تامر بجاتو يكتب: بين فشل القمة الكروية وإنجاز اليد المصرية

الفجر الرياضي

تامر بجاتو
تامر بجاتو


جلست أشاهد كأي مشجع مصري و محب لكره القدم مباراة القمة بين قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك؛ لأفاجأ بمستوي جعلني أدرك تمام الإدراك أنني وقعت فخًا في حلقة مستديرة   بسلسلة الإحباط الكروي؛ التي بدأت بضعف مستوي الدورى فنيًا وإداريًا؛ مرورًا بالمنتخب  وإخفاقه منقطع النظير بكأس العالم بروسيا؛ فضلاً عن  تدني مستوى الأجهزة الفنية واللاعبين تحت إدارة اتحاد الكرة غير المحترف، و الفاقد للرؤية والنظام.


أدركت أننا موعودون بلقاء طوفان الانهيار الكروي القادم لا محالة، ولن يراه سوي من يدرك أن إدارة المنظومة الرياضية  لها أسس وقواعد  علمية راسخة؛ لا يمكن اختزالها في إبرام الصفقات وعقود الرعاية والإعلانات، وتدشين الاتفاقات والتربيطات والمواءمات مع الأندية الصغيرة للفوز بمقاعد الانتخابات .


أمام هذا المسلسل من التخبط والعشوائية؛ لم يكن غريبًا إصابة فيروس الانهيار المصحوب بأمراض الفساد والواسطة إلي قطاعات الناشئين بالأندية، وعدم انتقاء المواهب إلا بالمحسوبيات والرشاوى، إلي جانب مجاملات اتحاد الكرة في اختيار مدربي الناشئين، وهو ما أفرز اختفاء المواهب؛ باستثناء محمد صلاح الذي أعاد لمصر سمعتها في كره القدم، و بدلًا من الاستفاده منه لصالح الكرة؛ واصل اتحاد الكرة مسلسل سقوطه في التعامل معه كسلعة، وليس كقيمة قومية متنامية الأهمية.


لقد آن الوقت لفتح ملف الصفر المونديالي؛ الذي لعب اتحاد الكرة دور البطل فيه؛ بدءًا بمشكلة الإعلانات قبل المونديال، وإقحام "صلاح" في مشاكل إدارية وتسويقية؛ وما أعقبه من مظاهر فساد إداري في سفر المنتخب، ودفع الغرامة التي وقعت على" صلاح"، و سفر المنتخب الى بلد أجنبية، و مقابلة اللاعب لرئيس بلد أجنبية ليس لها صلة بسفر المنتخب واشتراكه في كاس العالم، ثم جاء مسلسل الملابس الرياضية، لذا لم يكن غريبًا تدني المستوى الفني للمنتخب في جميع المباريات،  وإهدار المال دون أي عقاب أو محاسبة؛ ومن ثم تكرار مسلسل الفشل  بكأس إفريقيا، الذي شهد ميلاد مظهرًا آخر للفساد ، وهو السمسرة في  اختيارات اللاعبين والجهاز الفني المتورط مديره في واقعة "مقامرة"؛ ليسقط الفريق في فخ الخروج من دور الـ16 أمام جماهيرنا وفي عقر دارنا.


وكي لا يتحول مقالي إلي سردًا طويلًا من التنظير؛ أضع أمام القراء بعض الاتهامات ومظاهر الفساد المتسببة فيما آلت إليه الكرة المصرية؛ وأبدأ بانهيار البنية التحتية للكره وهي قطاع الناشئين؛ التي تعاني امراض تفشي الوسطة والرشاوى دون رقيب، و إهدار المليارات على الكرة المصرية، والنتيجة صفر مونديالي يعيد إلي الأذهان صفر تنظيم مونديال جنوب أفريقيا 2010.

 

وعلي مستوي الإعلام الرياضي يأتي جليًا في الأفق تضارب مصالح أعضاء اتحاد الكرة، و ظهورهم المتكرر، سواء كضيوف أومقدمي برامج أو محللي مباريات بالفضائيات؛ حيث تتجسد أغرب مشاهد الفساد والفشل في تحليل بعضهم ومعالجتهم لأسباب فشل المنظومة الرياضية؛ بالرغم من كونهم المسئول الأول والأخير عنه، فضلا عن تدني مستوي  المضمون الإعلامي المقدم بالبرامج الرياضية،  واستهزاءها  بذوق المشاهد، والاستخفاف بعقله.


عزيزي القاريء صدق أولا تصدق أن الدوري المصري المتدهور تنظيميًا وفنيًا قد أقيمت مبارياته على مدار 362 يومًا؛ من المسئول عزيزي القاريء عن تحول الدوري المصري لدوري دوري شركات؟ من المسئول عن عمولات و سمسرة اتحاد الكرة واحتكار السماسرة لكرة القدم؛ علي صعيد كل من  الدوري و المنتخب.


وأمام هذا الإخفاق والفشل؛ كان لزاما تسليط الضوء علي الإنجاز الهائل لكرة اليد المصرية، بحصول منتخبنا القومي للشباب علي برونزية كأس العالم، ونجاحه في احتلال صدارة مجموعته بالبطولة؛ بل وكونه الفريق الوحيد الذي حقق الفوز علي منتخب فرنسا بدور المجموعات؛ قبل أن تنجح فرنسا في إقصاء منتخبنا بالدور قبل النهائي وتحقيق اللقب .


حقًا يستحق هذا المنتخب – الذي رفع اسم مصر عاليًا- أسمي آيات الإشادة والتكريم ، وتستحق بطولات اليد المحلية والقارية علي صعيد الأندية والمنتخب حظًا أكبر في التغطية الإعلامية ، وبث مبارياتها ،واستضافة أبطالها ، والحرص الأكبر من الدولة علي التقدم بملف استضافة البطولات العالمية لهذه اللعبة ، مثلما استضفنا بطولة العالم لكرة اليد منذ عشرين سنة بصالاتنا المغطاة ، كما يستحق هذا المنتخب المشرف إرسال جاليات جماهيرية لتشجيعه ومؤازرة لاعبيه ومدربيه ببطولاتهم العالمية ، وتستحق اللعبة التوسع في بنيتها التحتية من ملاعب ونوادي ومراكز شباب مؤهلة لممارساتها ،وإعداد كوادر من البراعم والناشئين ،وتدرجهم بالفرق القومية المختلفة.