بابا نويل يتحدى رصاص الصهاينة.. ويكشف حجم أوجاع أطفال غزة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


لم يكترث الشاب الفلسطيني محمد أبوحجر، بموجات البرد وأزيز الرصاص، متحديًا جبروت المُحتل، حاملاً حقيبة الأحلام المكتظة برسائل السلام والمحبة على ظهره، متقَمصًا شخصية "بابا نويل"؛ لرسم الابتسامة على وجوه الأطفال الفقراء في عشوائيات قطاع غزة، وتسليط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقّ هؤلاء-الذين يواجهون الموت بجسارة- بشكل غير تقليدي، تزامنًا مع الاحتفال بمناسبة أعياد الميلاد، وللتأكيد على أن القدس مدينة السلام لا حرب.

ينتظر الملقب بثائر السلام، الذي يعمل محاميًا، خروج الأطفال من مخيم "نهر البارد" بغزة-والذي يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة- ليباغتهم بالشخصية التي يختبىء خلفها عطاء وحب، كي يوزع ضحكاته على جُنبات مخيمٍ بائس، خلال إحدى مسيرات العودة الكبرى-التي انطلقت في الثلاثين من مارس المنصرم، وشارك فيها عشرات الآلاف، مطالبين بعودة الفلسطينيين إلى ديارهم التي أرغمهم الاحتلال على هجرها قبل عقود-، لعدم استطاعته دخول المخيم، لأنها مناطق مغلقة تحكمها أحد الفصائل السياسية والذي على خلاف سياسي معهم "لكن رسالتي رسالة محبة وسلام من الشعب الفلسطيني لكافة شعوب العالم"، مُصرًا على إهداء بعض الهدايا للأطفال وسماع أمانيهم، وهو ما نجح فيه "وزعت الورود، وبعض الألعاب والبلالين وكرة القدم للولاد الذين يحبونها ولعبت معهم لعبة الضومنة"، حتى ظهرت على وجوهم علامات تلوح بالرضى والسعادة، لمعرفتهم بالشخصية التي طالما حلموا برؤيتها، متناسين حالة الفَاقَة الذين يعيشون فيها منذ أمدٍ.




لكن أحد الأطفال كان حلمه مختلف تمامًا، فكان يرى أن حلم الميلاد الذي يجسده "بابا نويل"، الضاحك الكريم، فرؤية والده ووالدته الذي قتلى غدرًا برصاص المُحتل "عمو عمو وديني عند بابا وماما في الجنة بدي أشوفهم"، وكانت هذه الأمنية الأكثر تأثيرًا في نفس الشاب الذي لم تشفع ملابس بابا نويل، التي ارتداها خلال المسيرة التي أقيمت شرق خان يونس جنوب القطاع العام الفائت، فتلقى رصاص القنص وسقط جريحًا، بعدما وزع الورد والشوكولاتة على المشاركين في التظاهرة التي جاءت حينها تحت عنوان نصرة القدس "كنت أشاهد قنابل الغاز التي تسقط على المنطقة من قوات الاحتلال، وفجأة شاهدت أحد الجنود يركز نظره اتجاهي، وسرعان ما أطلق النار نحوي بشكل مباشر لأسقط على الأرض جريحا.. فيبدوا أن رسالة السلام والمحبة التي أردت إيصالها لم تعجبهم".



لم يكن الاحتفال بعيد الميلاد مختصًا بثقافة معينة دون أخرى، فالشاب الذي بات مشهورًا على مدار عامين في أزقة المخيمات والتظاهرات السلمية التي كانت هدفه الأساسي من البداية؛ لحشد الرأي العام الدولي لنصرة القضية الفلسطينية، بالاضافة إلى تضامنه مع المسيحيين من أهالي قطاع غزة بعدما منعهم الاحتلال من الحصول على تصاريح خاصة لزيارة كنيسة المهد في بيت لحم، مشيرًا إلى أن فكرة ظهوره بملابس "سانتا كلوز"، جاءت عندما كان في مصر وتزامن وجوده مع احتفالات رأس السنة الميلادية "وترددت على إحدى الكنائس الذي استهدافها الإرهابيون وزرت أنا ومجموعة من أصدقائي الجرحة في معهد ناصر.. والتقيت ببعض رجال الدين المسيحي ونقلت لهم محبة الشعب الفلسطيني ووجدت أسمى معاني السلام".




وعند عودته إلى غزة عقب مرور ما يقرب من عام ونصف أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، كان حينها المسيحيين بغزة ممنوعون من الصلاة بالقدس الشريف، فتظهروا من أجل أداء شعائرهم الدينية، فتوجه صوب الحدود مرتدي البلدلة الحمراء واللحية الكثة البيضاء، متوشحًا بالكوفية الفلسطينية، رافعًا علم فلسطين دون تذمر أواضجر، ووزع الورد على المتظاهرين في الواحد والعشرين من ديسمبر الماضي، ولكن جيش الاحتلال أهداه في المقابل رصاص قناصته وأصيب في مفصل قدميه حتى تسببت في إعاقة بجسده، ولم ينتهٍ الأمر إلى ذلك الأمر بل قطع المحتل قدم إحدى المتظاهرين الذي حاول اسعافه.

واتهم أبو حجر، بأنه يثير الأعمال الإرهابية، وكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، أفيجاي أدرعي، منشور يتضمن ذلك عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وبالرغم من ذلك كرر التجربة إيمانًا منه بأهمية المقاومة السلمية "نحن أصحاب حق وقضية عادلة.. ومستمرون في نضالنا السلمي حتى يعي العالم بالقضية الفلسطينية..ولنؤكد للجميع أن حق العودة حق مقدس للشعب الفلسطيني".