امير عزام يكتب: بين السطرين

ركن القراء

امير عزام
امير عزام


تلك التي مرت من أمامي ما زلت أتخيلها وكأني أراها إلي الان منذ أول مرة رأيتها كانت حلم جميل جداً ورائع.
تتسم بالجمال والرقي والحضارة وتتفوق علي قريناتها، كانت الأولي في كل شئ حتي أنها كادت تعبر الحدود وتصنع حدوداً اخري، لكن الزمن واعدائها أبوا أن يتركوا المجال لها.

 الغيرة من أقاربها وأصدقائها وحتي جيرانها جعلهم يتمنون ما هي فيه،وسمحوا لأنفسهم أن يسألوها من هي وما سر جمالها وقوتها ؟
فقالت : إتبعوني
قالوا : إلي أين؟
قالت : بين السطرين

سأسرد لكم قصة “من صبر ربح”
فمنذ مهد الحياة، ومنذ أول الخليقة كتب مصيرها، حسناء ومثيرة للإعجاب وأيضاً للمغازلة وأحياناً للإقتراب،لكنها تأبي أبداً أن يقترب منها أحداً حتى وإن كان حبيبها.

صغيرة السن رغم طول عمرها الذي فاق الخيال، كبيرة العقل برغم كل الصعاب التي مرت بها،كريمة برغم كل الظروف التي أحاطت بها،فهي المفر والملجأ لهم،لا تخشي من أحد وتستطيع أن تنهش لحم من يقترب منها أو من شقيقاتها أو أقاربها.
محاربة عظيمة وقهرت كل من حلم بها، ما زالت عذراء كمريم بنت عمران، وأنجبت ملايين كسيل الأمطار، سمراء كسنبلة قمح يوسف وخضراء كعود الزيتون في جبل موسي.

أما طريقها فكان  “شر علي بشر يبغي”
أول من دعم الهدوء والسلام والحب والأمان،وأول من دعي للسيف عندما جاءها الأقزام، ملتزمة أسوارها ولا تخرج من قصرها،فكانت شر علي كل باغي ونقمة علي كل طاغي، كما كانت خيراً علي كل سالم وحباً علي كل زائر،قصة سلمها وحربها بطلها الناصر صلاح،وعزتها ومجدها كتبها ابن العاص،وعنادها وثباتها يشبهه الهرم الأكبر في صحراء العاصمة الكبري بعد السنين بالآف.

وحكمتها تلخصت في “إنما يعلوا من أكرم ناسه”
لها حق في أهلها وأهلها لهم حق فيها، صالت وجالت في كل مكان وفي كل ركن كتبت اسمها ولم تبخل علي ولدها، إنتصرت وهزمت وحققت المستحيل وكان لأبنائها علي مر العصور علامات في تاريخها، فتوجت أمير الشعراء وعلمت طه وأدبت العقاد وفقهت الشعراوي وتلمذت زويل، وإحتضنت الآف من أولادها وعلمتهم فهي تعرف إنما يعلوا من أكرم ناسه فأكرمتهم وأكرموها ولا زالوا يفعلون.

قالوا “لم نعرف بعد من انتي”
قالت “أنا التاريخ وأنا أول حرف من كل كلمة في عنوان قصتي،
وسر جمالي في أول حرف من كل كلمة في طريقي،
وأما عن قوتي فهي تحمل أول حرف من كل كلمة في عنوان حكمتي