مدير عام متحف النسيج يحكي تاريخ المسيحية في "مدينة الموتى" (فيديو)

الفجر السياسي

مدينة الموتى
مدينة الموتى



قال الدكتور أشرف أبو اليزيد مدير عام متحف النسيج المصري، إن منطقة الصحراء الغربية لعبت دورًا متميزًا في تاريخ الحضارة المصرية، بما ضمت واحات عديدة تم تقسيمها في عصر تحتمس الثالث إلى  مجموعتين المجموعة الجنوبية والمجموعة الشمالية.


وأصبح اسم الواحات منذ ذلك العصر وبخاصة المجموعة الجنوبية أي الخارجة والداخلة فى الوادى الجديد يتردد كثير.، 


ففي القرنين 3 و4 الميلاديين هرب إلى الواحات الكثير من المسيحيين، فارين من اضطهاد الرومان الوثنيين والروم البيزنطيين بعقيدتهم المسيحية، وعاشوا فيها وخلفوا لنا آثارًا هامة منها جبانة البجوات "مدينة الموتي" في واحة الخارجة.


وتابع أبو اليزيد تقع جبانة البجوات علي بعد 3 كم شمال مدينة الخارجة خلف معبد هيبس، ويرجع اسمها هذا إلى الطراز المعماري الذي بنيت به، على شكل قبوات ويرجع تاريخها إلى بدايات القرن الثاني الميلادي


وتضم 263 مزارًا "مقبرة" علي شكل كنائس صغيرة بنيت بطراز القباب، وتحتوي على أطلال كنيسة تعتبر من أقدم الكنائس فى مصر، زينت جدرانها بأجزاء ومناظر من نصوص التوراة والإنجيل، بالإضافة إلي بعض القصص المسيحى.


وقال أبو اليزيد إنه من أهم هذه المزارات مزار الخروج، والذي يحكي قصة خروج بني إسرائيل من مصر يتبعهم فرعون بجنوده، يليه مزار السلام وهو من أكثر المزارات شهرة ويطلق عليه المقبرة البيزنطية، وسمي المزار بهذا الإسم لوجود رمز السلام وفيه رسومات تمثل نبي الله يعقوب والسيدة العذراء والقديسين بولا وتكلا، بالإضافة لنقوش صورت مشاهد سفينة نوح وآدم وحواء وابراهيم وإسحاق وتعذيب تكلا.


وتابع أبو اليزيد قائلًا إن الحكومة المصرية كانت قد منحت متحف المتروبوليتان للفنون بنيويورك عام 1907م الإذن بالتنقيب في المنطقة الشمالية من واحة الخارجة، والتي استمرت حتي أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين، حيث اكتشف العالم تشارلز ويلكينسون عام 1930م بعض الدفنات، وعثر في بعضها على عدد من قطع النسيج المختلفة منها لفائف كتانية لمتوفين وأغطية رأس.


وقطع ملابس مختلفة غلب على بعضها استمرار ملامح الفن الفرعوني، مثل استخدام علامة العنخ للتعبير عن الصليب، كما ظهر على بعضها بعض ملامح الفترة الجديدة، ويحتوي متحف النسيج المصرى على مجموعة من نسيج منطقة البجوات التي تبرز تأثر الفن القبطي بالفن المصري القديم، وذلك من خلال تصوير الصليب على شكل علامة العنخ.


وتابع أبو اليزيد من قطع نسيج البجوات قطعة عبارة عن غطاء رأس لصبى من الكتان مؤرخة بالقرن الرابع الميلادى، وقد نفذت عليها علامة العنخ من الصوف باللونين الأحمر والأزرق، وقطعة تصور الصليب واضحًا بشكل صريح فى وشاح مؤرخ بالقرن الرابع الميلادى، وقطعة من الكتان السادة ذو شراشيب ومزين أيضًا بعلامة العنخ، ونفذ الصليب الصريح فى المنتصف بالنسيج الوبري، مما يعبر عن الامتزاج بين بين الموروث القديم والعقيدة المسيحية الجديدة .


وكشف أبو اليزيد أن الملابس التي جاءت من جبانات البجوات عمومًا تميزت بالبساطة وقلة الزخرفة عليها، كما فى وشاح من الكتان مطرز بأشرطة من الطرفين بخيوط صوف أرجوانية اللون،ويعلوها شريط من النسيج الوبرى ذو شراشيب من كلا الجانبين.


وربما تدل قلة الزخارف على هذه القطعة أنها كانت تستخدم للحياة اليومية، وقطعة تصور الصليب فى المنتصف وعلى الأطراف أيضًا أنها ربما استخدمت كملابس للرهبان ورجال الدين.


وختم أبو اليزيد كلامه بأن مناخ الصحراء الجاف ساعد فى حفظ مقابر البجوات واستمرار ألوانها طيلة هذه القرون، والتي يعلو العشرات من هياكلها آلاف الكتابات باللغات الإغريقية واللاتينية والقبطية، تحكي قصصًا عن تاريخ المسيحية في مصر.