ياسر رافع يكتب : ثورة شعب الأفاتار

ركن القراء

الأفاتار
الأفاتار


على كوكب بندورا تدور أحداث فيلم " أفاتار " الخيالى إنتاج عام 2009 بين الغزاة البشرالقادمون من السماء والذين خربوا كوكب الأرض وبحثوا عن كواكب أخرى ليستعمروها ويستنذفوا مقدراتها ، وبين شعب كوكب بندورا البدائى . وعلى الرغم من الخيال العلمى للفيلم إلا أنه مشى فى إطار التطور الطبيعى للأشياء ، فمقاومة الظلم والجبروت والإستعمار جينات متوارثه لكل الكائنات العاقله على كوكب الأرض أو الكواكب الأخرى !!

شعب كوكب بندورا ! شعب بدائى لم يتطور طبقا لنظرية " النشوء والإرتقاء " لتشارلز دارون ، فهو يتمتع بالشكل القريب من الإنسان لديه مشاعر وأحاسيس بشريه مع سلوك همجى يطابق سلوك الإنسان الأول على كوكب الأرض ، ولكنه لم يتطور جسديا فهم على الرغم من أطوالهم التى تبلغ الثلاثة أمتار إلا أنهم يحتفظون بذيل طويل وأصابع أيدى لا تتجاوز الأربعه فى كل كف ، مما يحوى بأن هذا الوصف مقصود لصانع الفيلم لتمرير فكرته على طول مساحة الفيلم والتى لا تفرق بين شعب متطور جينيا واخر فى أولى درجات التطور !

فعلى كامل مساحة الفيلم لم يستسلم شعب بندورا البدائى لغزو البشر لكوكبه ومحاولة إستعباده والسطو على مقدرات وخيرات الكوكب المهوله من المعادن ، وكذلك القضاء على نمط حياته الروحانى الأقرب للتصوف البشرى الممتزج بروح الطبيعه وقد تمثل ذلك فى شجرة مقدسه عظيمه هائلة الحجم يلتف حولها شعب كوكب بندورا يصلى ويبتهل ويناجى أسلافه الذى يعتقد بأنهم يتواصلون معه بدنيا وروحيا عبر تلك الشجرة .

ولكن إكتشاف البشر الغزاه لمنجم كبير لمعدن نفيس تحت تلك الشجرة المقدسه جعلهم فى صراع مباشر مع شعب كوكب بندورا المؤمن المتصوف ، ودارت مناوشات وحروب متقطعه بينهم ولكنها لم تقنع شعب بندورا بترك البشر يقطعون الشجره المقدسه وإستخراج المعادن ، ولهذا إبتكر البشر وهم الأعلى فكرا وتكنولوجيا جسدا شبيها بأجساد شعب بندورا أسموه " أفاتار " للتواصل معهم ، وهو جسد تسرى فيه الحياة عندما يدخل إنسان بشرى فى جهاز عالى التقنيه وعن طريق هذا الجهاز تلتحم مشاعر البشر مع أجساد شعب بندوار .

وعن طريق هذا " الأفاتار " حاول هذا البشرى إقناع شعب بندورا بالتخلى عن أرضهم ومقدساتهم والإنصياع لسلطان القوة الغاشمه للبشر ، ولكنه لم يفلح وبدلا من ذلك حدث له إنقلاب فى حياته ومشاعرة الإنسانيه التى تلاقت مع روحانيه وشفافيه شعب بندورا بعدما عاشرهم لشهور طويله ، وذلك بأن أصبح يناصر قضيتهم وتعلم أساليبهم الحربيه البدائيه وأضاف لها بعضا مما تعلمه من أساليب البشر فى المقاومه ، وعندما شعر البشر بأن هذا البشرى فى جسد الأفاتار قد أصبح خطرا عليهم وأنه يدعم شعب بندورا على الثورة ضدهم فقاموا بقطع التواصل بينه وبين جسد الأفاتار الذى أصبح بلا حراك كالميت بالضبط وسجنوه هو ومساعدوه من البشر الآخرون ، ثم قاموا بمهاجمة الشجرة المقدسه بكل ما أوتوا من قوة حتى إقتلعوها من جذورها وقتلوا من شعب بندورا الكثير .

ولكن البشرى المؤمن بقضية شعب بندورا وثورته ضد البشر الغزاة ، إستطاع الهرب مع مساعديه ومعه جهاز التواصل مع جسد الأفاتار ، وفى مكان بعيد فى الغابات دخل إلى الجهاز وألتحم بجسد الأفاتار وأعاد له الحياة وأستطاع التواصل مرة أخرى مع شعب بندورا وأستطاع توحيد قوى الشعب وقبائله المتفرقه وقادهم إلى التصدى لعدوان البشر الغزاه المتوحشين ، وحافظ على مقدساتهم وما تبقى من ثرواتهم وأجبر البشر الغزاة على الجلاء عن كوكب بندورا منصاعين لإرادة شعب مقاوم .

الفيلم يجسد الحلم بالتحرر وطلب الحريه للشعوب فى إطار التطور الجينى بين كائنات أرقى وكائنات أدنى فى التطور ولكنها عاقله وواعيه بأهمية الحريه ورفض الإستعباد حفاظا على مقدراتها ومقدساتها الروحيه ومكتسبات طويله من الكفاح ضد الظلم والجبروت . لكنه يطرح فكره خطيرة وهى كيف تستطيع تلك الشعوب البدائيه بالمطالبه بالحريه والإنعتاق من الظلم والجبروت أمام عدو يمتلك العلم والتكنولوجيا وكل أدوات السيطرة ؟

إن طرح فكرة جسد " الأفاتار " الذى يجمع بين العلم وتكنولوجيا العدو وروحانيه وحلم الشعب البدائى المقاوم كفكره وسيطه للتقريب بين الحلم والوسيله لتحقيقه ليست جديدة ، فمع أنها فكره خياليه فى الفيلم إلا أنها واقعيه فى حياة البشر ، وهى عندما يؤمن قطاع من السلطه بأن هناك شعب يريد الحريه ولا يملك الوسائل النهائيه للتغيير ولكنه يملك أملا روحيا بجسد بدائى من أثر الفقر والجوع ينزع إلى الحريه فهنا يتحول هذا القطاع للإلتحام بجسد الشعب ويتحول إلى أفاتار ثائر ضد تغول السلطه ومحققا لأمال الشعب فى الحريه ، وساعتها لن يفرق الشعب بين ثورته و ثورة قادها مؤمنون بالحريه فى أجساد الأفاتار .