د.حماد عبدالله يكتب: كيفية إنشاء مراكز القوى !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله -
د.حماد عبدالله - أرشيفية


 تميزت السلطة فى مصر على مر العصور بتكوين دوائر قريبة منها تمتلك من عناصر القوة السياسية والإجتماعية وبالتالى قوى إقتصادية غير رسمية (غير مرئية) وسيطرت على مجريات الأمور فى حياة المحروسة.
وأشهر مراكز القوى التى تشكلت وحوكمت علنا فى عصور مختلفة على سبيل الذكر وليس الحصر.
فى عصر الملك فاروق وبعد قيام الثورة وتوليها حركة التطهير بين رجال القصر وبين رجال الأحزاب وأشهر هذه الأسماء مستر "بوللى" رفيق الملك فاروق "وخائنه الأول" وأحمد حسنين باشا "كبير ياوران القصر" وغيرهم وسميت الحركة التى صفيت بها مراكز القوة تحت عنوان عريض (التطهير)!!
وظلت ثورة يوليو تمارس حكمها فى ظل حقبات زمنية مختلفة من خلال تنظيمات سياسية هى (هيئة التحرير ، الإتحاد القومى ، الإتحاد الإشتراكى ، ثم المنابر السياسية التى تحولت إلى أحزاب".
وبعد إنكسار الأمة فيما سميت بنكسة يونيو 1967 قام النظام بمحاكمة المسئولين عن النكسة وصدرت من خلال محاكم الثورة أحكام ضعيفة ثار الشعب عليها وإعتبر أن المسئولين عن النكسة هم مراكز قوى أفسدت الحياة السياسية وبالتالى إنهزم الجيش المصرى دون دخول فى حرب ومواجهة حقيقية ضد العدو الصهيونى.
وبعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر سبتمبر 1971 وتولى نائبه الرئيس محمد أنور السادات سلطة البلاد ظهرت مراكز القوى بشراسة وقادت ضد السادات أكبر حملة تشهير بعدم قدرته على القيادة وتنازعت معه على ولاية الحكم فى مصر وكان يوم 15 مايو 1971 هو اليوم الذى إنقض فيه الرئيس السادات على كل عناصر هذه المراكز والبؤر وتم القبض عليهم جميعاً لكى يحاكموا تحت عنوان القضاء على مراكز القوى التى سيطرت على الحياة السياسية المصرية وأعلنت حقها فى أرث حكم البلاد والسيطرة على مقدرات الوطن بحكم قربها من دائرة النظام والسلطة إبان حكم الرئيس عبد الناصر.
وإنتهت هذه المرحلة بإقصاء كل مشاهير السلطة فى البلاد وإيداعهم السجون وإقصائهم عن الحياة السياسية ومنعهم من حقهم الدستورى فى مزاولة عمل سياسى أو حتى المشاركة فى عمل عام !!
ومن خلال مزاولة النظام لنشاطه فى حكم البلاد وما طرأ عليها من تغيرات سياسية وإجتماعية نتيجة تغير التوجه الإقتصادى من إقتصاد موجه إلى إقتصاد حر والإنخراط فى المجتمع الدولى من خلال إتفاقيات دولية وخاصة إنتشار التحول فى نصف الكرة الأرضية من نظم إشتراكية وشيوعية إلى النظام الرأسمالى وسقوط الإتحاد السوفيتى وتسلط القوى الغربية على مجريات الأمور الدولية كانت المحروسة قد إنتقل الحكم فيها من الرئيس أنور السادات أكتوبر 1981 إلى الرئيس محمد حسنى مبارك أثر حادث أليم وإغتيال الرئيس الراحل السادات فى أوج إحتفال الوطن بإنتصاره فى 6 أكتوبر  1981!!
وعناصر التشكيل لمراكز القوى تعتمد بجانب القرب من دائرة القيادة السياسية أو قيادة تنفيذية أو القيادة الحزبية أو أى قيادة حتى ولو على مستوى مؤسسة أو شركة أو حتى جامعة !! تعتمد بشكل أساسى على عدم قبول أى نقد يوجه لهذه البؤرة أو هذا المركز
وقيام مجموعة من البشر مثل "النحل الشغال" بحماية وتحصين هذه الشخصية "كمملكة النحل" ممنوع الإقتراب وممنوع النقد !! وتنفيذ كل ما يصدر عن هذه الشخصية وكأنها أوامر مقدسة والإشارة إلى كل ما يصدر عنها بأنه إلهام وأنه حس بالنبض الشعبى وكلام كبير !!
ويبدأ شخص (مركز القوى) بعد أن كان ضعيفاً وبعد أن جاء سليماً صحياً وذهنياً ويبدأ بإشاعة الخوف والرهبة ويحصن كل ما يصدر عنه بأنها أوامر عليا وإذا بالصورة تصبح سوداء قاتمة ويتحول إلى طبقة عازلة ما بين الأعلى والأقل منه فى السلطة !!
بل الأكثر من ذلك يشيع بأنه كان مع الباشا فى غداء والباشا هنا (المقصود به رئيسه) وأنه أشار عليه بكذا ..وكذا .. !!
وبكثرة الأكاذيب يصدق ونصدق جميعاً بأن مركز القوة أصبح لا يمس ولا يقترب منه !
ومن هنا يعيث فى الأرض فساداً وحسب قدراته وأصوله تبدأ حملات النهب والإرهاب الفكرى.
إلى أن نكتشف يوماً أنه القى به فى صندوق قمامة الزمن وأن كل ما نتخيله وهم من أوهام الزمن الأسود المتكرر على شعب المحروسة نتيجة (تشكل مراكز القوى) هذا الوثن الذى ورثناه مع الأدب الشعبى المصرى !!!  
وللحديث بقية ....