سامي جعفر يكتب: الكارثة المستديرة

مقالات الرأي

سامي جعفر
سامي جعفر


لا ينتبه كثيرون إلى أن اتحاد كرة القدم، هو منظمة أهلية بالكامل يديريها مواطنون منتخبون من ممثلى الأندية المشاركة فى مسابقات كرة القدم بمستوياته المختلفة، وأن الأندية بدورها مؤسسات أهلية أيضاً ينتخب أعضاؤها مجالس إدارات هذه الأندية، ويرعى اللعبة الأوسع انتشاراً اتحاد دولى يضع قوانين اللعبة ويحمى الاتحادات من التدخل الحكومى إذا حدث.

وبدلاً من أن تكون إدارة اتحاد كرة القدم وغيره من الاتحادات الرياضية نموذجاً على قدرة المدنيين فى مصر على النجاح وتحويل اللعبة إلى قطاع استثمارى ينتج فرص عمل مباشرة وغير مباشرة ويخلق طلباً على بعض الصناعات ويساهم فى تطويرها تحول إلى واقع فاسد تديره عقول لا تعرف سوى السمسرة والمكسب الرخيص.

كرة القدم وألعاب ورياضات أخرى ليست مجرد مسألة قائمة على الترفيه، وهو بالمناسبة أمر شديد الأهمية ولكنها مسألة تتعلق بمقدرات الدولة إذ أن المنتخب القومى والأندية الجماهيرية مثل فريقى الأهلى والزمالك مكون من مكونات القوة الناعمة لمصر، كما أن ممارسة قطاع كبير من الأطفال والشباب للرياضة يؤدى لتحسن صحتهم وزيادة قوة العمل فى البلاد، فضلاً عن أن تمتع المواطنين بالصحة يؤدى لخفض فاتورة العلاج فى ميزانية الفرد والدولة معاً، ويتحول هذا الإنفاق إلى مجالات أخرى مفيدة للطرفين.

الرياضة وكرة القدم مسألة قومية هامة لذا لا يجب تركها لممارسيها السابقين ليديروها حسب أهوائهم أو مصالحهم الضيقة، لأن كرة القدم أصبحت مسألة اقتصادية هامة للغاية ترتبط بالسياسة بشكل وثيق وترتبط أكثر كما أشرنا فى السابق بمسائل متعلقة بالأمن القومى للبلاد.

الأهم أن ما تعرض لها المنتخب الوطنى، بخروجه من دور الـ16 فى بطوة الأمم الأفريقة لكرة القدم التى تنظمها مصر، فى مشهد أحزن محبى مصر وعشاق اللعبة يمكن أن يتحول إلى أمر إيجابى إذا تم اتخاذ إجراءات واضحة لهيكلة قطاع الكرة والرياضة بالكامل ليكون قطاعاً إنتاجياً.

لا أدعو هنا إلى تدخل سافر للدولة ليس فقط لأن قواعد الاتحاد الدولى لكرة القدم ترفض هذه الخطوة، ولكن لأن الفوائد الناتجة عن إصلاح قطاع الرياضة من خلال المجتمع نفسه ومؤسسات الدولة المعنية مثل مجلس النواب والاتحادات نفسها ووزارة الرياضة، تضع نموذجاً للإصلاح يمكن أن يمتد لمجالات أخرى.