"2 مصورين".. حيلة عم"محمود" لجلب الرزق بعد انخفاض الإقبال على المشغولات النحاسية

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


بمجرد أن تسير في شارع المعز حيث أصل وأساس مدينة القاهرة تشعر وكأنك تستنشق تاريخ مصر خلال العصر الإسلامي، أما عندما تنظر للآثار ومحلات المشغولات التراثية القديمة التى تعج بها الشوارع على جانبيها تجد نفسك دون أن تشعر وكأنك تقيم حواراً مطولاً مع الأجداد.

ربما اختلفت ملامح الشارع قليلاً بمرور الوقت، فأقدام الشباب من كافة الأعمار أصبحت تدب طيلة الليل والنهار تراهم هنا وهناك يلتقطون الصور أمام المناطق الأثرية، يرتدون ثياب من عصور ماضية لحضور الحفلات الغنائية والمهرجانات، يقبلون على شراء الإكسسوارات، يجلسون بالمقاهي القديمة للتسامر برفقة أصدقائهم، وقراءة الكتب.

ومع الطابع الجديد الذي اكتسبه الشارع من طبيعة زائريه الشبابيه، كان "محمود الصيني" يجلس في متجره للمشغولات الخزفية يتابع عن كثب اختلاف طبيعة واهتمامات الزائرين بمرور الوقت.

فقد اعتمد رزقه في الشارع السياحي على بيع المصنوعات الخزفية والمشغولات اليدوية في المتجر الخاص به والذي ورثه عن جده منذ 30 عاماً، وكان يصنعها في مصنعه الخاص لتصبح المنتجات حاملة شعار "صنع في مصر"، ولكن الأمر تبدل حالياً، فلم يعد الشباب شغوفاً بتلك المشغولات، ولكن التقاط الصور السليفي بالملابس الفلكلورية، وتسجيل اللحظات الرائعة برفقة أصدقائهم لمشاركتها عبر مواقع التواصل الأجتماعي هو ما يشغل تفكير الزائرين، ما أدى إلى أنخفاض نسبة مبيعات المحل"مبقناش نبيع زي الأول، كل 5 أيام ببيع قطعة من المشغولات، فهصرف منين على بيتي وعيلي!".

 





قلة حيلة "محمود" وغلاء المعيشة، وعدم الإقبال على شراء المصوغات النحاسية دفعه لتحويل باب رزقه إلى نشاط أخر يجلب مصروفات المعيشة، ويتماشى مع طبيعة زائري الشارع" كان لازم أفكر في حاجة جديدة، شارع المعز بقى كله شباب، والخزف والمصنوعات مش على مزاجهم فمحدش بيشتريه، لكنهم بيحبوا التصوير واللبس القديم فقلنا نشتغل اللي بيحبوه".

شابان يقفان أمام المحل أحدهما يحمل في يديه ملابس نسائية من التراث "ملاية لف"، أو"ساري هندي"، ويقف الآخر ممسكًا بكاميرا يلتقط بها صورًا للفتيات الراغبات في التصوير، بعد أن يرتدين الملاية أو الساري، مقابل مبلغ من المال.
 
اتفق "محمود" مع أثنين من المصورين على العمل معه في المحل مقابل مبلغ مالي"يومية" يحصل عليها المصور في اليوم، وقام بشراء عدد من الملابس الفلكورية كالساري والملاية اللف وعباءة محمد علي، وبدأ في مهنته الجديدة" البنات بتحب التصوير، فقلنا إن الصورة باللبس القديم بـ5 جنية، ويومية المصور الواحد 300 جنية بياخدهم وهو مروح، وباقي الفلوس جزء منها مصاريف للبيت والباقي مصروفات الكهرباء والمياه للمحل".



 






برغم أن التصوير يجلب المال الكافي لاحتياجات المنزل، ولكن حب ثلاثيني العمر لمهنة المشغولات الخزفية، التي ورثها عن الأجداد، مازال يجري في عروقه ولا يمكنه الاستغناء عنه" احنا مهنة متوارثة .. صعب جداً نغير جلدنا.. أصلها حب عن وراثة.. ومنقدرش نغامر ونقفل محلاتنا ولكن بنشارك مع الغير علشان العجلة تمشي".

أحلام تاجر الخزف بسيطة تتمثل في راحة البال ورزق الأبناء، ولكن أكثر ما يشغل بالهم المصروفات الزائدة التي يتحملونها شهرياً "احنا أزمتنا غير قلة عدد الزباين، مصاريف الكهرباء والضرائب اللي بقت أضعاف مضاعفة أقل محل لو مبيشتغلش، الكهرباء بس بتجيله 300 جنية، محتاجين الحكومة ترأف بحالنا".