منال لاشين تكتب: سرقة المصريين فى عالم الانترنت

مقالات الرأي



سرعة النت فى مصر أقل من سوريا


الخبر صادم ولكنه معبر، الرقم ينطق بأقصى العبارات ويكشف عن الظلم الذى نعانيه جمعيا فى الفضاء الافتراضى، فكل تعامل لنا مع الإنترنت يؤدى إلى سرقة حقوقنا لمشتركين سواء على إنترنت الموبايل أو الإنترنت المنزلى، وبالطبع التعامل مع شركات المحمول لا يقل قسوة ولا ظلما من الإنترنت.

نحن أمام سوق غير منضبط وليس له علاقة بما يجرى فى العالم بما فى ذلك الدول العربية المستقرة، وأخرى لا تعرف طعم الأمان والاستقرار وتواجه مخاطر التقسيم، نحن فى حاجة إلى تفعيل مراقبة الشركات من ناحية، والتمتع بأقوى وأفضل الخدمات من ناحية أخرى.


1- سرعة السلحفاة

فى كل شهر يصدر تقرير مهم جدا يكشف ترتيب الدول فى سرعة الإنترنت فى المحمول، وفى شهر مارس احتلت مصر المركز لـ95، وعلى الرغم من تواضع الترتيب، وعلى الرغم من تكرار هذا الترتيب المخزى، رغم هذا وذاك إلا أن الكارثة أن سرعة الإنترنت موبايل فى سوريا تسبق سرعة الإنترنت موبايل فى مصر، تصوروا أن سوريا التى تتعرض لحرب شاملة وقذف ونيران ويطاردها شبح التقسيم، تصوروا أن دولة تمر بهذه الظروف تسبق مصر فى سرعة الإنترنت موبايل.

وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار الإنترنت موبايل فى مصر مقارنة بعدد من الدول العربية التى سبقتنا فى ترتيب سرعة إنترنت الموبايل.

المشكلة الأخرى أو بالأحرى الظلم الآخر هو معضلة استهلاك الباقة الشهرية من إنترنت الموبايل، حكت لى صديقة هذه القصة أو بالأحرى الفضيحة، كانت صديقتى تستهلك 10 جيجا شهريًا وهى فى دبى، وعندما عادت إلى مصر استخدمت نفس الباقة وبنفس الاستخدام، ولكن الباقة انتهت قبل مرور عشرة أيام فقط، حتى الآن لم تظهر الفضيحة بعد، انتظروا فعندما اشتكت صديقتى إلى شركة المحمول كان الرد: حضرتك ما ينفعشى تقارنى الخدمة هنا مع الخدمة هناك، كده هتتعبى أوى وأضافت الموظفة: «حضرتك الباقات هنا مضروبة» هذه قصة من آلاف القصص التى تقابلنا كل يوم مع كل الشركات.


2- عبودية الشركات

من إنترنت الموبايل إلى إنترنت المنازل لايزال الوضع على نفس وتيرة الظلم، أسعار الإنترنت المنزلى نار وسرعة الإنترنت بطيئة فى معظم الباقات، والفارق بين الباقات مرتفعة الثمن والباقات الأخرى محدود جدا، وليس من حقك الشكوى أو الاعتراض ولا حتى ترك الشركة مهما حدث لك، فالعلاقة بين المشترك والشركة فى مصر أشبه بالزواج الكنسى لا يمكن أن تنتهى إلا عبر إجراءات معقدة تجعلك تفكر ألف مرة قبل فسخ التعاقد، ففى عهد حكومة الدكتور أحمد نظيف اشتكت الشركات من ظاهرة أزعجتهم جدا، فالمواطنون يمارسون حقهم فى التنقل بين الشركات، وترك الشركة التى لا تعجبهم، وتعللوا بأن المواطن لا يدفع المستحقات المالية للشركات، فصدر قرار عجيب جدا لصالح الشركات، وبحسب هذا القرار فإن المواطن الذى يريد التعاقد مع شركة جديدة عليه أن يرجع لشركته القديمة ويأخذ منها الإذن الكتابى، وهذا الإذن هو شهادة من شركة الإنترنت القديمة بأن المواطن سدد كل التزاماته المالية تجاه الشركة، وبدون هذه الشهادة لا يستطيع المواطن أن يحصل على الخدمة من أى شركة أخرى، ويمكن أن نتصور بسهولة شديدة معاناة المواطن لكى يحصل على خلع من الشركة القديمة، فى البداية تبدأ بإغرائه بالبقاء مع الشركة مع وعود وردية، ثم تكشر الشركة على أنيابها وتطالبه بمبالغ كبيرة وهى تدرك أنه مضطر للدفع حتى يستطيع الاشتراك فى شركة أخرى.


3- عروض مريبة

من أكثر السلوك الذى يشى بوجود اتفاق احتكارى ضد المستهلك هو تشابه عروض الشركات العاملة فى السوق، ولاشك أن عروض شركات المحمول الثلاث الأولى تتشابه إلى حد يوحى بشبهة الاتفاق بين الشركات، فعلى الرغم من المنافسة الشرسة بين الشركات والحملات الإعلانية التى تنفق الشركات فيها العشرات من ملايين الجنيهات، على الرغم من ذلك فلا توجد شركة واحدة تقدم عرضا منفردا أو خارج الصندوق، وفى عروض كثيرة للشركات الثلاث يبدو الأمر وكأننا أمام تغيير فى الأسماء فقط، وقد ظهر هذا الأمر بوضوح عندما بدأت الشركة الرابعة للمحمول فى تقديم عروضها وخدماتها لأنها تقدم إلى حد كبير عروضًا مختلفة فى بداية انطلاقها، وتأتى الضرائب والرسوم الجديدة لتكشف مرة أخرى شبح الاتفاق الاحتكارى بين الشركات، ففى مواجهة ارتفاع التكلفة على المواطن اختارت الشركات أن تنقل عبء هذه الرسوم على المواطن، وذلك بدلا من تحمل جزء عنه خاصة أننا أمام سوق تحقق أرباحًا.

ولذلك اعتقد أن سوق المحمول والإنترنت فى مصر يحتاح وقفة رقابية أكثر فاعلية، فمن حق المواطن أن يحصل على سرعات أعلى مثل الدول العربية وخدمات أكثر تقدما وأقل سعرًا، ولم يحدث ذلك إلا بالسماح لكل من جهاز حماية المستهلك وجهاز حماية المنافسة بالدخول بقوة إلى سوق المحمول والإنترنت.