بعد إدانة "السيسي" لها.. "مذبحة الأرمن" جريمة تركيا التي لا تسقط بالتقادم

عربي ودولي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


"عندما سقطت دول جوار وأصيبت بحالة عدم الاستقرار وحروب أهلية، تعرضت مصر لحالة نزوح وهجرة من الدول العربية والإفريقية، ولدينا في مصر 5 ملايين لاجئ نستضيفهم، لا يقيمون في مراكز أو معسكرات إيواء، وحدث معهم كما حدث مع الأرمن منذ 100 عام، عندما استضافتهم مصر بعد المذابح التي تعرضوا لها"، هكذا أدان الرئيس المذابح التركية بحق الأرمن خلال كلماته بالجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونيخ للأمن.

 

وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن موقع مصر إفريقيًا وعربيًا وأوروبيًا يجعلها تتأثر وتؤثر بشدة من حالة عدم الاستقرار بهذه الدول، مؤكدًا أن مصر تستضيف ملايين من الدول العربية والإفريقية، لا تزايد بهم أو عليهم، ويعيشون مثلهم مثل المصريين بالدولة، مضيفًا أن الاستقرار في دول الجوار ينعكس بالطبع على مصر.

 

وتابع الرئيس: "منذ سقوط دول مجاورة وهنا أقول دول وليس أنظمة، نقوم بإجراءات أمنية مكلفة في الصحراء الممتدة مع ليبيا، فدمرنا أسلحة وسيارات محملة ومقاتلين أجانب، وفوجئنا ولكننا كنا متوقعين بوجود مقاتلين أجانب وهذا قلته منذ 4 سنوات أن هناك مقاتلين سيفرون من سوريا، وقلت هيروحوا فين وحدث ما توقعت".


وهكذا أدان الرئيس السيسي مذابح الأرمن التي نفذتها الدولة العثمانية في حق الأرمن، محاولا إيصال رسالة للعالم كله من خلال مؤتمر ميونخ مضمونها خطورة النظام التركي، وأن مصر دائمًا ومنذ عشرات السنوات تستقبل اللاجئين ولا تأويهم في معسكرات أو مراكز إيواء.


ونحاول في السطور التالية رصد مذبحة الأرمن منذ بدايتها وعدد ضحاياها والجريمة النكراء التي تورطت فيها الدولة التركية والتي ما تزال تتنكر منها حتى يومنا الحالي.


بداية الأزمة

حدثت الأزمة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، إذ ادعت الدولة العثمانية بأن روسيا قامت بإثارة الأرمن الروس المقيمين قرب الحدود الروسية العثمانية، حيث ادعت الدولة العثمانية أن هذه الجماعات حاولت اغتيال السلطان عام 1905م.

 

وجاء ذلك لسيطرة اليونانيين خلال وبعد الحرب العالمية الأولى على الاقتصاد وتفوقهم على الأتراك علميًا، وكان الأرمن في تلك الفترة أحد الأقليات التي تتمتع بموارد مالية ضخمة في الدولة، وزاد معهم نفوذ أقليات مسيحية أخرى، مما زاد مخاوف الدولة العثمانية وعدد من الحركات التي رأت ضرورة التخلص منهم.

 

تهجير 600 ألف أرمني في عاميتن

وهجرت تركيا بين عامي 1915-1917 نحو 600 ألف أرمني لتبعدهم عن الحدود الروسية وتقطع عليهم الدعم الروسي وتم التهجير والترحيل القسري بطرق بدائية فمات من هؤلاء عدد كبير في ظل ظروف قاسية لتؤدي إلى وفاة عشرات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ.

 

الضحايا

وقدر الباحثون أعداد ضحايا الأرمن بين 1 مليون و 1.5 مليون شخص، وارتكبت الدولة العثمانية مجازر بحق الأرمن وقامت بإعدام المثقفين والسياسيين الأرمن والتحريض ضدهم بشكل عام وتشير إلى القتل المتعمد والمنهجى لهم خلال وبعد الحرب العالمية الأولى.


وقامت الدولة بإصدار قانون "التهجير" الذي قضى بالهجرة القسرية لجميع الأرمن من الأراضي التركية، نحو سوريا، وخلال مسيرات الهجرة الجماعية.

 

الموقف التركي من المذابح

ويرى الأتراك أن أحداث 1915 لا يمكن وصفها بالإبادة الجماعية، فضحايا الأرمن ماتوا خلال عمليات قتالية متبادلة ولم يتم قتلهم على أسس عرقية أو دينية

 

ومن جانبهم يؤكد الأرمن أن 1.5 مليون من أسلافهم قتلوا بشكل منظّم قبيل انهيار السلطنة العثمانية، وأقرّ عدد من المؤرّخين في أكثر من عشرين دولة بينها فرنسا وإيطاليا وروسيا بوقوع إبادة.

 

وترفض تركيا اعتبار المجازر التي تعرّض لها الأرمن أيام السلطنة العثمانية "إبادة"، وتقول إنّ السلطنة شهدت في نهاية عهدها حربا أهلية تزامنت مع مجاعة، مما أدى إلى مقتل ما بين 300 ألف و500 ألف أرمني، وعدد مماثل لهم من الأتراك.

 

الاعتراف الدولي

واعترفت 29 دولة و44 ولاية أميركية رسميا بوقوع المجازر كحدث تاريخي، وفي 4 مارس 2010، صوتت لجنة من الكونغرس الأميركي بفارق ضئيل بأن الحادث كان في الواقع "إبادة جماعية"، إلا أنه في غضون دقائق أصدرت الحكومة التركية بيانا تنتقد "هذا القرار الذي يتهم الأمة التركية بجريمة لم ترتكبها".


وتعترف بعض المنظمات الدولية رسميا بـ"الإبادة الأرمنية" مثل الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا ومجلس الكنائس العالمي ومنظمة حقوق الإنسان وجمعية حقوق الإنسان التركية.


وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرًا أعلن في الخامس من فبراير الجاري أن بلاده ستحيي يوما وطنيا لذكرى الإبادة الأرمنية، ليفي بذلك بوعد أطلقه خلال حملته الانتخابية بإدراج الإبادة الأرمنية ضمن جدول الفعاليات الرسمي الفرنسي.

 

وما إن أعلن ماكرون ذلك حتى ثارت ثائرة أنقرة وسارعت إلى التنديد بقراره وإدانته.

 

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مقابلة مع قناة "ايه خبر" التركية "لقد قلت لماكرون أنت ما زلت مبتدئا في السياسة، تعلم أولا تاريخ بلدك"، على حد قوله.

 

ولا يزال نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ينكر مذبحة الأرمن ويتنصل من مسئولية الدولة العثمانية حيالها حتى وقتنا الحالي.