محمد جودة يكتب.. "حل التشريعي" هل ينهي الإنقسام أم يسقط آخر أوراق التوت عن شرعية حماس؟

ركن القراء

بوابة الفجر


يبدو أن إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخراً حل المجلس التشريعي الفلسطيني واجراء انتخابات برلمانية خلال ستة أشهر بناء علي قرار المحكمة الدستورية الفلسطينية، التي شكلها أبو مازن قبل أكثر من سنتين، سيدخل الحالة الفلسطينية الداخلية لمزيد من التعقيد والفوضي والتيه علي كافة المستويات.

ففي الوقت الذي لجئت فيه السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الدستورية ليكون قرار حل التشريعي "الطريقة القانونية المُثلى"، إلا أن هذاالقرار يثير مزيداً من الجدل القانوني، لاسيما أن أساسه سياسي بامتياز، خاصة إذا ما تحدثنا عن ازمة الشرعية لكل الأجسام الرسمية الممثلة للشعب الفلسطيني، بما فيها رئاسة السلطة التي طالت انتخاباتها كما هو حال التشريعي، حيث انتهت شرعيتهما منذ قرابة الثماني سنوات.

لكن اللافت للانتباه هو ربط حل التشريعي بتحديد موعد للإنتخابات ، و من غير الواضح هنا مدي جدية ومصداقية اجرائها للخروج من عنق الزجاجة وتجديد الشرعيات الفلسطينية برمتها ،أم أن ذلك فقط محاولة من قبل السلطة والرئيس محمود عباس لإضفاء طابع قانوني على حل المجلس التشريعي لا أكثر.
 
اعتقد أن المهم ليس اتخاذ قرار بحل التشريعي وانما ان يؤخذ قرار باجراء انتخابات لتجديد الشرعيات كوضع طبيعي لتجديد الصلاحيات، ولذلك إختبار مدى جدية وصدقية القرار الصادر عن المحكمة الدستورية، يتوقف على ما إذا كانت الانتخابات ستُجرى فعلاً أم لا؟ ام انه بعد حل المجلس التشريعي ونقترب من الانتخابات نوجد سبباً وذريعة للقول "إن الظروف لا تسمح وبالتالي نكون قد خسرنا رمزية التشريعي دون أن نجد بديلاً حقيقياً له  ".
 
وهنا لابد من فتح باب الحوار بشكل جدي مع حركة حماس التي رفضت القرار حول ضرورة عقد الانتخابات، لاسيما أن حركتي فتح وحماس علي الدوام في خطاباتهم تحدثوا عن قبولهم بإجراء الانتخابات ، وليكن قرار حل التشريعي واجراء الانتخابات اختباراً حقيقياً للنوايا ومدخلاً فعلياً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية بدلاً من مسلسل المصالحة الكاذبة التي يتغني بها الطرفين  دون جدوي، وهذا يتطلب أيضاً من الشقيقة مصر راعية ملف المصالحة الفلسطينية أن تلعب دوراً مهماً في الضغط علي الطرفين لاجراء الانتخابات خلال ستة أشهر و تبني هذا القرار كبند وحيد يمكن الاتفاق عليه للخروج من الحالة الفلسطينية الراهنة بعد أن وصلت كافة حوارات المصالحة الفلسطينية لطريق مسدود.

لاشك أن الستة أشهر القادمة ستكون محل اختبار لمدي جدية قرار المحكمة الدستورية الفلسطينية باجراء الانتخابات وتجديد الشرعيات ، وأتوقع إحدي هذه السيناريوهات عقب هذا القرار في ظل المشهد الفوضوي للحالة الفلسطينية الراهنة .. الأول: أن تتفق حماس مع السلطة وحركة فتح علي اجراء الانتخابات وبذلك نكون قد جددنا الشرعيات المتهالكة والمنتهية ومن يفوز ويكسب يستلم الحكم.
 
الثاني : أن نكون أمام احتمال تعقيد المشهد الحالي أكثر وازدياد حدة الانقسام ، لاسيما وأن "حماس" ستعمل بكل ما لديها من قوة وطاقة وستجند قوى سياسية ضد القرار لتؤكد بطلانه وعدم قانونيته وأنه غير ملزم بالنسبة لها ، خاصة وأن هذا القرار يسقط آخر أوراق التوت عن شرعيتها .
 
وأما الاحتمال الاخير، فاذا لم تجري الانتخابات في موعدها بعد ستة اشهر وتم إيجاد أعذار وأسباب لعدم إمكانية اجرائها من قبل السلطة أو أي جهة  ، وخاصة بعد حل المجلس التشريعي ، سواء قبلت أو رفضت حماس ، فستكون الحالة الفلسطينية برمتها غاية في التعقيد و الفوضي الشاملة وربما تصل إلي حد الإنهيار الكامل .