محمد مسعود يكتب: المفسدون.. لا كرة ولا أخلاق

مقالات الرأي



أجيرى يتهم هانى رمزى برفض ضم كهربا ورمضان صبحى وعبدالله جمعة

أفسدوا الكرة بالتعاقد مع مدير فنى ملاحق قضائيا بتهمة التلاعب بالمباريات

أفسدوا فرحة الجماهير وجهود الدولة التى تفوقت فى الملاعب والتنظيم على البرازيل

من هو ممدوح عيد الرجل الخفى فى الكرة المصرية؟

أهدروا المال العام بزيادة 40 ألف دولار لأجيرى عن عقد كوبر رغم سيرته الذاتية المتوسطة

طردوا وردة من المعسكر فاحتمى بالخمسة الكبار الذين قالوا «مش هيمشى».. فلم ينتصروا لقرارهم


على أرصفة الغش، باع مجلس أبوريدة، الوهم للمصريين، وفوق سلعته الرائجة.. أعطى هدايا من الأمل الكاذب، لنعيش جميعا فى حلم جميل، يجمعنا باللقب القارى التاسع، وكلما فتحنا عيوننا على أداء متواضع وفوز هزيل، أعطونا جرعة من مخدر الـ«ممكن»، ومسكن «الأداء يتحسن» قبل أن نستيقظ على سقوط وفاجعة، محزنة، جعلت حالة من اليأس، والضيق والكآبة، تتسلل إلى الصدور، لذا.. لم يعد لحالم منا، سلطان على يئسه.

لم يضرب مجلس أبوريدة بآمال المصريين عرض الحائط فحسب، بينما أفسدوا جهود دولة كاملة، نجحت فى صناعة الشربات من فسيخ الملاعب المتهالكة، والمدرجات الخاوية.. المتآكلة، والبوابات الصدئة، لدرجة جعلت مصر تتفوق على البرازيل التى نظمت بطولة «كوبا أمريكا» فى نفس التوقيت تقريبا.

تفوقنا فى جودة الاستادات وأرضيات الملاعب.. تفوقنا فى حفل افتتاح أبهر العالم، وضعت الدولة المصرية بصمتها بقوة، وكشفت عن قوتها، وقدرتها على تنظيم أى محفل رياضى، قارى أو عالمى، فى وقت مناسب، لدرجة جعلتنا نحلم بتنظيم كأس العالم.. ولم لا ونحن قادرون على ذلك.

لكن.. ما كانت تبنيه الدولة بنجاح، شرعت معاول المفسدين فى هدمه، فمنذ فضيحة صفر مونديال روسيا، توقعنا أن اتحاد الكرة سيرد اعتباره، على الأقل أمامنا، لكنه لم يفعل، ولم يرد اعتباره – أو يحفظ ماء وجهه - حتى أمام نفسه.. ليسقطوا فى فخ تاريخ لن يرحمهم.. وحساب قد يكون عسيرا.

1- كل صيف فضيحة

فى صيف 2018، قبل سفر بعثة المنتخب المصرى إلى روسيا للمشاركة فى بطولة كأس العالم، منع هانى أبوريدة رئيس المجلس، مجدى عبد الغنى عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة من السفر على خلفية اتهامه بسرقة ملابس المنتخب من مخازن مشروع الهدف، واستبداله بعضو المجلس عصام عبد الفتاح، وخرج مجدى عبد الغنى هائجا مائجا يقول إنه ليس تلميذا عند هانى أبوريدة وأنه سينظم مؤتمرا صحفيا يفضح من خلاله فساد اتحاد الكرة.

بعدها سافر عبدالغنى على متن طائرة خاصة إلى روسيا، وأخرج للجميع لسانه، وتصالح مع أبوريدة هناك، ولم يفضح ممارسات وفساد اتحاد الكرة.. وفى المقابل أغلق هانى أبوريدة الملف تماما.

وفى صيف 2019 تم تقديم عدة بلاغات ضد مجدى عبدالغنى، أحدها لبيعه تذاكر بالسوق السوداء، وأخرى لكونه – كما جاء فى البرغات – تقاضى نحو 150 ألف دولار للموافقة على التعاقد مع المدير الفنى المكسيكى خافير أجيرى، ولأننا نعلم أن المتهم برىء، حتى تثبت إدانته، فنحن لا نتهم مجدى عبد الغنى، بهذه التهم.. لكننا على يقين أيضا أن معظم النار، من مستصغر الشرر.

2- لا كرة ولا أخلاق

ولم تكن فضيحة التذاكر هى الفضيحة الوحيدة، بينما كانت الفضيحة الكبرى خاصة باللاعب عمرو وردة، بعد انتشار رسائل إعجاب بموديل وشات أثناء تواجده فى معسكر المنتخب، ثم فيديو تم تسريبه لللاعب يقوم بعرض جسده لإحدى الفتيات كان مصورا منذ فترة لكن سُرب أثناء البطولة، تعامل اتحاد الكرة مع الأمر بمبدأ بتر العضو الفاسد، وهو مبدأ أخلاقى مقبول.

وعلى ذلك تم إبلاغ الجهاز الفنى بإيقاف اللاعب وترحيله من معسكر المنتخب، ومن ثم أبلغ المدير الإدارى للمنتخب إيهاب لهيطة اللاعب بضرورة مغادرة المعسكر قبل ليلة واحدة من المباراة الثانية للمنتخب أمام الكونغو الديمقراطية، فوافق اللاعب وقال «سأرحل»، وذهب إلى محمد صلاح مؤكدا أن هذا الفيديو قديم، وأنه لم يفعل شيئا فى المعسكر وقال له إن إيهاب لهيطة أمره بالرحيل، فقال له صلاح متعاطفا « خلاص ما تمشيش».

وأثناء يوم المباراة وفى وقت الغداء فوجئ إيهاب لهيطة بعمرو وردة، قال له: «أنت ما مشيتش ليه»، فرد وردة: «الكابتن محمد صلاح قاللى أستنى»، فقال مادام صلاح قال لك ذلك «خلاص استنى»، وبعد العودة من المباراة توجه محمد صلاح وأحمد المحمدى وعبد الله السعيد وتريزيجيه وطارق حامد إلى الجهاز الفنى وطالبوه ببقاء وردة «لأننا وعدناه بالبقاء ومينفعش نطلع صغيرين»!.

ووافق أجيرى لسببين، الأول عدم إغضاب الخمسة الكبار فى صفوف المنتخب من ناحية، ومن الناحية الأخرى حتى لا يغضب وكيله «ممدوح عيد»، وهو نفسه وكيل اللاعب، ضرب أجيرى عصفورين بحجر واحد، وأمام ذلك انصاع اتحاد الكرة الهزيل للأمر، وخرجوا ليقولوا إن الفيديو مفبرك وأجبروا اللاعب على بث فيديو اعتذار.. فمادام الفيديو مفبرك فعلام اعتذر؟.. فأضاع المجلس الأخلاق مثلما أفسد الكرة.

3- متهم لا يدافع عن نفسه

ممدوح عيد، اسم معروف فى الوسط الكروى، كونه وكيلا لعدد كبير من اللاعبين المحليين والمحترفين، لكن اسمه غير معروف للجمهور، وبعد خروج المنتخب المصرى من الكان، صوبت سهام النقد فى صدر ممدوح عيد كونه أحد أسباب النكبة التى حلت على الكرة المصرية، بوصفه وكيلا للمدير الفنى المكسيكى خافير أجيري.

واتهم عيد بأنه يفرض لاعبين بعينهم على المنتخب كونه وكيلهم، أمثال أحمد فتوح الظهير الأيسر لنادى الزمالك والمعار إلى صفوف سموحة، ومحمد أبو جبل حارس سموحة، وأنه كان يمانع ضم عبد الله جمعة ظهير أيسر الزمالك، وأفضل ظهير أيسر مصرى على الإطلاق خلال الموسم الحالى، حتى يتيح الفرصة لفتوح للمشاركة لرفع سعره، علاوة على أنه وكيل للاعبين لا يستحقون الانضمام للمنتخب من الأساس مثل عمرو وردة وأحمد حسن كوكا.

فى الحقيقة حاولت التواصل مع ممدوح عيد لمواجهته بكل هذه الاتهامات لكنه لم يرد على الاتصالات الهاتفية أو رسائل الواتساب، ربما لم يجد لديه ردودا تبرر الاتهامات، أو حججًا تضحدها.. لكن ما علمناه بعد ذلك من وكيل اللاعبين محمد شيحة، أن اللاعب أحمد فتوح وكيله هو أحمد يحيى وليس ممدوح عيد، وأن حارس المرمى محمد أبوجبل، ليس لديه وكيل من الأساس. بعدها خرج أجيرى ليكشف أن هانى رمزى هو من رفض ضم كهربا وعبدالله جمعة ورمضان صبحى لصفوف المنتخب، فى حين قيل على لسان نادر شوقى وكيل رمضان صبحى أنه لن ينضم أبدا فى وجود هذا الجهاز، بما يعنى أنها تصفية حسابات بين الوكلاء.. لكن ما دخل هانى رمزى ؟.. هل هناك علاقة بينه وبين ممدوح عيد مثلا؟.. هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة.

4- صفقة الشيطان

بعد الخروج من موسكو صفر اليدين، ورجوع اتحاد الكرة من روسيا بعار سيلاحقهم طوال تاريخهم، لوح حازم إمام عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة باستقالته، لكن هانى أبوريدة أقنعه بالاستمرار، وأسند له مهمة البحث عن مدير فنى أجنبى جديد للمنتخب المصرى خلفا للأرجنتينى هيكتور كوبر المدير الفنى السابق.

وافق حازم، ودرس مجموعة كبيرة من السير الذاتية، وأعطى للمسئولين بالاتحاد السير الذاتية برواتب المدربين، لكنه فوجئ مثلما فوجئا جميعا بتعاقد الاتحاد مع مدير فنى آخر ملاحق قضائيا وتحوم حوله شبهة التربح من التلاعب بنتائج المباريات، وظهر خافير أجيرى وتعاقد مع اتحاد الكرة براتب 108 آلاف يورو.. بواقع 132 ألف دولار، فيما يسمى بصفقة الشيطان.

قبل حلول أجيرى، تعاقد اتحاد الكرة برئاسة جمال علام مع هيكتور كوبر صاحب السيرة الذاتية الضخمة التى تفوق السيرة الذاتية لأجيرى بمراحل، وتم التعاقد على أن يحصل كوبر على 65 ألف دولار، وبعد مجىء هانى أبوريدة رفع قيمة التعاقد لـ90 ألف دولار، وصمت الجميع لأن كوبر تأهل بالمنتخب إلى نهائيات كأس العالم.

وقبل هيكتور كوبر كان الراحل سمير زاهر قد تعاقد مع المدير الفنى الأمريكى بوب برادلى بـ35 ألف دولار شهريا، أى أن الأرقام والأجور المبالغ فيها لم نشهد مثلها إلا فى عهد هانى أبوريدة ومجلس إدارته.

لكن.. لماذا تعاقد اتحاد الكرة مع أجيرى بزيادة 42 ألف دولار عن راتب كوبر؟.. وما دور وكيله الذى رفض الدفاع عن نفسه ممدوح عيد.. وما دور مجدى عبد الغنى الذى اتهم بالحصول على نسبة لتفويت التعاقد؟.

5- الفاشل بامتياز

وبما أن المدير الفنى جديد، فيجب تشكيل جهاز جديد ليعمل معه، اختار المكسيكى الأجانب، واختار اتحاد الكرة هانى رمزى.. وهنا تساءل الجميع «بأمارة إيه»، وهانى رمزى لم يضع قدمه فى ناد أو منتخب وذاق طعم النجاح، كونه فشل مع جميع الأندية ومنتخبات الناشئين التى تولى قيادتها. ومادام هانى رمزى وجد من يدعمه رغم أن تاريخه التدريب بالسالب، فوجد القوة التى جعلته يخرج علينا ويخرج لنا لسانه «اللى مش عاجبه اختياراتنا يشجع منتخب تانى»، هذه الجملة وحدها كفيلة بحرمان هانى رمزى من تدريب أى مرحلة عمرية فى منتخبات الناشئين.. فلم يكفه فشله، بل زاده سطحية تصريحاته.

وإذا كان أجيرى قد ألقى باللوم على هانى رمزى كونه من منع انضمام رمضان صبحى وكهربا وعبد الله جمعة إلى المنتخب فهو عذر أقبح من ذنب ليفضح أن هذا الرجل جاء إلى مصر لأكل العيش فقط، لكن ما يخصنا هو كيف لشخص يحمل الجنسية المصرية يحرم منتخب بلده من هؤلاء اللاعبين.. هل يكرههم؟.. أم لاسترضاء ممدوح عيد؟.. أم أن أجيرى كاذب.. وفى هذه الحال فهانى رمزى مطالبا بالتوضيح حتى لا تثبت عليه الإدانة.

6- مكاسب.. وخسائر

خسرت مصر لقبًا قاريًا كان هو الأسهل على الإطلاق فى ظل الدعم غير المحدود من الدولة، لكن رب ضارة نافعة فهذا الخروج كشف لنا الوجه القبيح عن بعض المسئولين والمدربين، وصدر صورة مشرفة عن التنظيم المبهر والملاعب الرائعة، وفوق كل ذلك احتضان أفريقيا.. وهو هدف ورسالة.

ومن المكاسب أيضا لاعبان هما الفذ الأسطورة طارق حامد، والأخطبوط محمد الشناوى، فتحية لهما وللدولة المصرية.