كيف تتصدى الدولة المصرية لحرب الشائعات؟

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


خلال مؤتمر الشباب الأخير للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي عقد السبت الماضي بقاعة المنارة بالقاهرة الجديدة، أكد على أن ترويج الأخبار الكاذبة في أوقات الأزمات والمراحل الحرجة والانتقالية، لا يكون من قبيل المصادفة، بل ثمة جهات معينة تتعمد ذلك، من خلال تشويه الحقائق ووضعها في غير سياقها، واستخدامها كحرب نفسية لتحقيق أغراض سياسية.

هذه الظاهرة لم تكن جديدة على مصر، إذ تتعرض لها من ما يقرب من 8 سنوات، صار خلالها المواطن مشوشًا، والكثيرون يتعاملون مع تلك الأخبار على كونها حقيقة، لا سيما أن ثمة حالة من الاستقطاب الحاد التي تسود المجتمع تعززها حروب إعلامية غير مفهومة التوجهات في الداخل والخارج، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أم عبر مواقع وقنوات إخبارية مضادة، حيث تعرضت مصر في الفترة الأخيرة إلى ما يقرب من 23 ألف شائعة.

مرصد مواجهة الشائعات
حاولت الحكومة المصرية مواجهة تلك الإشاعات، حيث بادر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بتكليف المتحدثين الرسميين للوزارات بضرورة التواصل المستمر مع مختلف وسائل الإعلام، مشدداً على ضرورة مواجهة الإشاعات التي تبث بصورة شبه يومية، وذلك عن طريق الإسراع بتوضيح الحقائق أولاً بأول، مؤكداً أن عرض الحقائق من شأنه محاربة الشائعات.

لم يعد تجاهل الأخبار الكاذبة وسيلة لموتها كما كان في السابق، بل أضحى بمثابة ترسيخ لها لذلك تسعى الحكومة المصرية عبر عدد من الإجراءات إلى مواجهتها في مهدها. 

وحول خطة واستراتيجية الدولة لمواجهة تلك الشائعات أوضح المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء هاني يونس في تصريحات سابقة، أن بعض الوزارات اتجهت إلى إنشاء مرصد لمواجهة الإشاعات، بخاصة أن مصدرها الأول يأتي يتم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ويضم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري مرصداً يتابع الأخبار المفبركة والإشاعات، وتقوم آلية العمل في هذا المرصد على البحث عن أي إشاعة أو أخبار غير منطقية على وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.

وعن آلية التحقق من مصادر الأخبار ومدى صحتها وانتشارها وتأثيرها، يتم استجلاء الحقائق ومواجهة الأخبار المغرضة، ثم التواصل الفوري مع الجهة المختصة، لنفي أي أخبار مغلوطة، كما يصدر تقرير شبه يومي، يضم الإشاعات وتكذيبها وتفنيدها وتوضيح الحقائق كاملة للرأي العام، وتوثيق هذا التقرير عبر شرح أسباب إطلاق مثل تلك الإشاعات، والحرص على إصدار هذا التقرير دوري منتظم.

قانون تداول المعلومات 
وفي الوقت الذي عمت فيه الشائعات، تعالت الأصوات المطالبة بإقرار قانون لحرية تداول المعلومات الذي يتيح الحق في الحصول على البيانات من الجهات الرسمية وفقاً لما أقره الدستور، الأمر الذي سيحد من انتشار الإشاعات ورواجها، فمنذ سنوات وهناك أصوات مكالبة بضرورة إصدار هذا التشريع، حيث يساعد غياب المعلومة بيئة خصبة للمعلومات الكاذبة.

القانون الأساسي في العقوبات ينظم هذا الأمر، من خلال العقوبة التي توقع على الشخص الذي يرتكب هذا الفعل، حيث يُعتبر تشريع عام ليس موجهًا لفئة بعينها، ويخاطب أي شخص على أرض مصر من أي جنسية أو مهنة.

"السوشيال ميديا".. طريق ممهد نحو الشائعة
تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي، بيئة خصبة لنشر لشائعات، وذلك لما تحققه من انتشار هائل وفي مدة زمنية قصيرة، لذا فهي تعتبر المكان الأمثل لذلك، فبحسب الإحصائيات الأخيرة، وصل عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق الهاتف المحمول إلى نحو 3.2 مليار شخص، في حين بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في العالم 4.3 مليار، من أصل 7.6 مليار.

كما أظهرت الإحصائيات معدل زيادة مستخدمي مواقع السوشيال ميديا، والذين يصلون لتلك المواقع عبر هواتفهم المحمولة بنسبة10% سنويًا، في حين تبلغ نسبة زيادة عدد مستخدمي الإنترنت بشكل عام 10% سنويًا، مقابل زيادة عدد سكان الأرض بنسبة 1.1%، أي أن زيادة مستخدمي الإنترنت تفوق بأضعاف الزيادة السنوية لسكان الأرض، وإذا ظلت الزيادة تنمو بنفس معدلاتها، فمن المتوقع أن تصل نسبة مستخدمي الإنترنت في العالم إلى 80% وذلك بحلول عام 2030. 

تلك النسب الكبير في زيادة أعداد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وضعت الجميع أمام حقيقة لا مفر منها، وهو كيفية مواجهة هذا الاحتلال والصراع الذي يتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والأهم كيفية إعداد أدوات جديدة، تضاهي آليات الحرب الجديدة، وتك قادرة على الرد السريع والقاطع على ما تكبته لوحات الهواتف المحمولة، التي يحملها أكثر من ثلث سكان العالم.