تنظيم الحمدين يزيد وتيرة دعم الإرهاب بالأموال والقوانين

عربي ودولي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية



مع مرور عامين على المقاطعة العربية لنظام الحمدين الحاكم في قطر، منذ 5 يونيو 2017، لم تنفك عصابة الدوحة على دعم الإرهاب والمتطرفين، ليواصل الذليل تميم بن حمد رهانه الخاسر على تنظيم الإخوان واحتضان قيادات التطرف في الدوحة.

ومنذ المقاطعة العربية للدوحة، زادت وتيرة استضافة الحمدين للمتطرفين ودعاة الإرهاب، إذ فتح لهم أبوابه، بعدما تطهرت منهم معظم العواصم العربية، ولم يكتف بذلك بل سخر منابره الإعلامية لهم لنشر أفكارهم الظلامية عالميا، لكنه تلقى مؤخرا صفعة أمريكية بالتحرك لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية.

وبالتزامن مع ذكرى مرور عامين على قيام الدول الداعية لمكافحة الإرهاب "السعودية والإمارات والبحرين ومصر" في 5 يونيو 2017 بمقاطعة قطر لدعمها الإرهاب، أصدرت الدوحة قبل أيام قرارا جديدا بشأن اللجوء السياسي لتقنين إقامة الإرهابيين المقيمين على أراضيها.

القرار الجديد جاء ضمن سلسلة إجراءات وسياسات قامت بها الدوحة لدعم الإرهابيين وتوفير ملاذات آمنة لهم، مع إصدار قوانين في الوقت نفسه بزعم مكافحة الإرهاب، كانت هي من تقوم بمخالفتها، في مؤشر على استمرار سياستها الداعمة للإرهاب.

كل ما انتهجته قطر من سياسات وما تكشف لاحقا من حقائق يدعم موقف الرباعي العربي في قرار المقاطعة، ويؤكد قوة موقفها.

وفي محاولة لتقنين أوضاع قيادات تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، وعدد من المطلوبين دوليا في قضايا تتعلق بجرائم الإرهاب الذين تأويهم دولة قطر، أصدر مجلس وزراء الإمارة الخليجية الصغيرة، قرارات من شأنها ضمان ولاء مطاريد الإخوان والقاعدة المصنفون على قوائم الإرهاب في دولهم، من خلال معاملتهم كلاجئين سياسين.

وصادق أمير قطر تميم بن حمد على قرار مجلس الوزراء، بتحديد الفئات التي لها الحق في طلب اللجوء السياسي لديها، وذلك استنادا لقانون رقم 11 لسنة 2018 الذي أصدره تميم بن حمد في سبتمبر الماضي، والذي يحدد إجراءات وشروط طلب اللجوء في البلاد.

والمدقق في الفئات التي يشملها القرار يلاحظ أكثر من أمر، استخدام تعبيرات فضفاضة في بعض الفئات، الأمر الذي ييسر على تنظيم "الحمدين" استخدامها متى شاء وبالكيفية التي يريد، في إيواء وتمويل الإرهابيين.

والأمر الثاني تفصيل بعض الفئات على حالات بعينها، مثل حركة الإخوان الإرهابية، أو العاملين في قناة "الجزيرة"، وترسانة إعلام الظل التي يوظفها "تنظيم الحمدين"، لتحقيق أهدافه بعيدا عن القيام بأي دور إعلامي حقيقي، كما يمتد ليشمل العملاء والمتآمرين على أوطانهم لصالح التنظيم.

وبحسب القرار الجديد، فإن الفئات التي لها الحق في طلب اللجوء السياسي لدى قطر هم: المدافعون عن حقوق الإنسان، الذين يتعرضون للملاحقة والتهديد بالاعتقال أو السجن أو التعذيب، بسبب مواقفهم ضد انتهاكات حقوق الإنسان، أو الذين فروا بسبب أحكام صدرت بحقهم جراء هذا الموقف.

وكذلك "مراسلو ومندوبو وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة الذين يعملون على توثيق وتصوير الوقائع والأفعال التي تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ويتعرضون للملاحقة والتهديد بسبب عملهم".

أيضا من هذه الفئات الأشخاص الذين ينتمون لأحزاب سياسية أو طوائف دينية أو أقليات إثنية ويكونون عرضة للملاحقة أو الاضطهاد بسبب هذا الانتماء، ومنهم أيضا: الكتاب والباحثون الذين يعبرون عن آرائهم في الصحف والمجلات أو المدونات الإلكترونية ويتعرضون للملاحقة والتهديد بسبب ذلك.

وكذلك يندرج ضمن هذه الفئات: المسؤولون الحكوميون السابقون أو الحاليون المعارضون لحكوماتهم أو المنشقون عنها، ويخشون التعرض للملاحقة والتهديد بسبب ذلك.

ففي الوقت الذي يحاول فيه القرار التجمل وإظهار قطر بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان، وحرية التعبير، فإن التقارير الدولية تكشف واقعا أسود للوضع الحقوقي في قطر على مختلف الأصعدة، آخرها تقرير "مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان" الصادر قبل أيام عن بعض ممارسات النظام القطري المشينة في مجال حقوق الإنسان، والسجل الأسود لنظام "الحمدين" في مجال حقوق الإنسان عامة.

وكانت الدوحة قد أعلنت تغاضيها عن الجرائم الإرهابية التي ارتكبها عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، بزعم أن هذه الجرائم "مُسيسة"، وذلك للتحايل، وتقنين حماية الإرهابيين داخل الإمارة.

وسبق أن فضحت وثائق "آبوت آباد" التي تمت مصادرتها عقب اقتحام القوات الأمريكية مخبأ زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في باكستان في مايو 2011، في عملية أسفرت عن مقتله، حيث تؤكد اعتبار تنظيم القاعدة الإرهابي قطر مكانا آمنا لإقامتهم.

ومن بين ما تتضمنه تلك الوثائق مفكرة شخصية ورسائل بخط يد أسامة بن لادن، تكشف الكثير عن هذا التنظيم وعلاقاته، وأفرجت وكالة الاستخبارات الأمريكية عن تلك الوثائق على دفعات، كان أحدثها في نوفمبر عام 2017.

وأظهرت تلك الوثائق اهتمام ورغبة حقيقية من بن لادن والتنظيم الإرهابي بجعل ابنه حمزة الوريث الشرعي لقيادة التنظيم.

وتكشف أيضا تلك الوثائق علاقة التنظيم القوية بتنظيم الحمدين في قطر وثقته فيهم، إذ حذر بن لادن نجله حمزة الذي كان يقيم في إيران من الوثوق في النظام الإيراني، ونصح في رسالة كتبها إلى أبنائه وإحدى زوجاته المقيمين في إيران بترك ممتلكاتهم والتوجه إلى قطر كطرف موثوق، مشيرا إلى أنها "الجهة الأسلم لتلافي الأزمات المقبلة".

وكشفت رسائل بن لادن أيضاً عن رغبته في أن ينتقل نجله حمزة إلى قطر لدراسة العلوم الشرعية، حتى يتمكن من مقاومة التشكيك في الجهاد وترسيخ قناعته، حسب تعبيره.

ورصدت الخارجية الأمريكية مطلع مارس الماضي، مكافأة مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن القيادي بتنظيم القاعدة "حمزة بن لادن"، لتتخذ وزارة الداخلية السعودية هي الأخرى إجراء ضد القيادي في تنظيم القاعدة وتجرده من الجنسية السعودية.

ورغم محاولتها الزعم بمكافحة الإرهاب فإن ممارساتها دائما تفضحها، ففي مارس 2018، أصدرت الداخلية القطرية قائمة بشخصيات وكيانات أدرجتها على قائمة الإرهاب، تشمل تصنيف 20 شخصا و8 كيانات، سبق أن تم إدراج معظمهم في قوائم الإرهاب الصادرة عن الدول المقاطعة لقطر.

وعقب إصدار القائمة، شهدت مسابقة رياضية في قطر تكريم مبارك العجي المدرج على قائمة الإرهاب القطرية.

وفي الشهر التالي، صدم العالم بحضور رئيس وزراء قطر حفل زواج نجل عبدالرحمن النعيمي المطلوب رقم واحد على قائمة الإرهاب القطرية، والمدرج كذلك ضمن قائمة الإرهاب التابعة للخزانة الأمريكية منذ 2014، والمدرج على قوائم الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، الأمر الذي اعتبره مراقبون أنه يكشف عن حجم التحالف بين نظام الحمدين وهذه الجماعات الإرهابية.

واعتبر الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، في سلسلة تغريدات له آنذاك، حضور رئيس وزراء قطر حفل زواج ابن عبدالرحمن النعيمي "دعم الدولة للإرهاب والتطرف"، ويؤكد أن أزمة الدوحة أساسها "دعم الإرهاب والتطرف".

وقال قرقاش في تغريدة له إن "حضور رئيس الوزراء القطري زواج ابن الإرهابي مموّل "القاعدة" عبدالرحمن النعيمي، وبوجود الأخير، قوض جهود عشرات مكاتب المحاماة وشركات العلاقات العامة في واشنطن، كما أكد أن أزمة الدوحة أساسها دعم التطرّف والإرهاب".

ووجه قرقاش سؤالا "كيف يمكن لدولة تسعى لإقناع العواصم الغربية أنها نبذت ممارساتها السابقة في دعم التطرف والإرهاب أن تسمح بالحضور الرسمي وبالاحتفاء العلني لشخص تصدّر قائمة الإرهابيين التي أصدرتها؟ أسئلة عديدة تشكك في مصداقية الخطاب القطري الموجه لواشنطن والعواصم الغربية.

ورغم أن التجنيس ليس حكرا على قطر، وليست بدعة منها؛ لكن الإشكالية أن قطر باتت بوابة لتجنيس المعارضين نكاية في دولهم والإرهابيين، لتوفير مأوى لهم يكون منطلقا لهم للإضرار ببلادهم.

كل ذلك تنبهت له الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، منذ عام ٢٠١٣، لذلك تم التوقيع على اتفاقية الرياض في 23 نوفمبر 2013 التي أقر فيها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، بالالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم إيواء أو تجنيس أي من مواطني دول المجلس ممن لهم نشاط يتعارض مع أنظمة دولته إلا في حال موافقة دولته، وعدم دعم الإخوان المسلمين أو أي من المنظمات أو الأفراد الذين يهددون أمن واستقرار دول مجلس التعاون عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي.

ونتيجة عدم التزام الدوحة بالاتفاق حدثت أزمة قطر الأولى في 5 مارس 2014 بإعلان السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، وانتهت الأزمة في الـ16 من نوفمبر 2014، بتوقيعها اتفاقاً جديداً في اليوم نفسه، وتعهدها بالالتزام بكلا الاتفاقين "اتفاق الرياض 23 نوفمبر 2013 واتفاق الرياض التكميلي 16 نوفمبر ٢٠١٤".

أيضا كان عدم التزام قطر بكلا الاتفاقين، أحد أبرز أسباب أزمتها الثانية بإعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب مقاطعتها الدوحة منذ ٥ يونيو ٢٠١٧ لدعمها الإرهاب.

وكشف الوجود القوي لقيادات التنظيم الإخواني، داخل الدوحة، وحصول بعضهم على الجنسية القطرية وعلى رأسهم المصري الأصل يوسف القرضاوي الذي تستخدمه الدوحة للهجوم على الدول العربية، عن لعبة تنظيم الحمدين للإضرار بالمنطقة العربية.

أيضا ارتبط اسم الإرهابي عبدالعزيز المقرن بقطر، بعد أن كشف وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير، في وقت سابق، عن منح الدوحة جواز سفر قطريا للمقرن، مكنه من دخول أراضي المملكة العربية السعودية، حيث خطط لتنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية، حيث تزعم المقرن تنظيم القاعدة في السعودية لمدة ثلاثة أشهر، كانت الأكثر دموية في تاريخها.

وفي إطار سياساته الداعمة للإرهاب حول العالم، كشف كتاب جديد يحمل اسم "أوراق قطر"، صدر إبريل الماضي عن التمويل القطري للإرهاب في أوروبا، عبر مؤسسة "قطر الخيرية"، التي تبث سمومها تحت ستار المساعدات الإنسانية وتمول بناء مساجد ومراكز ومؤسسات تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي.

ووصف الصحفيان الاستقصائيان كريستيان شينو وجورج مالبرنو، في كتابهما "قطر الخيرية" بـ"المؤسسة الأقوى في تلك الإمارة الصغيرة"، مؤكدين أنها تمكنت من "التوغل في 6 دول أوروبية أبرزها فرنسا، وإيطاليا، وسويسرا"، كما حذرا من خطورة هذا التمويل.

ورسم كتاب "أوراق قطر" المؤلف من 295 صفحة خرائط توضيحية لمحاولة الدوحة بث التطرف في أوروبا، كما كشف للمرة الأولى، تفاصيل أكثر من 140 مشروعاً لتمويل المساجد والمدارس والمراكز، لصالح الجمعيات المرتبطة بتنظيم الإخوان الإرهابي.

كما أظهر الكتاب الذي أصدرته دار نشر (ميشيل لافون) الطموح الجيوسياسي الذي يرسمه أمير قطر خارج حدوده لتوسيع نفوذه خاصة في أوروبا تحت ستار الأعمال الخيرية.

وطالبت منظمة حقوقية أمريكية بالكشف عن دور حكومة قطر وتأثير تمويلها المشبوه على برامج جامعة حكومية في ولاية تكساس، لا سيما في ظل ارتباط الدوحة بتمويل الإرهاب والمتطرفين في الشرق الأوسط، وسعيها لشراء النفوذ في واشنطن.

ويقوم تنظيم الحمدين باستخدام أموال وثروات الشعب القطري المغلوب على أمره لدعم وتمويل الإرهاب، ومن أبرز الجماعات الإرهابية التي ثبت تورط تنظيم الحمدين في دعمها، جبهة النصرة في سوريا التي ظهر زعيمها أبومحمد الجولاني على شاشة "الجزيرة" القطرية، في وقت سابق، وحزب الله في لبنان وحركة الشباب في الصومال.