"الحكم لعام آخر" و"احتواء المظاهرات".. هل خدع "بوتفليقة" الجزائريين بإعلانه عدم ترشحه للرئاسة؟

عربي ودولي

المظاهرات الجزائرية
المظاهرات الجزائرية


أعلنت الرئاسة الجزائرية، في سلسلة بيانات صدرت مساء الاثنين، عن أن الانتخابات الرئاسية سيتم تأجيلها وسيطرح دستور جديد في استفتاء عام، ليقول الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعدها إن واجبه الأخير سيكون المساهمة في تأسيس نظام جديد سيكون "بين أيدي الأجيال الجديدة من الجزائريات والجزائريين".

"بوتفليقة" يحكم عاما آخر
وذكر "بوتفليقة"، أن هيئة "وطنية جامعة مستقلة" ستشرف على المرحلة الانتقالية، وصياغة الدستور الجديد، وتحديد موعد الانتخابات.

وكان بوتفليقة حاول منذ أسبوع تهدئة الاحتجاجات عبر رسالة تعهد فيها أن يحكم لمدة سنة واحدة في حال الفوز بالولاية الخامسة، وأن تجري انتخابات جديدة لا يترشح فيها بعد ذلك، وأن يتم تأسيس هيئة لصياغة دستور جديد، لكن تلك الرسالة لم توقف التظاهرات.

ومن هنا يبدو، بحسب معارضين ومراقبين أن النظام تمكن من تنفيذ المخطط القديم من خلال البيان الجديد الذي أطلقه بوتفليقة الاثنين، إذ سيحكم لمدة عام تقريبًا دون انتخابات.

ويعني اقتراح الرئيس الجزائري، لانتقال "تديره السلطة وبآلياتها" إعادة إنتاج النظام القديم بصورة جديدة دون تغييرات جوهرية، وذلك بحسب بعض أنصار المعارضة.

ردود فعل متفاوتة حول قرار "بوتفليقة"
وتفاوتت ردود الفعل الشعبية والرسمية والحزبية على قرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة، فهناك من رحب بالقرار، وثمة من اعتبره مناورة سياسية لنظام الحكم في البلاد.

وإذا كان من الطبيعي أن يرحب حزب الأغلبية في البرلمان، جبهة التحرير الوطني بقرار بوتفليقة، ينظر الكثير من أوساط الشباب الذين شاركوا في الحراك السلمي إلى الأمر بريبة، قائلين إن ذلك ليس سوى عبارة عن "مناورة من النظام" لكسب الوقت ولملمة أوراقه وإعادة هيكلته بطريقة جديدة.

ويحكم بوتفليقة (82 عاما) البلاد منذ 20 عاما، لكن نادرا ما ظهر في مناسبات عامة، منذ إصابته بجلطة عام 2013، ويقول معارضوه إنهم لا يعتقدون أنه لائق لإدارة شؤون البلاد، ويرون أن إبقائه في السلطة يهدف لحماية نفوذ الجيش ونخبة رجال الأعمال.

قوى المعارضة ترفض إرجاء الانتخابات
وأعربت أكبر قوى معارضة في الجزائر عن رفضها لما تقدم به رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة من وعود بإرجاء الانتخابات الرئاسية وعدم الترشح لولاية خامسة.

وقللت أحزاب سياسية معارضة في الجزائر من جدية تعهدات بوتفليقة بإجراء تغيير حكومي، حيث عُيّن وزير الداخلية نور الدين بدوي رئيسا للحكومة ووزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة نائبًا له.

وفي تصريح مسجل نشر اليوم الثلاثاء، حمّل علي بن فليس، رئيس حزب "طلائع الحريات" ورئيس الحكومة الأسبق، من سماهم "القوى غير الدستورية" المسؤولية عن الاستمرار في الاستيلاء على صلاحيات رئيس الدولة وعلى مركز صنع القرار في البلاد وعن تحقيق "تعد جديد على الدستور" من خلال تمديد الولاية الرئاسية الرابعة لبوتفليقة، مشددا على أن هذا القرار جاء خارج كل النصوص القانونية دون موافقة من الشعب.

ومن جانبه، اعتبر رئيس "جبهة العدالة والتنمية" عبد الله جاب الله قرارات بوتفليقة "مستهلكة"، وقال إن الوعود نسخة أصلية عن رسالة الترشح تعوزها الضمانات التي تهدف إلى الالتفاف على مطالب الشعب، داعيا إلى اليقظة ومزيد من التجند.

وبدوره، ناشد كريم طابو، المنسق الوطني لحزب "الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي"، الشعب تنظيم مظاهرات مليونية في جميع أنحاء البلاد رفضا لمبادرة بوتفليقة، محذرا من "محاولة من النظام للمؤامرة على الحراك الشعبي".

وأعلن عبد المجيد مناصرة، نائب رئيس "حركة مجتمع السلم" ("حمس")، وهي أكبر حزب إسلامي في البلاد، أن قرار بوتلفيقة لا يستند إلى نص دستوري، قائلا إن الرئيس استجاب لمطالب المتظاهرين "لكن على طريقته".

فرنسا ترحب بقرار الرئيس الجزائرى بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة
وحيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء، عدول نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة، معتبرا أنه يفتح فصلا جديدا في تاريخ الجزائر، داعيا لـ"مرحلة انتقالية بمهلة معقولة". 

ووجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء خلال زيارة رسمية لجيبوتي تحية لقرار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بالعدول عن الترشح لولاية رئاسية خامسة، ودعا لفترة انتقالية "بمهلة معقولة"، ولكنه لم يحدد ما يعتبره مهلة معقولة.

وقال ماكرون في مؤتمر صحفي مع نظيره الجيبوتي إسماعيل عمر غيلله "أحيي قرار الرئيس بوتفليقة الذي يفتح صفحة جديدة" في التاريخ الجزائري.

وأضاف "أحيي تعبير الشعب الجزائري ولا سيما الشباب، بكرامة عن تطلعاته ورغبته في التغيير، ومهنية قوات الأمن".

وأصدر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الاثنين بيانا عبر فيه عن ترحيب باريس بخطوة بوتفليقة والإجراءات التي اتخذها "لتحديث النظام السياسي الجزائري".

ورحب "لودريان" بقرار "بوتفليقة" واتخاذه إجراءات لتحديث النظام السياسي الجزائري".

وتابع لودريان في بيانه: "غداة المظاهرات الكبرى التي حصلت بهدوء واحترام في كل أنحاء الجزائر، تعرب فرنسا عن أملها في أن يتم سريعا إطلاق ديناميكية جديدة من شأنها تلبية التطلعات العميقة للشعب الجزائري".

وقال وزير الخارجية الفرنسي إن "فرنسا تجدد تمسكها بروابط الصداقة مع الجزائر وتتمنى لشعبها السلام والاستقرار والازدهار".

الجيش سيلعب دورا قياديا في عملية الانتقال
وفي هذا السياق نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر سياسية إن الجيش الجزائري سيلعب بشكل شبه مؤكد دورا قياديا في عملية الانتقال، وإنه يجري تقييما يشمل ثلاثة أو أربعة مدنيين لتولي الرئاسة.

وتجدر الإشارة إلى أن المظاهرات التي تشهدها البلاد هي الأكبر في الجزائر منذ قرار الجيش إلغاء الانتخابات عام 1991، الأمر الذي أشعل شرارة حرب دامية، أودت بحياة 200 ألف شخص.