الدولة تجبر 38 بنكا على دفع 70 مليار جنيه ضرائب

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


1.7 تريليون جنيه يتم استثمارها فى الأذون والسندات


أخيرًا، انتهى جدل استمر لشهور بين وزارة المالية والبنوك، حول طريقة تحصيل ضرائب أذون الخزانة، حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأسبوع الماضى، القانون 10 لسنة 2019 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل 91 لسنة 2005. حسمت التعديلات الجديدة، المعاملة الضريبية لاستثمارات البنوك فى أدوات الدين الحكومية، وعلى رأسها أذون الخزانة، وهى أوراق مالية تقترض الحكومة بموجبها لفترة لا تزيد على سنة، مقابل فائدة محددة، وتقضى التعديلات بفصل ضرائب أذون وسندات الخزانة فى وعاء مستقل، عن باقى استثمارات البنوك.


كما نصت التعديلات على سريان التغيير على أذون الخزانة التى يتم الاكتتاب فيها، بدءاً من تاريخ العمل بأحكام القانون، وليس بأثر رجعى.

واعترضت البنوك العاملة فى السوق المحلية، على تلك التعديلات، وبدأت الاعتراضات عبر سجالات مع وزارة المالية فى 21 من نوفمبر 2018، حيث تستثمر أكثر من ثلث أصولها فى أدوات الدين الحكومية، وبالتالى تتخوف من تأثير تلك الضريبة على أرباحها.

ورغم تأكيد وزير المالية، الدكتور محمد معيط، أن تلك التعديلات تمت بالاتفاق مع البنك المركزى واتحاد البنوك، إلا أن القطاع المصرفى اعترض عليها، وعقد اجتماعات مع ممثلى وزارة المالية، ومصلحة الضرائب للتفاوض حولها، ولم يتم التوصل إلى حل يرضى الطرفين.

وترى الحكومة أن التعديلات ستقوم بضبط المعالجة الضريبية، مما يترتب عليه تحصيل مستحقات الخزانة العامة من الضرائب المستحقة على كل إيرادات الأنشطة الأخرى للبنوك، بدلاً من ضياع عشرات المليارات على الدولة، وفقا لطريقة المحاسبة القديمة، وتستهدف المالية حصيلة إضافية تقدر بـ 10 مليارات جنيه.

أما البنوك فتوجه جزءاً كبيراً من استثماراتها إلى أذون وسندات الخزانة، لأن معدل المخاطرة فيها صفر، مقارنة بباقى الأنشطة الاستثمارية، وتشكل حوالى 50% من الإيرادات، كما ترغب فى تخفيض الضرائب المستحقة عنها، حيث تطرح وزارة المالية أسبوعيا أدوات دين حكومية تستخدمها فى مواجهة ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة، وتعتبر أكبر البنوك المستثمرة: مصر، والأهلى، والقاهرة، وهى بنوك مملوكة للدولة.

وتتمثل الفائدة التى يحصل عليها المقرض، فى الفارق بين ما دفعه عند شراء الإذن وبين قيمته الاسمية التى يحصل عليها فى تاريخ الاستحقاق، ويتم بيع أذن الخزانة عن طريق مزاد يقوم البنك المركزى بعرضه على المستثمرين من البنوك، وشركات التأمين والاستثمار، ويتم بيعه لمن يقدم أعلى سعر، ثم الأقل حتى تتم تغطية كامل قيمة العطاء.

وسجلت أرصدة محفظة الأوراق المالية لدى البنوك، وفقا لأحدث بيانات البنك المركزى 1.8 تريليون جنيه بنهاية نوفمبر الماضى، منها 1.7 تريليون مستثمرة فى الأوراق المالية الحكومية، ووصلت محفظة قطاع الأعمال العام إلى 541 مليون جنيه، والقطاع الخاص 77.9 مليار جنيه، والباقى يمثل الإقراض المصرفى غير الحكومى، على مختلف القطاعات الاقتصادية.

وعرضت وزارة المالية خلال سبتمبر الماضى، أكثر من طرح لأذون خزانة بسعر فائدة منخفض نسبياً، لتخفيض عجز الموازنة وتقليل أعباء خدمة الدين الداخلى، ولكن لم تتم تغطية الطروحات، وهو ما دفع الوزارة لإلغاء 4 طروحات متتالية، بسبب ارتفاع سعر الفائدة.

وطلبت البنوك عوائد وصلت إلى 20.5% لآجل 5 سنوات، ووصفت المالية ذلك بأنه خارج الحدود المنطقية، فى حين حددت الموازنة العامة للدولة متوسط عائد أذون الخزانة بنسبة 14.8%، تجنبا لتفاقم الديون، وزيادة عجز الموازنة.

من جانبه قال أسامة توكل - مستشار وزير المالية لشئون الضرائب- فى تصريحات لـ"الفجر": إن التعديلات القانونية الأخيرة لم تغير فى سعر الضريبة، لكن الغرض منها هو إجراء معالجة محاسبية وضريبية لطريقة تحصيل العوائد المحققة من الاستثمار فى أدوات الدين.

وأوضح أن الضريبة يتم استقطاعها من الأرباح السنوية للبنوك، والتى تضم كل أنشطتها واستثماراتها بما فيها أرباحها من أدوات الدين العام، لكن التعديلات قامت بفصل استثمارات البنوك فى الأذون والسندات عن باقى الأنشطة فى وعاء مستقل، ثم يتم احتساب الضريبة عليها من المنبع بسعر 20%، ثم تتم محاسبة البنوك بعد خصم الضريبة المقررة فى إطار الأرباح الصافية من كل الأنشطة، والتى يفرض عليها ضريبة دخل بنسبة 22.5%.

وأشار إلى أن تلك الطريقة ليس بها أى ازدواج ضريبى، وتماثل الممارسات الضريبية العالمية، موضحا أنها ستطبق على الإصدارات الجديدة فقط، وليس بأثر رجعى.

ونفى حدوث أى زيادة فى حصيلة الضرائب خلال العام المالى الحالى، مشيراً إلى أنه إذا نتج ارتفاع فى العوائد فسيظهر ذلك بعد عام أو عامين.

ووفقا للطريقة القديمة، تخصم الضريبة على أدوات الدين الحكومية من المنبع بنسبة 20%، ثم تحتسب التكاليف المرتبطة بالاستثمار فيها، ضمن تكاليف العمليات الأخرى للبنك، وهو ما يخفض إجمالى الدخل الخاضع للضريبة، وبالتالى الضريبة المحصلة.

وتستهدف موازنة العام المالى الحالى إيرادات ضريبية على أذون الخزانة 59.5 مليار جنيه، مقابل 39 مليار جنيه بموازنة العام الماضى، وينتظر السوق صدور اللائحة التنفيذية للتعديلات لتحديد أثرها بدقة.

وتوقعت عدة بنوك استثمار منها أرقام كابيتال، وفاروس، وبلتون، وشعاع، أن تسهم طريقة الحساب الجديدة فى تنشيط البنوك لاستثمار أموال المودعين فى الأنشطة المصرفية الأصلية التى تخدم الإنتاج والسوق.

وأشار بلتون إلى أن التأثيرات على أرباح البنوك ستختلف من بنك لآخر، حسب تقييمه والتأثيرات على ميزانياته التقديرية للعام المقبل، حيث سيقوم كل بنك بإعادة النظر فى خطته، وإعادة توظيف أصوله بشكل مختلف لتقليل استثمار السيولة فى أذون الخزانة.

ووفقا لشعاع، فقد توقع رفع أسعار الفائدة لمزادات أذون الخزانة، لتعويض الضرائب الجديدة، بالإضافة إلى أن المستثمرين الأجانب سيكونون أكثر المستفيدين، لأنهم سوف يتمتعون بعوائد أعلى.

وتوقع فاروس، تأثيراً سلبياً على القوائم المالية للبنوك، وارتفاع الضرائب عليها بنسبة 5 إلى 10% خلال العام المقبل، كما توقع شعاع، وأرقام كابيتال، وفاروس، انخفاض أرباح البنوك بنسبة 17 إلى 23%.

وأوضح تقرير لفاروس تأثير تلك التعديلات على البنوك المدرجة بالبورصة، حيث أشار إلى أن بنك أبو ظبى الإسلامى سيتصدر بنوك البورصة فى نسبة الضرائب للأرباح بعد التطبيق، يليه البنك المصرى الخليجى، ثم بنك قناة السويس، ثم بنك البركة، وبنك قطر الوطنى، وبنك فيصل الإسلامى، وبنك تنمية الصادرات، والبنك التجارى الدولى، وبنك الإسكان والتعمير، وبنك كريدى أجريكول.