عم عنتر أقدم من سكن البارون يحكي عن "البرج والسرداب وحقيقة أساطير القصر"

أخبار مصر

محرر الفجر وعم عنتر
محرر الفجر وعم عنتر


قصر البارون دائمًا ما تحيط به الحكايات وتنسج حوله الأساطير، ولن نكن مبالغين إن قلنا أن القصر هو أحد أشهر الأماكن الأثرية خلال العقود الثلاثة الماضية رغم أن قيمته التاريخة أقل من أماكن أخرى تفوقه تراثيًا، وقد تكون لتماثيل قصر البارون دورًا بشكلها لغريب في إضفاء جو من عبق سحر الشرق عليه.

وحول البارون قالوا، "إنه يدور حيثما دارت الشمس"، و"إن برجه كان يدور وحزن لموت شقيقة البارون"، و"إن به سردابًا يصل إلى مناطق أخرى في حي مصر الجديدة"، وكي نقطع الشك باليقين حول هذه الأساطير التقت كاميرا بوابة الفجر الإلكترونية مع العم حسب الله جاد أحمد الشهير بعم عنتر وهو من مواليد عام 1940 م، والذي عاش في قصر البارون وكان القصر في رونقه وبهاؤه قبل أن تمتد له يد الزمن وتصيبه بما تصيبه.

وداخل ورشته المتواضعه، في شارع سوهاج بحي مصر الجديدة، بدأ عم عنتر يسرد لنا الحكاية، وعن أول انطباعاته وكم كان عمره حينما دخل للقصر.

ويحكي لنا عم عنتر أنه ولد عام 1940، وانتقل ليقيم في القصر مع خاله والذي كان يعيش فيه بصفته شيخ الطباخين، وذلك في عام 1946م، أي منذ ما يقرب من 75 عامًا، وكان عمره في ذلك الوقت فقط 7 أعوام وظل من نزلاء القصر مدة 7 أعوام أخرى، ليفارقه ويعيش جوار القصر مدة 25 عامًا تالية قبل أن ينتقل لمكانه الحالي.

وقال عم عنتر إنه دخل القصر في السابعة، وكان كله شوقًا كي يرى أشكال التماثيل المخيفة التي يراها الجميع من خارج الأسوار حين مرورهم، والفضول عنده غلب الخوف، وكلما جاءت الفرصة عبر سنى عمره كي يتطلع لتلك التماثيل عن قرب كان ينتهزها. 

وحول دوران القصر حول محوره كما يدعي الكثيرين، قال عم عنتر أن هذا غير صحيح، ولكن القصر معماريًا كان مصمم كي يضوي مع ضوء الشمس وكانت المساحة حوله خالية، فكان كل من يراه من زاوية مع إنعماسات الشمس يتخيل وكأنه قد دار حول محوره، فهي حيلة وخدعة معمارية فقط لا غير أما القصر فكان ثابتًا لا يتحرك.

وحول البرج الذي دارت حوله الأساطير وقال الجميع إنه كان يدور مع قرص الشمس ولكنه توقف حزنًا على وفاة أخت البارون، فقد نفى عم عنتر هذا الكلام بشكل قاطع وقال أن البرج كان ثابتًا بشكل دائم، ولم يسمع أي غشارة حول تلك القصة من أهل القصر أو المحيطين به، وبالطبع الأبحاث الأثرية الحديثة أيدت هذا الكلام.

وحول البدروم وهل كان هناك سراديب سرية فقد فجر عم عتر مفاجأة، حيث قال إنه كان هناك بالفعل سرداب بالبدروم، بل وقد سار فيه بالفعل، وهناك علامات دالة عليه ولكنه لا يجدها الآن، وأشار إلى أن الكثيرين عبر 70 عامًا مضت بحثوا عنه ولم يجدوه، وأضاف أن الأثريين قد أيدوا كلماته وبالفعل هناك إلى ما يشير إلى أن هناك سردابًا على حد قوله.

وعبر عم عنتر عن سعادته وتقديره لسماح الرئاسة ورئاسة الوزراء له بالدخول إلى القصر مرة أخرى الأسبوع الماضي برفقة رئيس الوزراء حيث استعاد ذكريات الطفولة، فهو يحفظ كل ركن بالقصر، وكل مكان سمح له بالدخول فيه.

وفي لقاء سابق له مع الفجر قال عم عنتر إن القصر كان أقسامًا الأول قسم خدمات القصر والذي كان يتركز في البدروم، ويسكنه السفرجية ومدربي الخيل والسائقين وعمال الصيانة، ومن الداخل كان أقسام، القسم الأول باب الدخول أو الاستقبال ويليه صالة ضخمة ثم أدوار الأول منها السلاملك، ثم الحرملك الخاص بالحريم، وكانت هذه الأدوار محرمة تمامًا على أي من الخدم، فقط كبير السفرجية الذي كان يرى البارون أو أحد من أسرته، وبالطبع هو لم يعاصر البارون بالطبع بل أولاده، وكانوا يفضلون المأكولات الصحية من مشويات ومسلوق، ويحرصون على تناول كميات كبيرة من الجزر الذي كان يدخل في الكثير من مأكولاتهم، أو في المقبلات.

وقال "كان الجزر بيجي في عربيات" تعبيرًا منه على حرص أهل القصر على تناوله كما تحدث عن لون القصر منذ 75 عامًا حيث قال إن اللون الحالي للقصر هو أفتح قليلًا من درجة اللون القديمة، الذي كان أحمر اللون ولكن أغمق، ووصفه بـ "الفسفوري" أحمر غامق والحالي فاتح قليلًا، وكان له انعكاس جميل مع الشمس.

وأكد أن اللون تغير بسبب تعرض الواجهات للشمس والأتربة لفترة طويلة دون صيانة، حيث كان القصر تُجرى له عمليات صيانة دورية سنوية في عهد البارون وأسرته، وخلال الأربعين عامًا الماضية -والكلام لعنتر- ومنذ عام 1976 هُجر القصر وتعرض لإهمال كبير وذلك منذ وفاة ابن البارون في بلجيكا والذي زار مصر مرة واحدة، مما أدى للبهتان والتغير الذي أصاب اللون، والذي عاد الآن لسابق عهده.

ويعتبر قصر البارون إمبان في ضاحية مصر الجديدة بشكله الفريد، وبرجه المميز، وتماثيله الغريبة، أحد الطرز المعمارية النادرة والفريدة في مصر، وقد استقى البارون تصميم قصره من المعابد الكمبودية الهندوسية، والبارون إمبان زار معرض العمارة العالمي في باريس وأعجب بمعرض المعماري ألكسندر مارسيل الذي اشترى منه ثلاثة قصور كان منها هذا القصر.

والقصر مبني بالخرسانة المسلحة ومزين بتماثيل وزخارف على الطراز الكمبودي الهندوسي وبني على تلة من الرمال مواجه لواحة هليوبوليس ومن خلفه الصحراء، ويعتبر معبد أنغكور وات وهو مجمع معابد يقع في منطقة أنغكور في كمبوديا، والذي شيده الملك سرفارمان الثاني في بداية القرن الثاني عشر ليكون المعبد الرسمي للدولة وعاصمتها من أبرز الأمثلة التي حاكاها المهندس ألكسندر مارسيل ليبتكر تصميمه الفريد والذي أعجب به البارون إمبان وقرر أن ينفذه في قصره أحد علامات ضاحيته الجديدة في القاهرة.