغير الرسمي. هذا مع ضرورة البدء في إنشاء موقع إلكتروني متعدد اللغات ليكون سفيرا للاتحاد العام على المستويين العربي والدولي, ولن نغفل الأهمية الكبيرة لمشروعات الترجمة العكسية ولا يفوتُني هنا أن أقدم وافر الامتنتا والشكر لسمو الشيخ سلطان القاسمي راعي الثقافة العربية الأول على أكثر من مبادرة بدأ تنفيذها في هذا الصدد.

أما أهم ما نصبو إليه فهو استنفار القوى الكامنة للثقافة العربية بمختلفِ ألوانها للمشاركة والإسهامِ في العمل الثقافي المشترك، وفق خُطة استارتيجية متكاملة سنشارك حميعا في وضعها لدعم حضورنا الثقافي على المستوى الدولي. وهذا ما يتطلب المزيد من العمل والشفافية وإعادة الهيكلة، والبناء. وأهم ما في القيادة أيها القادة هو أن تستطيع أن تشارك حلمك مع الآخرين! وأن تسعى معهم إلى تحقيقه مبتدئا بترتيب الأولويات بعد تحديدها. وهذا ما نبدأ به معا إن شاء الله. بعد أن أدركنا نقاط ضعفنا ونجاوزها إن شاء الله لتتحول إلى نقاط قوة. متصدين في ذلك -معا- لكل الملفات الشائكة والمفتوحة منذ إنشاء الاتحاد وحتى الآن. قد نشكو من هِنات هنا وهناك، ربما يستصغر أحدنا ما قام به الاتحاد العام من إنجاز، لكننا نستعظِمُ ما سيأني، فالشعور بالنقص هو مبدأ الكامل، والنفور من الضعف والتراخي، هو سبيلنا إلى القوة، والركونُ إلى العقل والتخطيط هو بشير النجاح.

ولا يسعني في الختام سوى أن أجدد لكم عهدي بمواصلة التعاون الوثيق مع كل من يمدُّ يدَه في كل ما من شأنه أن يدعم من شراكتنا. ونعتذر عن أي تقصير.