مصطفى محمد يكتب : جنون الساحرة المستديرة.. عرض مستمر

ركن القراء

منتخب بيرو
منتخب بيرو


قلنا مرارًا أنه من السَذاجة الفنية الكروية التعامل مع البطولات القارية المجمعة محدودة المدة، بما لها من خصوصية السياق والدوافع، بنفس منطق بطولات الدوري أو التصفيات التي تتطلب ( نَفَس ) طويل وحسابات فنية مختلفة!

وكما أشرنا سابقًا إلى سيطرة موجة الواقعية والطرق الدفاعية، والتي تعد بمثابة « تسونامي » يضرب شغف ومتعة كرة القدم العالمية.

فمنذ فوز تشيلي بلقبي كوبا أمريكا 2015 و2016، مرورًا باستكشاف البرتغاليين لأول ألقابهم الأوروبية اليورو 2016، وحصد أسود الكاميرون للكان 2017، وصياح الديوك الفرنسية المدوي في مونديال روسيا 2018، وأخيرًا خطف المنتخب ( القطري ) الهجين لكأس أمم آسيا 2019،

واللافت أن تلك المنتخبات لم تكن مرشحة بقوة لنيل اللقب قبل انطلاق المنافسات،

ولكن العامل المشترك بينهم جميعًا، أنهم تبنوا طرق دفاعية محكمة وركزوا على أهدافهم بواقعية وتعاملوا بالقطعة مع كل مواجهة، إلى أن وصلوا لمنصة التتويج عن جدارة واقناع.

وتواصل نسخة كوبا أمريكا2019 السير على نفس الدرب،

فرغم جدارة البرازيل بالوصول للمباراة النهائية وربما أحقيتها في نيل الكأس الغائبة منذ 2007،

إلا إن فيلسوف كورينثيانز «تيتي » لم ينجح في مشروعه مع السيليساو، إلا بعد أن صبغ راقصي السامبا بلون أوروبي جماعي دفاعي واقعي متحفظ، ليتماشى مع الموضة السائدة في كرة القدم العالمية،

فعادت البرازيل من جديد بذكاء ونضوج لتلعب دور البطل على مسرح الألقاب القارية، متأهبة لمعانقة بطولتها المفضلة كأس العالم 2022.

وها هي بيرو ثالث مجموعتها تمنحنا أيضًا درسًا مجانيًا في فنون كرة القدم على المستوى الجماعي الخططي والمستوى المهاري الفردي،

وكذلك على صعيد الشخصية والروح وقوة الدوافع لاثبات الذات وصولاَ للمباراة النهائية.

ويجب على كل المنتخبات الإفريقية المتأهلة إلى دور الـ 16 في الكان 2019 ومناصريها، أن تعي هذا الدرس!

فالمنتخب البيروفي الذي تأهل لربع النهائي بشق الأنفس، أخرج أورجواي البطل التاريخي لكوبا أمريكا، عندما فرض عليه الاحتكام إلى ضربات الحظ الترجيحية،

وأطاح بأحلام منتخب تشيلي حامل اللقب في تحقيق ثلاثية تاريخية بعد أن تلاعب بـ «لاروخا» بثلاثية مع الرأفة، عن طريق إديسون فلوريس ويوشيمار يوتون وباولو جيريو،

مما وضع الفنانة البيروفية الحسناء، ستيفاني كايو، في مأزق حقيقي، بعد أن وعدت بمنح قُبْلَةُ لمن يسجل هدف الفوز لبلادها في مرمى تشيلي،

والسؤال المُلِحّ الآن هو، كيف ستوزع ستيفاني الهدايا بالعدل؟!

وانصحك عزيزي القارئ بألا تبني توقعاتك للمباراة النهائية بين البرازيل وبيرو، وفقا لخماسية البرازيل التي أمطرت شباك بيرو في ختام دور المجموعات!

صحيح البرازيل أقرب.. ولكن لكل مواجهة ظروفها وسياقها، فانتصار السيليساو لن يكون سهلًا، إن حدث.

الشاهد مما سبق، إنه ليس من الحكمة توقع مسيرة المنتخبات في المعترك الإفريقي عطفاَ على نتائجها في دور المجموعات، وبالتالي عدم الانسياق وراء حمى التوقعات والترشيحات، الغير مبنية على فهم ووعي بطبيعة البطولات القارية، والمتغيرات الجوهرية في فلسفة طرق اللعب الحالية.