د.حماد عبدالله يكتب: إن فاتك الميرى !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله -
د.حماد عبدالله - أرشيفية


" إن فاتك الميرى إتمرغ في ترابه " هذا هو المثل المصري القديم الذي جاء مع حكم الوالي محمد على باشا لمصر المحروسة عام 1805 وإنشاؤه وأبنائه مؤسسات الدولة ودواوين حكومتها في القلعة (محكى القلعة وقصر الجوهرة ) آلان وفى عام 1846 نزل إسماعيل باشا خديوي مصر  بالحكومة إلى مقارها في منطقة ( لاظوغلى ) وعابدين وشارع القصر العيني وشارع 
( مجلس الشعب حالياً ) لكي تستقر تلك الدواوين الحكومية حتى اليوم مع شذوذ بعضها !!حينما خرجت بعض الوزارات الحديثة إلى شاطىء نهر النيل فى ماسبيرو  مثل وزارة الخارجية أو القرية الذكية بمدخل الطريق الصحراوي للإسكندرية ،مثل وزارة الاتصالات والمقر البديل المفضل لرئيس مجلس وزراء مصر الأسبق الدكتور/أحمد نظيف ، هذه الدواوين الحكومية والهيئات التابعة لها وأقدمها هيئة سكك حديد مصر وهيئة قناة السويس هي تلك الدواوين التي يتمنى المصريون التوظف فيها أو التمرغ في ترابها كما جاء على ألسنة المصريين حتى ظهور عصر تخلت فيه الحكومة عن هذا الدور في بدايات الإنفتاح الاقتصادي في السبعينيات وأعلنت تخليها تماماً عن هذا الدور في أواخر التسعينيات مع حكومات المرحوم الدكتور /عاطف عبيد والدكتور/نظيف  ولا شك بأن الدور الذى كانت تقوم به الحكومة في التوظيف لشباب الوطن قد تولاه القطاع الخاص وما سمي قطاع الأعمال العام ( حسب القانون 203 ) الشهير وأطلق عليهم معاً قاطرة التنمية!!

ولكن اليوم ونحن بصدد توقف الحياة تماماً في تلك القاطرة كنتيجة حتمية للحالة الإقتصادية العالمية وتأثيرها المباشر على الحياة الإنتاجية والخدمية والسياحية المصرية . 
ومن هنا ومن هذه النقطة سوف تتوقف عجلة الخروج من نفق الحلول التي يقدمها ويصدعنا بها يومياً بعض المسئولين والخروج بقوانين تحت عناوين الوظيفة العامة وتحسين الوظائف وتقليصها وصولاً إلى حد معقول لعدد موظفي الحكومة المصرية التي بلغت في أخر تعداد معلن حوالى 5.4 مليون موظف بواقع موظف لكل 14 مواطن وهذا ما لم يحدث ولن يحدث في أي دولة ذات مؤسسات حكومية تعتمد فيها على موظفيها في إدارة شئون حياتها الإدارية .
وهذا ما سنصاب به حينما نجد أن كل الحلول التي وضعناها والإخراج المتميز الذي إبتدعناه مثل المعاش المبكر ، وتقليل السن للوصول إلى مرحلة المعاش من ستون عاماً إلى خمسة وخمسون كل هذه الحلول ستجد حائط صد وهو التمسك بالوظيفة الحكومية الأمنة والمؤمنة للمواطن أو للموظف مرتب حتى ولو كان متدني للغاية إلا أنه يسد الرمق أخر كل شهر وهذا ما لا يمكن أن نقف أمامه مكتوفي الأيدى وقصيري النظر والعقل فلنا في دول كثيرة يتناسب حالها مع حالنا ، وموازناتها مع موازناتنا وتعدادهم قريب من تعدادنا نسبياً إلا أنهم إقتنوا المواهب في إدارة شئون حياتهم ولم تقتصر الإدارة في تلك البلاد على المعوقين من أبنائها إن التمسك بالوظيفة الحكومية هي دليل على وقوعنا في براثن الأثار السوداء للأزمات المالية العالمية !! والتى تحدث تقريباً كل عقدين من الزمن !!