في فلسطين.. قصة أسيرة قهرت السجان الإسرائيلي بالدراسة والسلاح الأبيض

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


عزَمت الأسيرة المحررة وفاء البس، على مناصرة القضية الفلسطينية، بعدما أثر فيها انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جبالي، وهي بالسادسة عشرة من عمرها، حتى جاء دورها وقضيت في سجون الاحتلال تسع سنوات، وأفُرج عنها في صفقة وفاء الأحرار، عقب اعتقالها بتهمة مواجهة المحتل فكريًا، بمحاذاة مستوطنات إسرائيلية عبر طريق معبر ايريز- الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة-. 

إرادة المُحتل الذي جيّش كل إمكانياته لتفكيك قدرات المرأة الثلاثينية، لم ينل من عزيمتها وصمودها، بل نسجت من عتمة المعتقل مدرسة، فقررت قضاء باقي أيامها بالدراسة حتى تفوقت وحصلت على الشهادة الثانوية العامة، وحفظت بعض أجزاء القرآن وآخذت دورة تجويد وتعلمت اللغة العبرية؛ لكي تتفهم لغة العدو، وتعلمت فنون الرسم وقراءة بعض الكتب التي يجلبها لها هيئة الهلال الأحمر، وتمكنت من التطريز والأعمال اليدوية برفقة الأسيرات، وشاركن في المعارض الخاصة بهن، حتى يتجاوزن المرحلة الصعبة اللائي يعيشنها، وتحملن عذابهن بين الضلوع "يحاولون من خلال اعتقالي تفريغ محتواي النفسي والعقل وأن أكون إنسانة ضعيفة كأسيرة فلسطينية ولكن لم أكسر". 




عاشت الأسيرة المحررة، ظلمة السجن الانفرادي وتجرعت مرارة العزل لمدة عامين-عزل الرملة-، في ظروف إنسانية تفتقر الحياة الأدمية حتى حجبت أشعة الشمس عنها "جردوني من كل ما أملك حتى الحجاب من على رأسي.. وبالشتاء  كانوا يذلوني فما كان اللي سوى ملابس شتوية فقط تتمثل في زي السجن.. وكنت أشعر بالبرد القارص وصار معي انفلونزا شديدة أكثر من مرة في العظم وطلبت بطاطين رفضوا". 

تعرضت وفاء، لجميع أنواع الضرب والإهانة والسب والشتم، وعُملت بأبشع معاملة، وهو ما يعتبروه تحقيق، وقامت قوات الاحتلال بمساوماتها بإحضار والدتها وتعذيبها للاعتراف بالتهمة المنسوب إليها" وتعرضت لاستفزازي عبر ما يسمى بالتفتيش العاري للأسيرات وهو ما يخالف القوانين الدولية والاجتماعية.. وهذه النقطة الحساسة للأسيرات الفلسطينيات وأيضًا وضعوا الكلاب البوليسية لمضايقتي كمحاولة لانتزاع الاعترافات مني بأشياء لم أرتكبها لكني لم أخضع لهم يوم". 




وبالرغم من صمودها عدة سنوات، إلا أنها مرت بمراحل قاسية كفتاة، لم تنساها مد الدهر، لاسيما فترة التحقيق معها- والتي تجاوزتها بالاندماج مع الأسيرات لقضاء فترة إعتقالها في معتقل هاشارون-،  كما حرمت من رؤية والدتها على مدار تسع سنوات، وإدخال صورتها لها "وعندما تدخل رسالة لي أو صورة عبر الهلال الأحمر يقوموا بتمزيقها أمامي.. ولكني لم أفقد الآمل وقهرت السجان الإسرائيلي بإضرابي عن الطعام"، وانتزعت حقوقها رغما عن أنف المُحتل؛ لأن الإضراب عن الطعام بمثابة السلح الأبيض للأسيرة، وكثيرًا ما كان يلجأ لهذا الأسلوب بعض الأسيرات، حين تعنت المُحتل معهن. 

وهنًا على وهن، حملت عذابها بين أضلوعها، حتى خرجت من السجن بعزيمة قوية "دخلت زهرة في السجون الإسرائيلية وخرجت بطلة". متمسكة بنضالها ودفاعها عن القضية الفلسطينية "لا زلت أمارس نشاطي وكان لي دور في مسيرات العودة الكبرى.. لأن القضية تطالب منا أن تصل رسالتنا للعالم وأن يعي الجميع أن القدس عربية وتسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال".