بالأدلة.. إيران مسؤولة عن هجوم الناقلتين في بحر عمان

عربي ودولي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية



بعد العمليات التخريبية التي وقعت قبالة سواحل دولة الإمارات العربية المتحدة في مايو الماضي، انتبه المجتمع الدولي للإرهاب البحري الذي يشكله نظام الملالي على مضيق هرمز، ما أوقع طهران في فخ حاولت نصبه لدول الأخرى.

وشهد صباح يوم أمس، خلال 45 دقيقة فقط، تعرض ناقلة فرنت ألتير النرويجية والناقلة اليابانية كوكوكا كاريدجس لانفجارات تخريبية، مما أجبر أفراد الطاقمين على تركهما في المياه بين دول الخليج العربية وإيران.

جاء هذا الهجوم الذي وقع في جنوب مضيق هرمز بعد شهر من استهداف أربع سفن في هجمات تخريبية قبالة ساحل إمارة الفجيرة، أحد أكبر موانئ التزويد بالوقود في العالم.

وعلى الرغم أن طهران نأت بنفسها عن تلك الهجمات، إلا أنها حذّرت مراراً من أنها قد تغلق مضيق هرمز إذا لم تتمكن من بيع نفطها بسبب العقوبات الأمريكية.

وجاءت تلك الهجمات على وقع ازدياد التوترات منذ أن أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات على إيران وتحرك في بداية مايو (أيار) الماضي لإجبار عملاء النفط الإيرانيين على خفض وارداتهم إلى الصفر أو مواجهة عقوبات مالية من الولايات المتحدة.

وقال مصدر لوكالة "رويترز" إن الانفجار في فرنت ألتير التي اشتعلت فيها النيران وتصاعد منها عمود من الدخان ربما كان بسبب لغم ممغنط.

وقالت الشركة المشغلة للناقلة كوكوكا كاريدجس إن هجوماً استهدفها يشتبه في أنه نفذ بطوربيد. لكن مصدراً مطلعاً الوكالة قال إن الهجوم لم ينفذ باستخدام طوربيدات.

وقالت الشركة اليابانية إن أفراد الطاقم شاهدوا "جسمين طائرين" قبل الانفجار، وأضاف رئيس شركة كوكوكا سانجيو، يوتاكا كاتادا، اليوم الجمعة خلال مؤتمر صحفي "أبلغنا الطاقم أن جسماً طائراً اقترب من السفينة وأنهم وجدوا ثقباً... ثم شاهد بعض أفراد الطاقم الضربة الثانية".

ونشر المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي بيل أوربان، في وقت متأخر أمس الخميس تسجيلاً مصوراً قال الجيش الأمريكي إنه يظهر قارباً للحرس الثوري الإيراني يقترب من الناقلة كوكوكا كاريدجس ويزيل لغماً لم ينفجر من جانب الناقلة.

كما نشرت القيادة المركزية صوراً تظهر ما يبدو أنه لغم ملتصق بمغناطيس على جانب السفينة قبل إزالته في وقت لاحق من أمس.

وأوضح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من واشنطن إنّ "حكومة الولايات المتحدة تعتبر أنّ جمهورية إيران الإسلامية مسؤولة عن هجومي اليوم في بحر عمان"، استناداً إلى معلومات جمعتها أجهزة الاستخبارات و"الأسلحة التي استخدمت" في الهجومين، والهجمات السابقة التي استهدفت سفن شحن في المنطقة واتهمت واشنطن طهران بالوقوف خلفها، وعدم امتلاك أي من المجموعات الموالية لإيران في المنطقة وسائل "على هذا القدر من التطوّر".

ومن خلال مراجعة الأدلة التي كشفتها وزارة الدفاع الأمريكية، يمكن، على الرغم من الجودة الضعيفة لمقاطع الفيديو الملتقطة، على ما يبدو، من طائرات مسيّرة كانت بالقرب من ناقلة النفط بعيد تعرضها لعمليات التخريب، استخراج مجموعة من المؤشرات التي تقطع الشك باليقين أن أصحاب تلك الأعمال الإرهابية لا بد أن تكون إيرانية.

وتظهر مشاهد شريط الفيديو، مركباً طويلاً، بلون فاتح، قد يكون أبيض، ويحمل مجموعة من الأشخاص تنزع جهازاً كان ملتصقاً على السفينة، قبل الهروب بعيداً عن ناقلة النفط.

ومع معاينة تفاصيل المركب كان واضحاً وجود عدد من الخطوط الداكنة الموضوعة على مقدمة المركب، كما بدا واضحاً جهاز الاتصالات الذي يرتفع فوق السطح، وفي لقطات أخرى وسط الفيديو المنشور، كان هناك جهاز على متن المركب منتصباً إلى الأعلى بشكل مائل.

وفي حين لم يكن سهلاً التعرف على وجوه الأشخاص على متن المركب وفيما إذا كان هناك أعلام مرفوعة على متن، إلا أن بحثاً في المقدرة البحرية للقوات الإيرانية، وبشكل خاص الحرس الثوري الإيراني يكشف عن امتلاك الأخيرة لمجموعة من المراكب الحربية التي تشبه كثيراً وبشكل مريب نفس تفاصيل المركب الذي تم رصده هارباً بعيداً من ناقلة النفط المتضررة.

وفي 11 مارس (آذار) 2016، نشرت وكالة مهر للأنباء تقريراً مصوراً بعنوان "تزويد بحرية الحرس الثوري بعشرات الزوارق السريعة" من طرازي "عاشوراء" و"ذو الفقار" وزوارق الإغاثة، في احتفال حضره وزير الدفاع الإيراني وجرى في ميناء بندر عباس في الخليج العربي، ويمكن رؤية مراكب في الاحتفال تشبه تلك المرصودة في الفيديو.

وفي حين يبعد ميناء بندر عباس ما يناهز 250 كم عن مكان وقوع هجوم أمس، يشار إلى أن معلومات استخباراتية نشرت في الأسبوع المنصرم أن معلومات جديدة كشفت أنه خلال الشهر الذي سبقه، تم تحميل عتاد عسكري في ميناء جاسك الإيراني على متن زوارق ومراكب، الذي يبعد بدوره ما يقارب 50 كلم عن مكان الهجوم.

وتوضح ورقة بحثية تنشر وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) على موقعها الإلكتروني بعنوان "محاربة إيران: دعم المخابرات أثناء عملية إيرنست ويل" تم نشرها في سبتمبر (أيلول) 2016، وتتعلق بالحماية الأمريكية لناقلات النفط الكويتية من الهجمات الإيرانية بين 1987-1988، خلال الحرب الإيرانية - العراقية، أن طهران لطالما اعتمدت سياسة وضع الألغام في الطرق البحرية وحتى تلغيم ناقلات النفط.

ويتابع التقرير أن الاستخبارات الأمريكية علمت في يوليو (تموز) 1987 أن النظام الإيراني انطلق في تدريب عسكريين على كيفية وضع الألغام في المياه، ووضع خطط عسكرية لاستخدام الحرس الثوري الإيراني جنوداً من "كوماندوز انتحاريين" لوضع شحنات متفجرة وألغام مغناطيسية على بدن السفن من دون أن تتوقف.

وتعكس الصور الملتقطة لناقلة كوكوكا كاريدجس، بحسب وزارة الدفاع الأمريكي، موقع آثار انفجار وآخر يعتقد أنه كان لغماً ثانياً مزروعاً لكنه لم ينفجر.

وفي حين لم يصدر حتى الآن أي تفاصيل ملموسة عن نوعية الألغام المغناطيسية المستعملة، يذكر تقرير لمعهد واشنطن في سبتبمر (أيلول) 2008، عن امتلاك طهران لألغام من نوع "صدف-01" استعمتلها مراراً ضد السفن الضخمة المناهضة له قبالة الساحل الإيراني، والتي يتم تفجيرها عن بعد بعد أن يتم إلصاقها على السفن.

وكان التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، عرض في 19 يونيو (حزيران) م2018 أمام الصحافيين، أجزاء من ألغام بحرية مغناطيسية استحصل عليها من عملياته الجارية في محيط وداخل اليمن، وقيل آنذاك إن الحرس الثوري سبق له أن عرضها في تدريبات عسكرية له مع الزوارق السريعة في 2014.

وبانتظار مجربات التحقيقات لمعرفة من قرر ونفذ الهجوم على ناقلات النفط، لا يمكن سوى استحضار تصريحات لقائد الحرس الثوري الإيراني في يوليو (تموز) 2018، عندما قال علانية "إن طهران ستمنع كل الصادرات من المرور في مضيق هرمز بالخليج إذا استجابت الدول لدعوات أمريكية للتوقف عن شراء النفط الإيراني".

وبالتالي مع امتناع الدول المحيطة بإيران، لاسيما المملكة العربية السعودية، الخوض في أي نقاش عن احتمال نشوب حرب في المنطقة، تدرك طهران أن الجميع لا يريد حرباً معها، وبالتالي لا يرى نظام الملالي طريقاً للتخفيف من آثار العقوبات المفروضة عليه والذهاب إلى المفاوضات جديدة في الملف النووي سوى عن طريق العنف والمزيد من نشر الإرهاب.