نعمان عبدالغني يكتب: الرياضة وأهداف التنمية للألفية

ركن القراء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


في ظل متغيرات عالمية حادة شملت كل المجالات.. وثورة معلومات هائلة غيرت العالم الذي نعرفه..وأصبح عالم جديد تحكم علاقاته أسس وقواعد جديدة.. هذا العالم يحتاج الى فهم جديد وتطوير للسياسات والإستراتيجيات للتعامل مع معطياته الجديدة.. وهو الدور الذي يجب أن تساهم في القيام به مراكز الدراسات والبحوث لتوفير المعلومات والتحليلات وتقديرات المواقف برؤية مستقبلية واعية للقضايا والمشكلات المثارة في الحاضر والمرتقبة في المستقبل.. بما يخدم المشروع الحضاري. 

ان الرياضة ظلت ولفترة طويلة خارج اهتمامات الاقتصاد لكن الشواهد الحديثة أثبتت أنه إلى جانب الترفيه فاتصالها وثيق بالقيم الاستهلاكية. 

الصحة والإنتاج فهي تدخل في إطار الدورة الاقتصادية سواء باعتبارها منتجا أو شريكا للإنتاج أو كقيمة مضافة وهناك دراسات فرنسية مهتمة بالميدان أثبتت أن الرياضة ما فتئت تمارس من قبل قاعدة عريضة بل في أحيان كثيرة أصبح يخصص لها جزء مهم من الدخل الفردي حيث إن الاستثمار في المجال الرياضي أصبح يعرف نموا يقدر بعشرين في المائة سنويا كما أن تسعين في المائة من الميزانية العائلية المخصصة للرياضة في أوروبا توجه نحو شراء الملابس والمجلات وحضور المباريات الرياضية وإغفال هذا الجانب من طرف الفاعلين في الميدان الرياضي خصوصا بالعالم الثالث يشكل خطرا لا على السير الطبيعي للأندية بل على مقاومتها للمتطلبات الاقتصادية لأنديتهم، فان لم تكن هناك موازنة بين المداخيل والمصاريف بمختلف أنواعها بما فيها مستحقات اللاعبين يجعل العجز الدائم هو القاعدة، وأن تراكمه يؤدي إلى غياب النادي أو مجموعة أندية على الساحة الرياضية فالأزمة بالنسبة لأندية العالم الثالث أصبحت هي القاعدة في حين أن تحقيق أي توازن مادي يبقي ضربا من الخيال وحلما صعب المنال إن لم نقل سرابا يستحيل إدراكه لكن ما سر تجاوز هذه الأزمة من طرف أندية العالم المتقدم؟؟؟

الهدف الأول: القضاء على الفقر الشديد والمجاعة:
يمكن لفرص التنمية أن تساعد على القضاء على الفقر. فصناعة الرياضة بالإضافة إلى تنظيم الأحداث الرياضية يمكنها خلق فرص عمل. توفر الرياضة مهارات حياتية ضرورية لحياة مثمرة.

الهدف الثاني: تعميم التعليم الابتدائي:
الرياضة والتربية البدنية مسائل حيوية لنوعية التعليم. فهما تنميان المهارات والقيم الإيجابية التي لها تأثير عميق في الشباب. والرياضة بشكل عام تجعل من المدرسة مكانًا أكثر جاذبية وتشجع على الحضور.

الهدف الثالث: تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة:
تساعد الرياضة كلا من النساء والأطفال في بناء وتعزيز الثقة والاندماج الاجتماعي. يساعد دخول المرأة عالم الرياضة إلى جانب الرجل على تجاوز التعصب الذي غالبًا ما يساهم في جعل النساء والفتيات معرضات اجتماعيًا.

الهدف الرابع: الرياضة للمساعدة لإحلال السلام والجهود المبذولة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية".

الهدف الخامس: خفض معدل الوفيات بين الأطفال وتحسين صحة الأمهات يمكن أن تكون الرياضة وسيلة فاعلة لتزويد المرأة بحياة صحية.

الهدف السادس: مكافحة مرض فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب الإيدز،الملاريا وغيرها من الأمراض.

يمكن أن تصل الرياضة إلى الجماعات المصابة بالأمراض وتقديم نماذج إيجابية وإيصال رسائل وقائية.كما يمكن للرياضة بشكلها غير الرسمي وشموليتها أن تساعد بشكل فعال في التغلب على التعصب والوصم بالعار والتمييز وذلك من خلال الاندماج الاجتماعي.

الهدف السابع: ضمان الحفاظ على البيئة واستدامتها:
الرياضة مثالية لزيادة الوعي حول الحاجة للحفاظ على البيئة. الاتكال المتبادل للممارسات المنتظمة للرياضة الخارجية وحماية البيئة خير دليل على ذلك.

الهدف الثامن: تطوير شراكة دولية من أجل التنمية:
توفر الرياضة فرصا لا تعد للشراكات المبتكرة في التنمية، ويمكن استخدام الرياضة كوسيلة لبناء وتبني شراكات بين الدول النامية والمتقدمة سعيًا للوصول لتحقيق أهداف الألفية للتنمية.

السبب وراء تخصيص سنة دولية للرياضة
تلعب الرياضة والتربية البدنية دورًا هامًا في التنمية البشرية. فهما تهتمان بالمشاركة والاندماج والإحساس بالانتماء.كما تجمعان الشعوب والأفراد معًا ويقلصان الفوارق الثقافية والعرقية.

توفر الرياضة والتربية البدنية الأرضية لتعلم الانضباط والثقة بالنفس وروح القيادة وتنقلان مبادئ أساسية ضرورية للديمقراطية كالتسامح والتعاون والاحترام.كما تعلمان الإنسان القيم الأساسية لتقبل الهزيمة والانتصار.

 وبنفس الوقت فإن دروس التربية البدنية غالبًا ما تلغي أو تخفض في المدارس أثناء الأوقات العصيبة كالنزاعات أو تأثير مجالات أكاديمية أخرى. كما لا تحظى مبادرات الرياضة بالدعم المطلوب من الحكومات.

أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 58 5 والمعنون " الرياضة وسيلة لتطوير التعليم والصحة والتنمية والسلم " بالقيم الإيجابية للرياضة والتربية البدنية واعترفت بالتحديات القائمة أمام عالم الرياضة سنة 2005 هي السنة الدولية للرياضة والتربية البدنية، ويدعو القرار كافة الحكومات ومنظومة الأمم المتحدة والمنظمات إلى:

* إدراج الرياضة والتربية البدنية في برامج التنمية، بما في ذلك البرامج التي تسهم في تحقيق أهداف الألفية للتنمية.

* العمل بصورة جماعية وتشكيل شراكات مبنية على أساس التضامن والتعاون.

* تطوير الرياضة والتربية البدنية كوسيلة للتنمية الصحية والاجتماعية والتعليمية والثقافية على الصعد المحلية والدولية.

* تعزيز التعاون بين قطاعات المجتمع المدني، يجشع القرار رقم 58 5 الحكومات والهيئات الرياضية الدولية على تنفيذ مبادرات شراكة بهدف دعم مشاريع التنمية المستندة إلى الرياضة التي تهدف إلى تحقيق أهداف الألفية للتنمية.

قوة الرياضة:
تلعب الرياضة والتربية البدنية دورًا هاما على الصعد الفردية والمجتمعية والوطنية والعالمية، فعلى الصعيد الفردي، تعزز الرياضة من قدرات الفرد والمعرفة العامة لديه، أما على الصعيد الوطني، فهي تساهم في النمو الاقتصادي والاجتماعي وتطور الصحة العامة وتقارب بين مختلف المجتمعات. وعلى الصعيد العالمي، إذا ما استخدمت الرياضة بصورة صحيحة، يمكن أن يكون لها دور إيجابي طويل الأمد على التنمية والصحة العامة والسلم والبيئة.

وفر المشارة في الرياضة الفرصة لممارسة الاندماج الاجتماعي والأخلاقي للشعوب أو التهميش بسبب الحواجز الثقافية والاجتماعية والدينية التي يقف وراءها نوع من الجنس والإعاقة وغيرها من أشكال التمييز. يمكن للرياضة والتربية البدنية أن تكونا مجالًا لممارسة المساواة والحرية والتمكين.كما أن الحرية والسيطرة على الجسد أثناء ممارسة الرياضة مهمتان جدًا للنساء والفتيات أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو الذين يحيون في مناطق تشتد فيها النزاعات أو الأشخاص المتماثلين للشفاء من أمراض ألمت بهم.

الرياضة والتعليم
تشجع الرياضة قيمًا عديدة كالثقة بالنفس وروح الجماعة والتواصل والاندماج والانضباط والاحترام واللعب النظيف.كما أن للرياضة والتربية البدنية مكاسب نفسية كتقليل الكآبة وتحسين التركيز. وإن للرياضة واللهو دورا في تعليم الأطفال. فالرياضة تطور من قدرات الطفل على التعلم وتوسيع مداركه وتركيزه. يتعلم الشباب بصورة أفضل عندما يلهون ويكونون نشيطين.

تضطلع منظمة اليونسكو بدور رئيسي في إقناع الحكومات لتطوير قضية الرياضة والتربية البدنية وتعزيز المعرفة العامة بالرياضة كوسيلة تطوير تربوية.

المهارات والقيم التي تأتي من خلال الرياضة هامة بشكل كبير للفتيات حيث يحظين بفرص أقل من تلك التي يحظى بها الأولاد من اللعب خارج المنزل وخارج نطاق سيطرة الأسرة. يمكن للفتيات أن يتعلمن من خلال الرياضة الريادة والثقة بالنفس واحترام الذات.

توفر الرياضة كذلك الفرصة للمعوقين للمشاركة في برامج التربية البدنية في المدارس ومن خلال النوادي الاجتماعية وهي تمنحهم الثقة بالنفس واحترام الذات.

يمكن القول بأن ظاهرة العولمة قد ارتبطت بسيادة ثقافة السماع والمشاهدة على حساب ثقافة القراءة والاطلاع.. وذلك لأن الأولى تُفْرَضُ على المتلقي والأخيرة يختارها وينتقيها بنفسه.. وهنا تكمن خطورة العولمة!

كما أن من آثار العولمة داخل الدولة القومية، تزايد الشركات الاقتصادية متعددة الجنسيات، وانتشار مظاهر سياسية وثقافية تتجاوز حدود سلطة الدولة القومية. فالشركات الاقتصادية تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على الاقتصاد القومي وكافة عناصر التنمية. أما المظاهر الثقافية والاتصالية والسياسية وغيرها، فإن أثرها لا يخفى في نشر ملامح العولمة وتجاوز المصالح الوطنية.

إذن، فإن نفوذ الدولة وهيمنتها ينحسر أمام مظاهر العولمة المتمثلة في المؤسسات والشركات العملاقة والمنافسة الخارجية.

على الدولة إذن أن تقاوم ذلك الاستيلاء الخارجي بتوعية مواطنيها بالحقيقة المعلومة حتى لا تصادر كل سلطاتها وتصبح سيادة الدولة صورية فقط، كما يجب أن يتم الانتباه لما يسمى "بالخصخصة". وليس معنى هذا محاصرة الإنتاج الفردي المباشر والمشروعات الخاصة. كما أن مبدأ الحرية الاقتصادية لا يعنى إهمال مبدأ العدالة الاجتماعية مطلقًا، فهو الذي يوفر الأمان ضد المخاطر الاجتماعية ويكفل العجزة والمسنين.
إذن، فلإحداث أي تنمية اجتماعية شاملة في أي من البلدان العربية أو العالمية، لا بد من وضع اعتبارات معينة تعلق بطبيعة النظام الاجتماعي ومؤسساته التعليمية والفكرية وغير ذلك.. وعلاقات العمل والملكية السائدة في المجتمع المعين (لأيّ من البلاد العربية).. فجميع تلك القوى تظل تحكمها القدرات الإنتاجية الطبيعية للبيئة المعينة وندرة أو وفرة هذه الموارد: زراعية، صناعية، نفطية، معدنية أو غير ذلك. فالتنمية الاجتماعية جزء لا يتجزأ من المنظومة الكلية للبناء الاقتصادي والسياسي.. فهي تجسد الجهود الواعية لعمليات التحويل الإرادي للمجتمع وتعزيز السيطرة على موارده البشرية والمادية وحسن استخدامها وتسخيرها لصالح المجتمع بأسره، مما يضمن قهر التحديات الطبيعية الناجمة عن تزايد الضغوط الأمريكية والغربية للهيمنة على العالم. 

وختامًا، إنني مؤمن كليًا بأن العرب كانوا وما زالوا أمة الخير والعمل الصالح. وكل ما سبق وقلته يندرج ضمن قناعتي الكلية بالتأكيد على ضرورة التأقلم مع المتغيرات والاعتبارات والأساليب الحديثة كي نبقى، كما كنا دومًا وسنبقى بإذن الله، أمة خير.