مصطفى محمد يكتب .. سوبر الخليج .. الأول للملك أم الخامس للفرسان؟

ركن القراء

بوابة الفجر


هناك مثل فرنسي يقول « الفهم القليل خير من الفهم السيئ »

مباريات الكؤوس لها طابع خاص، والسوبر أكثر خصوصية، كونه مباراة ببطولة، وكونه في افتتاح الموسم، وقبل أن تصل معظم الفرق لأعلى منحنى فني معبر بشكل حقيقي عن ما تمتلكه من قدرات وامكانات، والتي ستظهر أكثر في مسابقة الدوري، فهي الكاشفة للفوارق وللجاهزية الفنية، لذلك يفوز بالدوري فقط، الفريق الأقوى في كل شيئ.

ومن هذا المنطلق، عزيزي القارئ، المتشوق للاستمتاع بمباراة كأس السوبر 2019..

وصديقي العاشق سواء لقلعة « الملك الشرجاوي »، بطل الدوري، أو لكتيبة «فرسان دبي»، حاملي لقب أغلى الكؤوس..

من فضلك لا تبني توقعاتك لنتيجة سوبر الخليج العربي، وفقاً لما شاهدته من مستوى شباب الأهلي_دبي والشارقة في 3 مباريات، افتتح بها الفريقان الموسم الجديد، أو تبعاً لتحضيرات وفترة إعداد كل منهما المتباينة..

لو فعلت ذلك، وهذا حقك، فغالباً سوف ترشح شباب الأهلي، الأكثر جاهزية فنية وبدنية والمنتشي بميركاتو هو الأقوى بين أنديتنا من حيث الاحتياجات الفعلية وربطها بالتطلعات المشروعة، والذي خاض فترة إعداد نموذجية لفريق ساعي بجدية للسيطرة على الألقاب المحلية.

ولكنك بهذا التفكير،من وجهة نظري، ربما تسير في الطريق الخاطئ لفهم طبيعة وسياق اللقاء، وسيكون لزاماً عليك أن تتجه ( U TURN ) لتستمع لرؤية تبدو مختلفة نسبياً!

 

سيناريوهات المباراة

المشهد الأول

مفاتيح المباراة في يد الشارقة، فلو غامر المايسترو العنبري في البداية ولعب مباراة مفتوحة من دون عمق وكثافة في وسط الملعب باستخدام أفضل لاعبي ارتكاز في دورينا ماجد سرور والشبح العائد بقوة شكروف، وإذا منح مدرب الشارقة واجبات هجومية مبالغ فيها لظهيري الجنب الحسن صالح في اليسار والظنحاني أو البرازيلي الوافد الجديد ماركوس ميلوني. وإذا غابت المساندة الدفاعية وسرعة الارتداد من الثلاثي مينديز- إيغور – سيف راشد!

 

فهذا يعني ظهور مساحات في الثلث الأخير لملعب الشارقة، ومن المؤكد سوف يستغلها خيول شباب الأهلي فائقة السرعة إسماعيل الحمادي، والزئبقي محمد جمعة (بيليه) ومعهما هنريكي لوفانور، في ظل وجود المكوك الذكي ليوناردو صاحب التمريرات المتقنة والاختراقات القاتلة.

في هذه الحالة ستصبح فرص الفرسان لخطف اللقب الخامس في عصر الاحتراف كبيرة، وسيزيد من حظوظهم لو قرر الثعلب الهادئ أروابارينا اعتماد طريقة 4-2-3-1، التي خاض بها أخر مواجهتين رسميتين ضد الجزيرة والنصر، والتي منحت الأرجنتيني سيطرة كبيرة على مجريات اللعب وتكفل المنافسون بإكمال المهمة.

فأي فريق مترهل مندفع أو غير منضبط تيكتيكياً، سيخسر بنتيجة ثقيلة أمام شباب الأهلي المنظم، السريع، المنضبط، والأعلى لياقة وحيوية في كرة الإمارات حالياً.

 

المشهد الثاني

إذا لم يتعلم الأرجنتيني رودولفو أروابارينا، من درس الخسارة، ذهابا إيابا، أمام الشارقة في الموسم الماضي، وإذا طبق طريقة 4-1-4-1 بضغط عالي والتي جربها في الجولة الأولى من كأس الخليج العربي ضد العين، والتي أظن أنه يريد مباغتة الشارقة بها!

وصحيح هذا الأسلوب الهجومي سيربك العنبري وسيضعه تحت ضغط كبير، خاصة لو نجح شباب الأهلي في التسجيل مبكراً، إلا إنها ليست أفضل الخيارات في رأيي.

بل ربما تكون أمنية للعنبري أن يواجهه أروابارينا بهذه الطريقة!

فبطل الدوري لديه طريقته الثابتة 4-2-3-1 بصبغة متحفظة، تعتمد على خلق المساحات للقادمون من الخلف، واستغلال انطلاقات الجناحين مينديز وسيف راشد من الأطرف، وإيغور من العمق، وزاد عليهم دبابة الملك الجديدة، ريكاردو جوميز،

والذي منح كتيبة العنبري فاعلية هجومية مؤثرة بإجادته للتسديد بكلتا القدمين من خارج منطقة الجزاء، بالإضافة لتميزه في اقتناص الكرات العرضية للتسجيل وفي الالتحامات بألعاب الهواء، مما يجعله محطة مهمة للكرات الطولية التي يعتمد عليها العنبري في نقل الهجمة إلى نصف ملعب المنافس،

وبالتالي سيتجنب خطورة الضغط العالي الذي يسعى شباب الأهلي إلى تطبيقه، حيث أن الشارقة لا يميل إلى التدرج في تحضير الهجمة من الأسفل، ولا حتى يجيده.

 

وبناء عليه فإن واقعية العنبري إذا ما ظهرت على أرض الملعب، بالتركيز على التفاصيل والجزئيات و الاستفادة من الكرات الثابتة الحاسمة، وغلق الأجناب دفاعياً جيداً وخلق كثافة عددية في وسط الملعب، ثم الضغط واختراق عمق دفاعات شباب الأهلي، بالإضافة إلى مدى قدرته أو نجاحه في زرع الثقة في نفوس لاعبيه، فستكون تلك هي أهم العوامل لعبوره هذه (المحنة) الكروية وتحقيق اللقب الأول للملك في عصر الإحتراف!

 

مشهد الختام.. معركة الوسط

في كرة القدم الحديثة يطلق على وسط الملعب منطقة المناورات، ومن يسيطر على الوسط دفاعيا وهجوميا يكون هو الأقرب للانتصار، وخاصة في المباريات النهائية التي تتسم بالصراع لفرض الهوية على المنافس في الميدان.

ورغم أنه قد يبدو من الظاهر للعيان أن الأفضلية والمرونة التيكتيكية في منتصف الملعب، تصب في صالح شباب الأهلي، في ظل اعتماد منهجية أداء الفريق على الاستحواذ، وفي ظل وفرة العناصر الجاهزة بعد الانتدابات الجديدة، بالسويسري فيدريكو كارتابيا و ديفيد مارياني و البرازيليين ليوناردو سباداسيو، ويسلي بيريرا، بالإضافة إلى ماورو دياز و ماجد حسن، وسعود عبدالرزاق.

في مقابل اختيارات تبدو محدودة أمام العنبري، من حيث عدد اللاعبين المميزين في مركز الوسط المدافع.

إلا أن عامل الانسجام والترابط بين الخطوط يصب في صالح الشارقة، الذي سيخوض اللقاء بتغيرات محدودة للغاية عن تشكيلة الموسم الماضي، مع احتفاظ الفريق بنفس نسق واسلوب اللعب، الذي أشرنا إلية سابقا، مما يمنح الشارقة قدر أكبر من التجانس والتفاهم، وهو العامل الأهم في مثل هذه المباريات في بداية الموسم.

في الأخير.. سيفوز بالسوبر الفريق الذي يرتكب أقل عدد من الأخطاء، ومن لديه أعلى درجة ثبات انفعالي، خاصة في حالة التراجع في النتيجة.

وفي رأيي فإن الفريق الذي سوف يهتم بالفاعلية على حساب فرض الشخصية على مجريات اللعب، ويسعى لترجمة أقل عدد من الفرص إلى أهداف، هو من سيصعد على منصة التتويج ويحقق البداية المثالية لموسم نتوقعه مشتعل على القمة بين 5 أندية، كلها جاهزة لحصد الألقاب.