بدأه الأقباط اليوم.. ما هي حكاية صيام الرسل؟

تقارير وحوارات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


بدأت الكنيسة القبطية، اليوم الاثنين أول أيام صوم الرسل الذي تعتبره الكنيسة أقدم أصوامها، والذي يستمر مدة 30 يومًا حتى ينتهي 12 يوليو المُقبل، ويحل صوم الرسل بعد الاحتفال بـ"أحد العنصرة"، وهو عيد حلول الروح القدس.

بدايته
يتزامن الصوم مع بداية رحلة رسل المسيح فى التبشير بالمسيحية المعروفة اصطلاحًا باسم الكرازة، وذلك حتى يوم 12 يوليو المقبل، وهو واحد من بين أصوام الكنيسة التي تصل إلى 8 أصوام، ويصومه الأقباط في هذه الفترة تخليدًا لذكرى بدء تلاميذ المسيح التبشير برسالته.

وأشار إليه السيد المسيح بقوله، "ولكن حينما يرفع عنهم العريس فحينئذ يصومون"، وصام الآباء الرسل، كبداية لخدمتهم، حيث بدأوا بعد ذلك رحلة التبشير بالمسيحية فى كل العالم.

مكانته 
يعتبر صوم الرسل له مكانة خاصة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث يقول عنه الأب متى المسكين الأب الروحي لدير أبومقار إنه "كان، ولا زال وسيظل أبدًا، هو صوم الكرازة والخدمة والإرسالية؛ فهو متعلق أساسًا بالشهادة للمسيح".

مارس هذا النوع من الأصوام الرسل المذكورين في الكتاب المُقدس "وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ. أعمال الرسل 2:13"، وحافظت عليه الكنيسة منذ ذلك الحين وإلى الآن. 

نوعه 
تنقسم أصوام الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من حيث درجة النسك إلى أصوام الدرجة الأولى و أصوام الدرجة الثانية، وقد سمحت الكنيسة بأكل السمك في بعض الأصوام للتخفيف علي المؤمنين بسبب كثرة أيام الصيام واحتياج البعض للبروتين الحيواني.

وقسَّمت الكنيسة الأصوام إلى قسمين:  أصوام من الدرجة الأولي وهم: الأربعاء والجمعة، الصوم الكبير، صوم يونان، برمون الميلاد والغطاس، وأصوام الدرجة الثانية التي يجوز فيها أكل السمك مثل صوم الرسل و صوم العذراء وصوم الميلاد 

مدته
يرجع صوم الرسل إلى صعود السيد المسيح إلى السماء -وفق المعتقد المسيحي- حيث بدأ رُسل الديانة المسيحية آنذاك خدمتهم بالصوم، اقتداءًا بالمسيح الذي بدأ خدمته بالصوم، أربعين يومًا على الجبل. 

يخبر سفر أعمال الرسل عن صيام بطرس الرسول تلميذ المسيح،  إنه صام إلى أن " جاع كثيرًا واشتهى أن يأكل" (أع 10: 10)، وفي جوعه رأى السماء مفتوحة، ورأى رؤيا عن قبول الأمم، يقول الكتاب "وبينما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتها إليه،  فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادي، ثم أطلقوهم،  فهذان إذ أرسلا من الروح القدس، انحدرا إلى سلوكية" (أع 13: 2-4).

هذا النوع من الصوم ليس له مدة محددة، ولكنه يتراوح ما بين 15 إلى 49 يومًا، وينتهي بعيد الرسل أو عيد استشهاد الرسولين بطرس وبولس، والذي يحل في 12يوليو المقبل، وهو صوم من أجل الخدمة والكنيسة.

قانون الرسل 
نقرأ في قانون الرسل: "إّنّكم بعد تعييّدكم عيد البنديكوستي (الخمسيني – العنصرة)، عيّدوا سُّبةً واحدة (أسبوعاً) وبعد تلك السّبة صوموا لأنّه من الواجب أن نفرح مسرورين بالموهبة الممنوحة من الله (الروح القدس) ونصوم بعد فرحنا".

ويستشهد هذا القانون بأنبياء صاموا مثل موسى وإيلّيا، وصوم الأسابيع الثلاثة التي صامها دانيال النبيّ، وصوم حنّة النبيّة، وصوم أهل نينوى وصوم أستير ويهوديت وداود الملك، فعلى مثال هؤلاء يجب أن يصوم المسيحيّون أيضاً، لذلك كتب الرسل قائلين: "أنتم أيضاً عندما تصومون، اطلبوا سؤالكم من لُدنِ إلهنا".

قوانين الصوم 
دعا الآباء المجتمعون، في المجمع المسكونيّ الأوّل، سنة 325م، إلى صوم الرسل، فبعد تكريم الرسل على أنّهم معّلموا العبادة الحسنة ورعاة المسكونة كّلها، وحدّدوا أنّه بعد مرور عيد الخمسين بأسبوع واحد يجب على المسيحيين أن يصوموا عن اللحم والجبن وكلّ مشتقاتهما إلى يوم عيد الرسل في 29 حزيران، يسمح للمسيحيين بتناول الأسماك خلال صوم الرسل 

هذا المرسوم الرسوليّ قد حفظه القدّيسون سابا المتقدّس، ويوحنا الدمشقيّ، وثاودورس الستوديتيّ، وغيرهم من الآباء الأقدمين، كما أنّ القدّيسَين باسيليوس الكبير ويوحنا الذهبيّ الفم يعلّمان بشكل كافٍ عن هذا الصوم، ويتمسّكان به.

ففي إحدى عظاته عن الروح القدس، يذكّر يوحنا الذهبيّ الفم أهل أنطاكية بهذا الصوم المنسوب إلى الرسل القدّيسين، ويحثّهم على المحافظة عليه وتطبيقه.