د.حماد عبدالله يكتب: "الملل" والعمل العام !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله -
د.حماد عبدالله - أرشيفية



"الملل" هو مرض يصيب الإنسان من تكرار نمط الحياة ، ويستوجب الإستشارة الطبية النفسية أو العمل على تغيير نمط العمل أو الإهتمامات أو تعديل البرامج الحياتية للناس حتى يقضوا على مرض الملل الذى يصل بالبعض إلى الإكتئاب وإذا جاز هذا على العامة أو بعضهم .
فهو بالقطع لا يجوز أبداً أن يصيب مسئول عن إدارة مصنع أو مؤسسة أو هيئة أو وزارة حيث تلك المسئولية ترتبط بحياة أخرين ومستقبلهم ، وأيضاً أمالهم فى غد أفضل أو على الأقل فى تسيير الحياة اليومية فى تلك المؤسسة !!.
ولعل ما نشاهده فى حياتنا السياسية فى مصر وتلك الموجة من التسيب والإستهتار ، تقرأ عن ذلك ، وتشاهد أيضاً عبر وسائط الإعلام كل ما يدل على أننا قد وصلنا إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها أو عليها ، وبتحليل تلك الحوادث وما أدى إليها سنجد قاسم مشترك وهو أن هناك مسئول قد قَّصرَ فى واجباته الوظيفية أو أغمضْ عينه عن سلبية ، إما قصداً وهذا يدخل تحت بند الفساد ، أو عن عدم قصد وهذا أيضاً يدخل تحت بند الإستهتار والأخيرة تأتى من الملل الذى أصاب هذا المسئول نتيجة مكوثه فى موقعه أكثر من العمر الإفتراضى المحدد للمسئولين عن إدارة مرفق من مرافق حياتنا اليومية.


ولعل فى مقال سابق لى تحدثت عن ثلاث أشياء (تعفن بالإستمرار) وحددتها (بالماء والدم والإدارة ) فإستمرار تلك العناصر دون تحريك أو دون تغيير يؤدى إلى وجود بكتيريا أو طحالب حول المادة المستمرة فى الوجود دون حركة وهذا ينطبق على الإدارة المستمرة فى مكانها دون تغيير .
والملل أيضاً فى حياة المسئول هى كارثة بكل المقاييس حيث إنعكاس هذا الملل على محيط مسئوليته وإصابة هذا المحيط بالتسيب والإستهتار ، وعدم وجود آلية للمحاسبة قبل وقوع المصيبة ، والمفاجأه التي تصيبنا جميعاً حينما ، نسمع عن نقص في مخزون سلعي أو نقص في خدمة تؤدي للجماهير أو مراجعة لمناهج دراسية عفي عليها الزمن في التعليم أو ترك الأمور علي ماهي عليها طالما أن الحياة رتيبه ونمطية ولا أهمية للنظر إلي أمم أخري تقفز حولنا إلي الأمام ، بلا هوادة ولا إنتظار ، كل تلك المؤشرات المتراجعة للخلف ، أو حتي الثابته تجعلها متأخرة للغاية ، حيث الجميع يتقدم في الوقت الذي أصابنا الملل بالتوقف التام وكأن قلب المسئولين عن جزء من نشاط الأمة قد أصابته ( جلطة ) أو أصابته ( سكته دماغية ) .
وهذا لن يتأتى القضاء عليه أو القفز من هذا النفق المظلم إلي الخارج ، إلا بالقضاء علي "الملل" الذي أصاب المجتمع نتيجة إصابة مسئول عن جزء من هذا المجتمع "بالملل" ، لا أصدق أن وزيراً في المسئولية يذهب إلي عمله كل يوم بعد الساعه الواحدة ظهراً حيث أصابة "الملل" من مكوثه في منصبه أكثر من خمس سنوات شيء من الخيال العبثي !!