تكرار غياب الموظفين يحول القطاعات الخدمية في قطر لممرات تعذيب

عربي ودولي

الموظفين
الموظفين


مع دخول فصل الصيف يبدأ المواطنين والمقيمين بدولة قطر رحلة من المعاناة السنوية تتمثل في غياب تام للخدمات بالقطاعات الحكومية التي ينتشر فيها الفساد والمحسوبية، بسبب الترهل الحكومي الذي كرس الحمدين لوجوده في قطر، وفقا لقطر يلكيس.

 

واشتكى عدد كبير من المواطنين في دويلة الحمدين، من تعطل مصالحهم بسبب الغياب المتكرر للموظفين، وخلو المصالح الحكومية من العاملين بها بشكل لافت، محملين حكومة تميم التي انصرفت عن مهامها المتمثلة في رعاية مواطنيها، لصالح دعم المجموعات الإرهابية، واللهث خلف "الشو" الإعلامي لصناعة وجه مزيف للأمير الصغير وأذنابه في الدوحة.

 

ولفتوا إلى أن المؤسسات الحكومية أصبحت خاوية من الموظفين ويحتاج الشخص لأيام متتالية لإنجاز مصلحته، أو يلجأ لطرق أخرى عبر المعارف والأقارب لكي يتمكن من إنجاز مصلحته في كثير من القطاعات الخدمية.

 

وسلطت تقارير صحفية محلية الضوء على قضية تكرار غياب الموظفين في قطر، مؤكدة أن التجاوزات في الإجازات والغياب غير المبرر للموظفين في الجهات الحكومية تمثل إشكالية كبيرة تؤثر سلبا على أداء  العمل، خاصة في الجهات الخدمية التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور، وهو ما يتسبب في تأخير إنجاز المعاملات وتعطيل الأداء.

 

وذكرت أن هذه الظاهرة تتضاعف بشكل كبير مع دخول فصل الصيف، حيث تكثر إجازات الموظفين بشكل غير مدروس في معظم الجهات، إذ يتسبب ذلك في تعطيل مصالح المواطنين، نظراً لقلة أعداد الموظفين في معظم المؤسسات.

 

وبسبب غياب الرقابة الحكومية والإدارية يتفلت كثير من الموظفين عن أعمالهم، وهو ما يرجعه كثير من القطريين لانتشار الفساد والمحسوبية في بعض القطاعات الحكومية، إضافة لتقديم مبدأ التبعية على الكفاءة في التعيين الحكومي في غالبية القطاعات الحكومية، وهو ما يتسبب في خروج جيل مستهتر من الموظفين.

 

وقالت صحيفة الشرق المحلية المقربة من نظام تميم بن حمد، إن آلية منح الإجازات في بعض الجهات عشوائية وغير مدروسة، لذلك يتكرر غياب الموظف غير المبرر عن عمله دون حساب، والذي بدوره يؤثر سلبا على سير العمل داخل المؤسسات والجهات.

 

وطالبت الصحيفة بضرورة وضع آلية مدروسة لتحديد إجازة الموظف، خاصة خلال فصل الصيف، لعدم المساس بنظام العمل ومصالح المواطنين والمراجعين.

 

وقال أنور الطيري (موظف) إن القانون حدد أنواع الإجازات التي يستحقها الموظف وبالتالي فإن أي تجاوز من قبل الموظف يعتبر خرقا للقانون، مؤكدا أن التجاوزات تؤثر بشكل أكبر في القطاعات التي لها علاقة مباشرة بالجمهور.

 

وأوضح أن تكرار الغياب دون سبب يترتب عليه عرقلة معاملات الجمهور، كما أن القاعدة تقول  أن الأجر مقابل العمل، وحيث أن انقطاع الموظف عن العمل يحول بينه وبين أداء العمل المطلوب منه فإنه لا يستحق راتبه عن مدة الانقطاع ويضاف إلى ذلك  يجب احتساب الغياب في الحالات غير المرخص مخالفة إدارية تستوجب المحاسبة في حال ثبوتها بعد التحقيق.

 

ظاهرة الغياب الحكومي رصدتها أيضا جريدة الراية في تقرير سابق لها عنوانه " التسيب الوظيفي يكشف ضعف الرقابة" مؤكدة أنها رصدت مكاتب خدمية حكومية خاوية على عروشها، ولا يوجد بها موظفين.

 

وذكرت الصحيفة أن الموظفين يغيبون بشكل متكرر دون وجود أعذار، مشيرة إلى أن غالبية من يحضر منهم ينصرف قبل موعده ولا يلتزم بوقت الدوام، كما أن كثيرين منهم منشغلين بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ويتركون الجمهور بلا خدمات.

 

وأرجعت الصحيفة التي تحدثت مع خبراء عن تفسير الظاهرة سبب تكرار الغيابات لغياب الرقابة  وعدم تطبيق لوائح الجزاءات الإدارية على المخالفين، فضلا عن عدم كفاءة بعض الموظفين وعدم حصولهم على الحوافز والمكافآت وشعورهم بعدم عدالة التقييم الوظيفي مقابل استئثار المدراء دون غيرهم بالمزايا الوظيفية من الترقيات والمكافآت الخاصة.

 

وحذر الخبراء من خطورة منح بعض الموظفين مسؤوليات وصلاحيات تفوق قدراتهم الوظيفية، فضلا عن قصر بعض المهام الادارية على بعض الموظفين الذين يتسببون في ارباك حركة العمل في حالة تغيبه أو انصرافهم مبكرا من العمل لأسباب غير مبررة، إضافة الى سوء توزيع الأعمال والمهام الوظيفية بتحميل بعض الموظفين أعباء وظيفية تفوق قدراتهم مقابل منح اختصاصات محدودة لغيرهم من الموظفين لأسباب شخصية وتتعلق بالمجاملات.

 

وأشاروا إلى أن المحسوبية والمحاباة في العمل جعلت من بعض الموظفين لا يلتزمون بمواعيد عملهم حيث يسعى بعض المدراء لتعيين أقاربهم وأصدقائهم وعدم محاسبة المخالفين منهم مؤكدين على ارتباطات بعض الموظفين بأعمال ووظائف اخرى غير عملهم الرسمي ساهم بشكل كبير في عدم مواظبة الموظف على مواعيد دخول وخروج من العمل، لافتين ‘لى غياب ثقافة تقديس العمل في المؤسسات وانعكاساتها على أداء الموظف.

 

وأكدوا أن التسيب الوظيفي يدفع المواطن الى اتباع وسائل غير مشروعة لتصريف معاملاته باللجوء للوساطة عبر المعارف والأصدقاء، وهو ما يسيء على المدى البعيد لصورة الإدارات الحكومية ويفتح طرقا كثيرة للرشاوى والفساد في القطاعات الحكومية.

 

وفي سياق متصل اشتكى فهد الغانم (مواطن قطري) من ظاهرة الغياب في القطاعات الحكومية قائلا إن بعض الموظفين قد يبادر بمعالجة تغيبه عن العمل بتقديم مبررات مشروعة لغيابه تقبلها جهة عمله، وإذا كان العذر مقبولا فإن تغيبه لا يعتبر  مخالفة تأديبية وبالتالي لا يستوجب توقيع الجزاء عليه ويكتفي فقط بالخصم من الراتب تطبيقا لقاعدة الأجر مقابل العمل وقد يتقدم الموظف بمبررات لانقطاعه عن العمل تمثل عذرا يقبله رئيسه المباشر وفي هذه الحالة يتم احتساب مدة الغياب من رصيد إجازته إذا كان رصيده يسمح بذلك وبالتالي لا يحرم الموظف المتغيب من راتبه.

 

وقال لصحيفة الشرق إن الإجازة حق للموظف لكن بشرط عدم الإخلال بمنظومة العمل، كما أنه يجب أن يراعى ذلك في تقييم المؤسسة السنوى، ويراعي رئيسه  المباشر مدة الغياب عند وضع التقييم السنوي.

 

وأكد الغانم أن  قانون الموارد البشرية القطري واضح ومحدد بالنسبة لإجازات الموظفين  حيث تتم دراسة حالة كل موظف على حده، واتخاذ الإجراء المناسب وفقا للحالة  المحيطة به.

 

وطالب الغانم بضرورة التزم الموظف بكافة الأنظمة والقوانين وتطبيقها على أكمل وجه حتى لا يتسبب في تأخير أو تعطيل للعمل.

 

ومن جهته قال فهد النعيمي إن القانون ينص على أن انقطاع الموظف عن أداء عمله لمدة تزيد عن 15 يوما متتالية أو تزيد عن 30 يوما منفصلة خلال السنة الواحدة يعتبر بمثابة المستقيل حكما.

 

وأضاف أن القانون نص في المادة 11 من أنه يعتبر الموظف مقدما استقالته إذا انقطع عن  عمله بغير إذن أكثر من 15 يوما ولو كان الانقطاع عقب إجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما  التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز لمديره عدم حرمانه من أجره مدة الانقطاع إذا كان  له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وألا يتعين حرمانه من راتبه عن هذه المدة.

 

وتابع النعيمي: "إذا انقطع الموظف عن العمل بغير إذن تقبله جهة عمله أكثر من 30 يوما تعتبر خدمته منتهية".

 

وطالب بضرورة إخطار الموظف كتابة بالأثر القانوني المترتب على انقطاعه عن العمل وذلك بعد تغيبه  بـ 5 أيام ويجب التواصل مع الموظف بشتى الطرق والوصل أليه لاخطارة بالعقوبات التي قد تترتب عليه من جراء هذا الانقطاع غير المبرر.  وقال: إذا كان الموظف يعمل في جهة خدمية و له علاقة مباشرة مع الجمهور فان ذلك يؤدي إلى تعطيل معاملات المراجعين، لافتا إلى أن معظم الجهات والوزارات تقوم بعملية جدولة للإجازات حتى لا يتسبب غياب الموظف بتعطيل العمل داخل الجهة.

 

وفي سياق آخر قال أحمد إبراهيم الجفري (موظف حكومي) إن التسيب الوظيفي مشكلة خطيرة يترتب عليها الكثير من الأضرار سواء على المكتب أو القطاع الحكومي من خلال إهدار وقت المؤسسة، والجمهور بالإضافة إلى التكاليف المادية التي تقدر بملايين الريالات سنوياً، نتيجة لعدم انضباط سير العمل بتلك الجهات.

 

وأضاف للراية: أهم أسباب انتشار الظاهرة هي قلة الحوافز والمكافآت التي غالباً ما يستأثر بها المديرون دون غيرهم بالإضافة إلى غياب الترقيات وعدم تمكين الموظف من عمله وإعطائه الصلاحيات الكاملة بما يتناسب مع طبيعة العمل ، بإضافة إلى أن حسن الإدارة وسوءها عوامل نجاح العمل داخل المؤسسة أو القطاع أو فشلها ، لافتاً إلى الإدارة الناجحة في جعل الموظف متفانياً في عمله وملتزماً بالدوام ويؤدي واجبه على أكمل وجه بدلاً من التهرب من عمل و التهاون في أداء واجب المكلف به.