ياسر رافع يكتب : الطائرات المسيرة .. واقع عسكرى وإقتصادى وسياسى جديد

ركن القراء

الطائرات المسيرة
الطائرات المسيرة


من يتابع تطورات الحرب فى اليمن بين قوات التحالف العربى الداعم للشرعيه اليمنيه بقيادة السعوديه والإمارات ضد قوات الحوثيين أو ما يعرف بأنصار الشريعه المدعومه من إيران فإنه يدرك أن هناك حقائق بدت مؤكده على أرض الواقع العربى والإقليمى منها السياسى وما هو عسكرى و إقتصادى ، فالحرب فى اليمن أصبحت بطول أمدها وعدم وضوح الرؤيه حول نهايتها تؤشر على حقائق عسكريه لا تخطأها العين منها أنها الحرب الوحيده فى التاريخ التى أستخدمت فيها الصواريخ الباليستيه بكثافه عاليه وهو الأمر الذى جعل من صفقات السلاح الخاصه بأسلحة الدفاع الجوى مطلبا ملحا لدول الشرق الأوسط كله ، وهو ما أطلق إشارات التحذير فى جميع أنحاء العالم من أن إستخدام الصواريخ الباليسيته أصبح شيئا معتادا وبكثافه فى يد من يملكها وخاصة الجماعات المسلحه حول العالم .
ولكن طبقا لتفاهمات سياسيه من خلف الستار وخوفا من تصاعد وتيرة الصراع الإقليمى إلى مراحل حرجه تنذر بحروب إقليميه أشد ضراوه وأكثر تكلفه فقد تباطأت وتيرة إستخدام الصواريخ الباليستيه وظهر لاعب أشد فتكا وأقل تكلفه جعل من الحرب فى اليمن ميدانا كبيرا لكل دول العالم لتتعلم وتجرب طائراتها المسيره عن بعد بعدما جرى أكبر إستخدام للطائرات المسيره – الدرونز – فى أى حرب فى التاريخ منذ ظهور تلك الطائرات ، إنها طائرات تكلفتها بسيطه كانت فى الإساس مصنعه لمهام بسيطه ثم تطورت وأستخدمت حربيا ونظرا لتكلفتها البسيطه فقد تم إستخدامها بدلا من الطائرات الحربيه الكبيره التى تصبح هدفا للدفاعات الأرضيه وهو ما يقلل من تكلفة الحرب بل يكلف دفاعات العدو كثيرا حيث أن إسقاط طائره مسيره واحده  لا تتكلف أكثر من بضع آلاف من الدولارات يحتاج إلى صاروخين على الأقل من صواريخ الدفاع الجوى لإسقطاها بملايين الدولارات ، وقد تكفلت الحرب فى اليمن بتجربة طائرات مسيره جديده إنتحاريه على مسافات بعيده مستخدمه الأقمار الصناعيه وأصابت أهدافها بدقه متناهيه مما غير من الواقع العسكرى والإقتصادى حيث أصبحت تلك الطائرات المسيره تستهدف منشآت النفط والغاز وهو ما جعل العالم ينتبه إلى أن الطائرات المسيره قد حفرت مجرى تاريخى جديد فى منطقة الشرق الأوسط .
الطائرات المسيره بما أنجزته فى الحرب اليمينه فإنها قد خلقت واقع عسكرى جعل من تكلفه إمتلاك صواريخ باليستيه أمرا يمكن التنازل عنه لصالح طائرات مسيره إنتحاريه تقوم مقام تلك الصواريخ خصوصا وأن تكلفة تصنيعها ميسوره وسهله وقليلة التكاليف ، وتستطيع من خلالها الدول التى تمتلكها أن تحقق نجاحات ضد أعداءها فى العمق ونقل المعركه على بعد مسافات بعيده من حدودها .
ومع تطور الحرب فى اليمن وإستخدام الطائرات المسيره بكثافه دخل عامل جديد لإستخدام تأثير تلك الطائرات على الوضع الإقتصادى للدول المتحاربه ، فقد جرى إستهداف منشآت إقتصاديه كالمطارات وخطوط ومصافى بترول سعوديه بهدف التأثير على السعوديه والإمارات لإنهاء الحرب وهو ما أمتد أثره حتى خارج المنطقه وأصبحت الطائرات المسيره وأهدافها البتروليه فى السعوديه خبرا تنتظره دوائر المال والأعمال والبورصات العالميه وتتحسب لإحتمالات تأثيرها على مؤشرات الإقتصاد العالمى ، ولعل الإستهداف الأخير لمصافى شركة أرامكو السعوديه للبترول فى محافظه بقيق هو الأهم حيث أفقد العالم نصف إنتاج السعوديه من البترول ولمدة أسابيع قادمه مما ينذر بموجه من إرتفاعات الأسعار العالميه ، مما يجعل من الطائرات المسيره أحد المحددات التى تضع خطوطا للصراع الإقتصادى بين دول المنطقه خاصة مع تهديد إيران بإنها لن تجعل أى دوله تصدر بترولا فى حال تم منعها من تصدير نفطها بواسطة الدول الكبرى .
ومع التطورات العسكريه والإقتصاديه التى أحدثتها الطائرات المسيره عن بعد فى المنطقه فإنها قد خلقت واقعا سياسيا جديدا جعل من إيران لاعبا سياسيا يستطيع الوصول إلى أى مكان فى المنطقه عبر التنظيمات المواليه له والتى تتسلح بتلك الطائرات الفتاكه ، وجعل من إسرائيل لاعبا مرغوبا فى التعامل معه تكنولوجيا حيث إنها الدوله رقم واحد فى العالم المصدره لتلك الطائرات العالية التقنيه .
الطائرات المسيره خلقت واقعا على الدول العربيه أن تتعامل معه بواقعيه شديده وبتعاون وثيق حتى لا تفاجئ بأن سماءها أصبحت مستباحه لتلك الطائرات من دول إقليميه لا تريد الإستقرار لها .