ننشر خطة الحكومة للسيطرة على ديون مصر فى 5 خطوات

العدد الأسبوعي

الدكتور محمد معيط
الدكتور محمد معيط - أرشيفية


مراجعة القروض الجديدة وفقا لأولويات الدولة التنويع بين الصكوك والسندات والأسواق والعملات

زيادة معدل النمو وخفض عجز الموازنة

بدأت وزارة المالية منذ شهور فى إعداد استراتيجية للتعامل مع الديون المحلية والخارجية، وذلك بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسى، بغرض السيطرة عليها وتخفيضها، خاصة أن مصر تستدين لسداد أعباء الديون.

تستهدف وزارة المالية خفض الدين العام من 98 إلى 80% من الناتج المحلى بموازنة العام المالى المقبل 2020/2021، لكن الرئيس وجه بسرعة نزول الدين فى أسرع وقت ممكن، بعد تسجيل الدين المحلى 3.695 تريليون جنيه، والخارجى 92.6 مليار دولار، بنهاية يونيو الماضى.

ووفقا للدكتور محمد معيط - وزير المالية، فإنه بحلول يونيو 2019، ستكون مصر قد اتخذت إجراءات وخطوات من أجل خفض مستويات الدين وخدمته، وفق مخطط لخفض عجز الموازنة العامة ومستويات الدين.

وتقوم لجنة برئاسة المهندس مصطفى مدبولى - رئيس الوزراء، بمراجعة الدين الخارجى، وتحديد سقف الدين الذى من الممكن أن تصل إليه الحكومة بعد الدراسة، بناءً على تعليمات رئيس الجمهورية، وذلك بعد مراجعة كل قرض جديد وفقا لأولويات الدولة.

تضم اللجنة فى عضويتها، وزراء الاستثمار والتعاون الدولى، والتخطيط والإصلاح الإدارى، والمالية، وممثلين للبنك المركزى، وهيئة الرقابة الإدارية، على أن تقدم تقريراً دورياً كل 3 أشهر بنتائج أعمالها، وتوصياتها وآليات تنفيذها لعرضها على الرئيس.

وأثار ملف الديون أزمة داخل البرلمان خلال نوفمبر الماضى، حين طالب الدكتور على عبدالعال - رئيس مجلس النواب، بخروج ممثل وزارة المالية من الجلسة العامة بسبب عدم حضور الدكتور محمد معيط، أو نائبه لمناقشة ارتفاع الدين العام.

وقال عبدالعال إنه يجب ألا يفرط المجلس فى اختصاصاته، وعلى الحكومة الالتزام بالحضور، وأعلن نواب لجنة الشئون الاقتصادية أنه ستتم مناقشة الظاهرة، وكيف يمكن التعامل معها ووقف الاستدانة من الخارج، وطالبوا بعرض نتائج أعمال اللجنة الوزارية لبيان جدوى القروض والمنح.

وحسب معيط، فإن الحكومة ستعود لسوق السندات هذا العام، لكنها ستنوع السندات من خلال تقويمها بالين واليوان، مشيراً إلى أنه سيتم تنويع الأسواق والعملات والمنتجات، من خلال استخدام أدوات تمويل جديدة، مثل الصكوك وغيرها.

من بين الملامح التى كشفها الوزير للاستراتيجية الجديدة، أنها تعتمد على تحقيق زيادة فى معدل نمو الاقتصاد، وخفض العجز، ما يخلق عوائد تمكن الحكومة من تقليل اعتمادها على الاقتراض لتمويل الفجوة المالية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ضم الاقتصاد غير الرسمى، وغيرها من الإجراءات.

وتقوم الاستراتيجية فى الأساس على إحلال الديون الطويلة محل القصيرة، وفقا لأحمد كجوك - نائب وزير المالية للسياسات المالية، حيث تستهدف مصر زيادة متوسط آجال ديونها إلى 3.5 سنة بنهاية العام المالى الحالى 2018/2019، بعد أن وصل عمر الدين إلى أقل من عامين.

وأشار كجوك، إلى أنه ستتم زيادة عمر الدين فيما بعد إلى قرب 5 أعوام فى المدى المتوسط، وذلك حتى لا تضطر مصر للاقتراض كل شهر لسداد القروض المستحقة، وهو ما يخفض خدمة الدين العام التى تتحملها الموازنة سنوياً، وتصل نسبتها إلى 55% من إجمالى المصروفات، وذلك بتقسيم العبء على عدد أكبر من السنوات.

كما تعتمد خطة الاقتراض طويل الأجل على استخدام أدوات تمويل جديدة، وهى السندات الخضراء والصكوك السيادية، والسندات الخضراء هى صكوك استدانة فائدتها منخفضة، وتصدر لتمويل مشروعات متصلة بالمناخ أو البيئة، مثل مشروعات الطاقة المتجددة، وكفاءة استخدام الطاقة، وتدوير النفايات، والنقل النظيف، وحماية المياه، والأراضى، والمدن الجديدة.

وتبحث شركة النصر للسيارات، ومصر للألومنيوم استخدام تلك الأداة ضمن خطة تحويل 84% من استخداماتها إلى الطاقة المتجددة، وإنشاء محطة للطاقة الشمسية، أما الصكوك السيادية فستكون بالدولار أو اليورو بقيمة 20 مليار دولار حتى عام 2022، ومن المقرر أن يصدر منها خلال العام الحالى 5 مليارات دولار، أى ما يعادل 90 مليار جنيه.

والصكوك السيادية هى الصكوك التى تصدرها الدولة، أو المؤسسات الرسمية، أو الحكومات، وتثبت حق الملكية لحامليها فى أصول الدولة، ويمكن طرحها محلياً أو دوليا، ويزيد الطلب عليها فى تمويل مشروعات البنية التحتية، وتمثل رءوس أموالها ديوناً يتم سدادها مستقبلاً.

ولم تقرر الوزارة موعداً محدداً لإصدار السندات بالأسواق الآسيوية، أو قيمتها المحتملة، ومن المقرر أن تتحدد بعد انتهاء الجولة الترويجية التى يقوم بها الدكتور محمد معيط، ونائبه أحمد كجوك، وخالد عبدالرحمن - مساعد الوزير لأسواق المال، بالإضافة لتوصيات بنوك الاستثمار التى تقوم بالإعداد لتلك الجولات.

وسيتم اتخاذ القرار فى ضوء التكلفة والمدة اللازمة للطرح الأنسب، ونتج عن تلك الجولات مقابلة أكثر من 50 مستثمرا آسيويا، يمثلون بنوك استثمار وشركات إدارة أصول، وصناديق تأمينات ومعاشات، وصناديق بريد وغيرهم من كبار المسئولين الحكوميين والمستثمرين بأسواق المال.

بدأت الجولات خلال أكتوبر الماضى، بزيارة وزير المالية لمدينة سول بكوريا الجنوبية، تبعتها زيارات للصين، وسنغافورة، واليابان، وتستهدف الوزارة زيارة دول الخليج بداية فبراير المقبل، ثم هونج كونج وتايوان، نهاية الشهر.

ويرى الدكتور إيهاب الدسوقي- رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية - أن هدف الاستراتيجية التى وضعتها وزارة المالية فى غاية الأهمية، لأن نسبة الدين مرتفعة بدرجة كبيرة.

ويشير إلى أن فكرة تنويع الأسواق والمنتجات والعملات التى سيتم الاقتراض بها، تهدف لتخفيض معدل الفائدة والمخاطر، لكن الأدوات التمويلية المختلفة، تعد أشكالا أخرى من القروض لابد من سدادها.

ويتوقع عدم نجاح الاستراتيجية فى خفض معدل الدين إلى 80% من الناتج المحلى، ما لم توقف مصر عجلة اللجوء للاقتراض، والاعتماد على الموارد الذاتية، سواء بمكافحة التهرب الضريبى، أو الاهتمام بزيادة الإنتاج، وغيرها.