مصطفى محمد يكتب : « تشي » جوارديولا .. و« نداهة » التيكي تاكا

ركن القراء

مصطفى محمد
مصطفى محمد



في دراسة أجرتها جامعة أوكسفورد، عن فكرة توأم الروح (الأسطورية) للمؤلف المسرحي اليوناني السياسي الساخر أرسطوفانيس، وهل هي موجودة بالفعل أم مجرد وهم؟

أثبتت تلك الدراسة أن توأم الروح موجود فعلا .. فهو تحديدا صديقك المقرب الذي يمكنه أن يفهمك بسهولة، وهذا هو تعريفه في علم الاجتماع.

أما علميا" فتقول الدراسة أن الأمر مرتبط أكثر بالهرمونات ومصادر الطاقة بجسم كل إنسان، والتي ترتبط بهرمونات ومصدر الطاقة لدى شخص واحد فقط في العالم كله، وربما هو ما يعرف بـ « الكيمياء» بين البشر.

وسواء كان الاحتياج لتوأم الروح لإشباع حاجة نفسية عاطفية، أو كان تحت ضغط طلب هرموني للجسد من أجل الحصول على الطاقة!

ففي كلا الحالتين يبدو الأمر واقعا يعيشه ابن كتالونيا الإسبانية الثائرة، الأسطورة بيب جوارديولا، آينشتاين التدريب في كرة القدم العالمية في الألفية الجديدة، في علاقته وارتباطه بـ « التيكي تاكا ».

فـ جوارديولا الذي أمضى 4 مواسم مدربا لبرشلونة أحرز فيها 14 لقبا، وتوج 7 مرات مع بايرن ميونخ في 3 مواسم، وحقق 3 بطولات مع مانشستر سيتي منذ مطلع فبراير 2016.

وهو القائد، صاحب مسيرة الـ9 مواسم تدريب لم يفقد فيها بطولة الدوري سوى مرتين، الأولى موسم 2011/2012 لفائدة ريال مدريد، والثانية 2015/2016 لصالح تشيلسي.

يقول جوارديولا : « مستحيل أن أغير طريقة اللعب، يجب على الفريق أن يلعب بأفكار المدرب، أنا مقتنع بأنها الطريقة الأمثل ».

ويضيف الابن البار للهولندي الطائر يوهان كرويف : « لا أسعى إلى تغيير ثقافة كرة القدم في الدول التي اعمل بها. لكن عندما أتحدث يوميا مع لاعبي فريقي، لا أقبل التحدث بأفكار لا أؤمن بها ».

ويؤكد بيب : « لا يمكنني الرد على من يتمنون فشلي. سألعب دائماً بطريقتي التي أراها مناسبة للفريق، أنا مقتنع بها وأحبها، أتأسف لكم، لن أغير أفكاري أو اسلوبي ».

وفي ظل هذه التصريحات « الراديكالية» للقادم من الأراضي الكتالونية، تتشكل لدينا قناعة لا تقبل الشك في إن جوارديولا.. يؤمن تماما أن « التيكي تاكا » التي تتمحور حول الاستحواذ المطلق على الكرة، هي توأم روحه والتي لن يفرق بينهما سوى مفارقة الحياة نفسها!

ضغط حلم الرباعية التاريخية القاتل!

بعد حصد السيتي لكأس الرابطة الإنجليزية هذا الموسم، وبلوغ الفريق نهائي كأس انجلترا، ومع اقتراب مراحل الحسم في البريميرليج، وحالة النضج التي وصل إليها مشروع بيب مع « السكاي بلوز » في موسمه الثالث،

وجميعها أسباب منطقية جعلت جماهير المان سيتي تحلم بالرباعية، التي لم تتحقق مطلقا في تاريخ بلاد مهد كرة القدم.
إلا إنه مع اصرار جورديولا على القتال في كافة الجبهات بالقوة الانفجارية القصوى من دون تحديد للأولويات!

ومن ثما وضع ضغوط هائلة على لاعبيه، فاستيقظ الجميع على كابوس الخروج من دوري الأبطال، اللقب الذي فشل جوارديولا في معانقته منذ 2011 مع برشلونة.

ثم تأتي صحوة ليفربول وتمسكه بالأمل حتى الرمق الأخير في البريميرليج، لتهدد بشدة مسار المان سيتي نحو منصة التتويج للعام الثاني تواليا.

لا يستطيع أحد انكار حقيقة أن أسلوب بيب منح كرة القدم العالمية إكسير الابداع، ورسخ متعة في أذهان عشاق فنه ستظل محفورة في ذاكرة الخلود للساحرة المستديرة..

ولكن..

إلى أي مدى يمكن لمثالية جوارديولا الحالمة أن تستمر في قمع واقعية وميكافيلية كوكبنا المتناقض؟

وهل يظل بيب منساقا وراء « التيكي تاكا » بلا شعور وكأنها « النداهة » كما في موروثنا الشعبي؟

أم يخبو نجم بيب مستقبلا"، وينكسر أمام «تسونامي» الواقعية في كرة القدم العالمية!