صراع المحاكم بين 5 وزارات على القصور الرئاسية

العدد الأسبوعي

مسجد الإمام الشافعي
مسجد الإمام الشافعي - صورة أرشيفية


نزاع بين الداخلية والآثار على قسم شرطة الجمالية.. وقصر الأميرة نعمة حائر بين الزراعة والثقافة.. 800 مسجد أثرى بين الأوقاف والآثار


أزمات الوزارات ومؤسسات الدولة لا تنتهى، ومؤخرًا، اشتعل الصراع بين وزارتى الزراعة والثقافة، على قصر الأميرة نعمة الكائن بمنطقة المرج، ليكون بداية خيط مهم على طريق تحقيقنا فى الأمر. وخلال السطور التالية، تكشف «الفجر»، كواليس «خناقات» الوزارات على المبانى الأثرية، وسط إهدار كبير للمال العام.

وأكد النائب البرلمانى عن دائرة المرج، أحمد على إبراهيم، أنه قدّم طلب إحاطة للبرلمان بشأن نقل حيازة قصر الأميرة نعمة مختار بالمرج من وزارة الزراعة إلى وزارة الثقافة، لأن القصر يتبع حاليًا وزارة الزراعة، لكنها لا تهتم به، فهو بلا أمن ولا حراسة ولا تشغيل، وتحول القصر إلى «وكر»، لممارسة أى أفعال خارجة عن القانون.

وتابع: تقدمنا بطلب النقل إلى وزارة الزراعة، فطالبت بسداد مبلغ 17 مليون جنيه قيمة القصر، رغم أن كل ميزانية وزارة الثقافة 86 مليون جنيه، وهو ما رفضته الوزارة متمثلة فى الدكتورة إيناس عبد الدايم، لتستمر وزارة الزراعة فى المماطلة، ولكن طلب الإحاطة تم تقديمه وفقًا للمادة رقم 90 من القانون، والتى يجوز فيها نقل الأصل بنظام المناقلة فى الأصول، مشيرًا إلى أنه قدّم مذكرة للدكتورة هالة السعيد وزير التخطيط لنقل ملكية القصر من الزراعة للثقافة.

وأوضح النائب البرلمانى أن موافقة وزير التخطيط ورئيس الوزراء، ستنقل الحيازة، وهناك خطة لهذه الأرض حيث يقام عليها مستشفى كبير ومركز شباب رياضى ومبنى يتبع وزارة الداخلية لخدمة المواطن، يضم سجلاً مدنياً ومركز شرطة، وغيرها من المبانى التى ستخدم المواطن، خاصة أن القصر يقع على مساحة 14 فداناً، ونستطيع تنفيذ كل ذلك، مؤكدًا أن بعض الأفدنة ومساحتها 11 فداناً ملكًا للشركة القابضة للتشييد والتعمير وهى إحدى شركات قطاع الأعمال.

ويتميز قصر الأميرة نعمة، بمساحته الشاسعة ومعالمه التى يعتبرها خبراء الآثار تحفة معمارية فنية نادرة لن تكرر، إلا أنه تعرض لسرقة محتوياته ونهبها، وحاليًا تحاصره تلال من القمامة التى يتصاعد دخان حرقها طوال الوقت، تزامنًا مع تحويل حديقته إلى مرعى للأغنام، وتعرضه للنهب والهدم، وسبق أن تعرض للحرق مرتين.

خلاف آخر كشفه خبير الآثار دكتور عمر زكى، حول مبنى محلج القطن الأثرى الذى صُمم بالطراز المعمارى المميز، لافتًا إلى أن إجمالى مسطح الموقع بالمبانى داخله حوالى 228000 متر، وله مدخلان على النيل، ويخضع المبنى لوزارة الرى واستصلاح الأراضى، وطالبت وزارة الآثار بالإشراف على المحلج الذى يبلغ ثمنه حوالى 100 مليون جنيه، والخلاف قائم على المحلج ولم يتم حسمه من دوامة الصراع حتى الآن.

من جهته، أكد الدكتور مختار الكسبانى، خبير الآثار، أن الآثار الإسلامية ملك للأوقاف، ويوجد ما يقرب من ثمانمائة أثر إسلامى عليهم خلافات مستمرة بين وزارتى الأوقاف والآثار، وتحديدًا حول تحديد المسئول للمحاسبة، وتمثل هذه الآثار 90% من الآثار الإسلامية، لافتًا إلى غياب التنسيق بين وزارة الآثار والأوقاف، للحفاظ على قيمة الأثر التاريخية، وبالتالى تكون هناك فرصة أمام اللصوص باستغلال الموقف وسرقة محتويات المساجد المنقولة ذات الطابع التاريخى.

وأضاف: شهدت السنوات الأخيرة العديد من السرقات للآثار الإسلامية، كان آخرها سرقة مقصورة السلطان الكامل الأيوبى الموجودة داخل قبة الإمام الشافعى بالقرافة الصغرى، عام 2017، وكذلك سرقة الباب الخشبى للمقصورة والذى يبلغ طوله 70 سم ومجموعة من الزخارف الخشبية المعمارية صغيرة الحجم، وتعرض مسجد الرفاعى لسرقة 6 مشكاوات أثرية، وسرقة الحشوات المكفتة بالفضة من باب مسجد السلطان برقوق بشارع المعز.

كما تمت سرقة حشوات وزخارف الأطباق النجمية المكونة للمنبر وكرسى المصحف من مسجد جانم البهلوان بالمغربلين بمنطقة الدرب الأحمر، وغيرها الكثير وذلك لأن وزارة الأوقاف تضع أمور هذه المساجد فى يد الأهالى، كما أنها تمتنع عن الإتيان بسجاد أو المشاركة فى أعمال ترميم المسجد، وتطلب من «الآثار» ترميمه، حتى وصلت مديونية أعمال الترميم السابقة إلى مليار جنيه.

ونوه الكسبانى إلى أن هيئة التنسيق الحضارى هى المنوطة بتحديد ملكية الآثار لهذه المساجد الأثرية، لأنها حاليًا لا تكلف الآثار بإدارتها، مؤكدًا لـ«الفجر»، أنه يوجد سرقات تتم فى الوزارة ويتم تغطيتها لتحويلها إلى أرقام وتعويض الخسارة التى تقع على كاهل كل وزارة، ولابد أن تخضع الأصول لإدارة الدولة لأى جهة من الجهات السيادية.

وأكد رأفت النبراوى، خبير آثار إسلامية، أن هناك صراعًا تشهده وزارة التربية والتعليم مع وزارة الآثار على ثمانية مبانى أثرية، تبلغ قيمتها حوالى نصف المليار جنيه، منها قصر الأميرة فوزية وقصر الأميرة فريال وهذه تبع هيئة الأبنية التعليمية، إضافة إلى قصر عمر طوسون بمنطقة شبرا، ويبلغ ثمنه حوالى 100 مليون جنيه ومساحته 1500 متر.

ويتكون القصر من الداخل من ثلاثة طوابق، وبه بهو رئيسى وعدة حجرات لاستقبال الزوار، وحجرة كبيرة كانت تستخدم كمكتبة وحمامات ومطابخ وحجرات للخدم، إلى جانب حديقة خلفية داخلية صغيرة، وفى وسط البلد يوجد قصر شامبليون وبُنى عليه مدرسة على عبداللطيف، وهو أحد القصور القديمة.

وقالت هيئة الأبنية التعليمية: سنرفع أيدينا عنه، وعندما ذهب وفد من وزارة الآثار لاستلام القصر، وجد بعض «الصعايدة»، يقفون لهم بالمرصاد ومنعوهم من الدخول، وبعدها كشفت الهيئة أنها باعته لرشاد عثمان، وهو فى فرنسا أيام عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، ويتردد أنها باعته بمبلغ 100 مليون جنيه، إضافة إلى المبنى الأثرى الآخر ضريح سعد زغلول، ويتبع الهيئة أيضًا، مضيفًا أن هذه القصور القديمة لها معالم زخرفية متميزة، ولكنهم خالفوا المبانى والقوانين.

وأوضح أن وزارة الداخلية دخلت فى إحدى الفترات صراعًا مع وزارة الآثار، بسبب مبنى أثرى اتخذته الداخلية قسم شرطة لها، وهو قسم الجمالية، وحتى الآن ما زال فى قبضة الداخلية ولا تشرف عليه وزارة الآثار.