سرطان يتوغل لأمعاء المصريين.. دبابيس المعدة المضروبة تحول حياة الباحثين عن الرشاقة لجحيم (تحقيق)

أخبار مصر

بوابة الفجر


"نفسي أخس وجسمي يكون متناسق".. هذه الكلمات المقتضبة تعبر عن أمنية الأشخاص الذين يعانون من السمنة والتي تأتيهم من زيادة أمنة أو عن طريق جينات وراثية، ومع اختلاف أسباب زيادة الوزن لم تتوقف الشخصية التي تؤرقها السمنة عن إيجاد مخرج لها من عبء ذلك الجسد المترهل.

ووقوفًا على طرق زائدي الوزن لخسارة همهم الأكبر نجد لهم طريقتين، الأولى تحقق حلمهم بطريق طويل من العناء بـ"الرياضة والريجيم" والثانية بتحقق حلم الرشاقة في أيام معدودة، ولكن ما يجهله البعض أن تلك الطريقة أودت بحياة الكثيرين وهي عملية "تدبيس المعدة".

ومثلما استولى سوق المضروب على مختلف الأسواق المصرية، توغل لأمعاء المصريين أيضًا، فمن خلال رحلة "الفجر"، لإجراء عملية "تدبيس المعدة" للوقوف على كم معاناة زائدي الوزن في تلك العملية الصعبة والكشف عن سبب ازدياد حالات الوفاة للذين أجروا تلك العملية اكتشفنا سبب آخر أودى بأرواح زائدي الوزن.

بدأت جولة "الفجر"، مع الطبيب "ع.ع" صاحب مركز شهير فى إجراء عمليات تدبيس المعدة والقضاء على السمنة بمنطقة الدقى، وقع اختيارنا له كونه أحد الأطباء الممنوعين من مزاولة المهنة بأمر من وزارة الصحة، وغلق مركزه منذ عامين بعد تعدد شكاوي عدد من أهالي ضحايا أجرى لهم عملية تدبيس المعدة وصل عددهم لـ200 حالة، والذين لجأوا للدولة لإنقاذهم من ذلك الطبيب الذي أودى بحياة الكثيرين منهم، لتقوم وزارة الصحة بدورها بوقف الطبيب وتحويله للتأديب، ولكننا بعد عامين فوجئنا بالطبيب ومركزه مفتوح يستقبل ضحاياه من جديد.

بـ"25 ألف جنيه هتخس والعملية سهلة في نص ساعة تكوني كويسة".. تلك هي الكلمات التي أغرت بها سكرتيرة الطبيب ضحاياها لاستقطابهم، وتوجهت محررة "الفجر"، للمركز لسؤاله عن تكاليف العملية وعن المخاطر، لترد السكرتيرة مؤكدة أن العملية سهلة وليست بالصعوبة التي يصفها البعض، وبسؤالها عن المستلزمات الطبية التي يحتاجها الطيب، أكدت سكرتيرة الطبيب أن المركز يقوم بتوفير جميع المستلزمات، فقط مريض السمنة عليه أن يقوم بتوفير المبلغ المتفق عليه وسيقوم بدخول غرفة العمليات داخل المركز وبعد نصف ساعة سيكون المريض بأمان بعد تحقيق حلم حياته للحصول على جسم رشيق متناسق.

تركت المحررة المركز وقامت بالتواصل مع عدد من ضحايا "الطبيب الجزار" حسب ما يصفونه، فأكدوا لها أن الطبيب تسبب في وفاة والدة دينا، وزوجة محمد، ومعاناة رضا، "ضحايا نرصد معاناتهم خلال السطور القادمة".

روت دينا، معاناة والدتها مع عملية تدبيس المعدة والتي أودت بحياتها بسبب الإهمال الطبي المسئول عنه الطبيب "ع.أ"، موضحة أن والدتها توفيت بعد إجراء العملية بأسبوعين، موضحة أن تقرير الوفاة أكد أن السبب هو الأضرار الناجمة من العملية التي وصفتها بـ"اللعنة".

وتابعت: "إحنا دفعنا أكثر من 30 ألف جنيه علشان الدكتور يشتري كل حاجة ومنعرضش أمي لأي خطر، لكن الدكتور استسهل واستخدم في العملية دباسة قديمة استخدمها في عمليات قبل كدة، وده اللي نقل لوالدتي المرض والدبابيس عملت مصايب في معدتها كونتها بعد أسبوعين من العملية".

وقالت رضا، إحدى ضحايا عملية تدبيس المعدة، أنها كانت تحلم بإجراء العملية كي تكون بالشكل والصحة التي لطالما تطلعت لها، لكنها بعد إجراء العملية تحولت لجثة هامدة طريحة الفراش غير قادرة على الحركة، شعرها يتساقط ولا تقوى على تحريك جسدها كما لو كان عمرها تجاوز المائة.

وفي رواية أخرى لأحد ضحايا عملية "تدبيس المعدة" قال محمد الجرزاوي، زوج الضحية هناء أحمد، عن معاناة زوجته التي راحت حياتها بسبب تلك العملية المشئومة، فقال: "بدأت أن أفقد زوجتي منذ أن رأينا إعلانات على السوشيال ميديا عن عملية تدبيس المعدة وحلم الجسد المثالي، وكون زوجتي وزنها زائد قررت اللجوء لذلك الحل السريع خصوصًا بعد معاناتها مع الريجيم".

وتابع: "بعدما ذهبت للطبيب المعالج طلب منها شراء دبابيس لإجراء العملية بتكاليف أقل، وبعدها قمنا بشرائها من أحد معارف شركات المستلزمات الطبية في القصر العيني، وبالفعل أجريت العملية ومنذ خروج زوجتي من الغرفة وتبدلت حالتها فكان جسدها لونه أزرق وظلت على تلك الحالة إلى أن رحلت وفارقت الحياة".

ومن خلال روايات ضحايا الدكتور، وضحايا آخرون لعملية تدبيس المعدة توصلت المحررة، إلى أن الدبابيس صاحبة السبب الأكبر في المعاناة التي تضع مرضى السمنة على أول خطوات الموت.

وحاولت "الفجر" التوغل داخل أوكار بيع دبابيس المعدة لتكشف مافيا بائعي دبابيس المعدة وأسباب وخبايا العملية التي تهدد أرواح الكثيرين، وتوجهت المحررة إلى شارع القصر العيني، وقامت بالسؤال عن محلات بيع دبابيس المعدة، في البداية تهرب البعض بحجة عدم وجود محلات للبيع، ولكن عند الإلحاح أشار البعض إلى شركات المستلزمات الطبية بأنها هي التي تبيعها.

وعند التوجه لمقر شركة التوكيلات الطبية للأجهزة والمستلزمات، والتى تقع في شارع قصر العيني، التقيت بمسئول المبيعات "سعيد" الذي أكد لها بعد إلحاح عن عدم وجود "دبابيس"، مشيرًا إلى أن الدبابيس سوف تكون متوفرة لديهم خلال أسبوعين، حيث قال: "استنينى أسبوعين بس هجبلك دبابيس نظيفة ورخيصة بلاش تجازفى بالذات في العملية دي بدبابيس مش مضمونة".

وأكد مسئول المبيعات بـشركة توكيلات طبية، أن سعر الدبابيس قد يصل لـ600 جنيه، حسب عدد الدبابيس والنوع الذي يريده الطبيب.

وبعد الخروج من تلك الشركة توجهت "الفجر"، لشركة أخرى، وتعتبر تلك الشركة هى الوحيدة التي تقوم ببيع الدبابيس بشكل علني، حيث أن باقي شركات بيع المستلزمات الطبية حاوطتهم السرية حول إمكانية البيع، وعندما سألت عن أسعار الدبابيس أكد لها "أحمد" مسئول مبيعات الشركة أن عدد 6 دبابيس بـ2500 جنيه من الصيدلية، وبشكل سري تحدث مسئول المبيعات للشركة عن بيعهم الدبابيس، قائلًا: "أنا هظبطلك الأسعار أنا عارف أن الدبابيس دي غالية لكن أنا ممكن أجبهالك بسعر أقل بكتير"، ثم قام أحمد بالإتصال بصاحب الشركة "أحمد.ح" وجعله يتحدث مع المحررة لسؤالها عن عدد الدبابيس ونوعها ليقول في نهاية المكالمة "بإذن الله هنكرمك أعرفي بس الأنواع ولو هما الستة ممكن أديهملك بـ 2150".

وبعد إنهاء الاتفاق مع شريك أحمد تليفونيًا، قال: "لو الفلوس حضرت السعر ممكن ينزل أكثر من كده، حضري فلوسك ومش هنختلف".

ومن جهة وزارة الصحة، أكدت رشا زيادة، مدير التفتيش الصيدلي لوزارة الصحة، أن بيع دبابيس المعدة يكون من خلال شركات للمستلزمات الطبية والصيدليات، مشيرة إلى أن شركات معينة هي التي تختص بالبيع دون غيرها وتكون الرقابة مفروضة عليها.

وأضافت أن أسعار الدبابيس تكون حسب الأنواع، منوهة أن بعض الأطباء والبائعين يقومون بالتحايل من خلال بيع واستخدام دبابيس مجهولة الهوية، مؤكدة أنه في حالة إثبات ذلك تقوم الوزارة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمعاقبة الطبيب والشركة التي تبيع الدبوس.