الحياة تعود إلى خان الخليلي.. والأمن كلمة السر (صور)

أخبار مصر

بوابة الفجر




"وبشر الصابرين" لافتة تصدرت واجهة إحدى بازارات منطقة خان الخليلي في حي الحسين، وكأن صاحب هذا البازار أراد أن يريح قلبه وقلوب أصحاب المحال المجاورة له بوضع تلك الآية التي تحفز على البشارة نصب أعينهم، بعد مرور سنوات من الركود السياحي كانت شهدتها المنطقة نتيجة لحالة عدم الاستقرار والاضطراب السياسي والأمني التي شهدتها الدولة المصرية خلال تلك السنوات ما أدى إلى تراجع حركة السياحة.


والآن وبعد تلك السنوات العجاف التي مرت على أصحاب المحال بالسوق، هدأت الأوضاع لتبدأ الحركة تعود من جديد في تلك المنطقة العريقة، التي تتميز بمبانيها التي تعود إلى مئات السنين،  وبوجود عدد كبير من البازارات وورش الحرف اليدوية والمقاهي الشعبية، وحالة الهدوء هذه خلقت الأمل داخل التجار بأن يعود الانتعاش من جديد بالسوق ليعوضوا ما فقدوه خلال سنوات الكساد.



وسط إجراءات أمنية واضحة، عادت الحافلات التي تقل السياح تظهر مجدداً الآن أمام ساحة مسجد الحسين، ليتجول السياح  بالمنطقة ومن ثم زيارة المساجد الأثرية التي من أبرزها الجامع الأزهر، فما من شارع بالمنطقة تطأ فيه قدميك إلا وتجد إلى جانب المصريين أصحاب الجنسيات الأخرى  من بينها الإسبان والجنسيات الآسيوية ذات الملامح الشهيرة والقامة القصيرة، والذين لهم الحضور الأكبر بالمنطقة.




في الطريق إلى شارع خان الخليلي الضيق، الذي من الملاحظ فيه حالة الزحام وبخاصة من الزائرين الأجانب واصطفاف العاملين الذين يقومون بجذبهم للشراء، كما أنه من الملاحظ زيادة المعروضات من الهدايا التذكارية والمصنوعات اليدوية أمام البازارات يمينًا ويسارًا، التي عليها إقبالًا كبيرًا.




يعد سوق "خان الخليلي" من أعرق أسواق المنطقة، فعمره يزيد على 600 عام، وسمي بهذا الاسم نسبة لمؤسسه، وهو أحد الأمراء المماليك وكان يدعى جركس الخليلي، وقد عرف السوق حجما كبيرا من النشاط التجاري في أعوام ما قبل الثورة المصرية، حيث كانت حركة البيع والشراء عالية جدا، من السياح والجنسيات العربية المختلفة.




وهو ما أوضحه وحيد عبده، صاحب بازار بالسوق،  قائلًا: قبل عام 2011 كنا لا نستطيع التحرك داخل المنطقة بسبب حالة الزحام وكثرة الوافدين من جميع بلدان العالم لشراء الهدايا وزيارة الأماكن الأثرية، وهو ما كان على عكسه في سنوات ما بعد ثورة يناير، حيث كنا نجلس يوميًا دون دخول أي زائر، أما الآن "الغمة انزاحت"، مشيرًا إلى أن الحركة بدأت تعود من جديد بعد حالة الاستقرار التي شهدتها الدولة المصرية وبخاصة الاستقرار الأمني.

ويضيف "عبده"، أن الأجهزة الأمنية تعمل بشكل ملحوظ على تأمين المكان، وهو ما انعكس على حالة النشاط السياحي بشكل كبير، حيث أرسلوا رسالة اطمئنان لكل من يزور مصر وأنها بخير، بعد أن أحجم السياح عن زيارتها بسبب الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار، مختتمًا بـ: "ربنا ميعيدهاش أيام".





يجلس الحاج سعد محمد، ذلك الرجل السبعيني، ممسكًا بيده المرتجفة صحيفة يتفحصها، أمام فاترينة المحل الذي يمتلكه والتي يتراص خلف زجاجها الهدايا التذكارية والتحف المصنعة في ورش المنطقة، وبدل الرقص الشرقي والعصي المطعمة بالأحجار والعاج، ويقول لـ"الفجر" إن حركة البيع والسياحة أصبحت أفضل كثيرًا، مستكملًا: "الحياة بدأت ترجعلنا من جديد".

وأضاف العجوز ذو الشعر الأبيض والجسد النحيف، أن بداية الموسم السياحي مُبشرة كثيرًا، متوقعًا موسمًا سياحيًا مميزًا عن السنوات الماضية، والذي بدأ مع شهر ديسمبر الجاري ويتزامن مع احتفالات أعياد الميلاد "الكريسماس"، مشيرًا إلى أن أغلب المترددين على المكان من الأجانب جاءوا من الصين والدول الآسيوية.






وتعد منطقة خان الخليلي، من الأماكن الأساسية التي يتوجه لها السياح أثناء زيارتهم لمصر، ما جعلها مقياسًا حقيقيًا لنسبة حركة السياحة في الدولة المصرية، كما تعد السياحة من أهم القطاعات التي تدخل إلى خزينة الدولة مليارات الدولارات سنويًا، ومن المتوقع عودة حركة البيع مع عودة السياح من جديد، حيث يحرص الزائرين الأجانب إلى جانب التقاطهم الصور التذكارية القيام بشراء الهدايا التذكارية من المحال التجارية التي تعرض منتجات الورش الموجودة بالمنطقة.





لم تنتهي روايات تجار الخان التي تعبر عن تفاؤلهم الشديد بالفترة القادمة، وسعادتهم بعودة الحياة إلى السوق من جديد، فيقول شكري حسن، صاحب أحد المحال بالسوق، إن هناك علاقة قوية بين عودة الأمن وعودة السياحة، وكلاهما يرتبط بهما حالة الانتعاش بالسوق، مؤكدًا: "الأمن والاستقرار عادوا وبقوة".

ويستكمل الرجل الخمسيني، الذي كان يقوم بتصنيع بعض التحف النحاسية، أن السياحة بدأت تنتعش من جديد وأن أهالي المنطقة أصبحوا يرون توافد أعداد من السياح كما اعتادوا من قبل، لافتًا إلى أن عودة الحركة والعمل ستكون سببًا في إعادة الحياة لكثير من الأسر كانوا قد فقدوا مصدر رزقهم خلال السنوات الماضية، ومن المتوقع أن يعودوا إلى عملهم من جديد.





شهد القطاع السياحي في مصر طفرة كبيرة خلال النصف الأول من عام 2018، حيث ارتفع عدد السائحين بنسبة 41% ليصل إلى 5 ملايين سائح، وذلك بعد ركود استمر سنوات تزامنًا مع ثورة 25 يناير.

واستأنفت أغلب الدول الغربية والشرقية رحلاتها إلى مصر، وعلى رأسها روسيا، إذ استقبل مطار القاهرة الدولي، في أكتوبر 2018، أفواجاً سياحية قادمة من الصين والولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وبولندا، لزيارة المعالم السياحية والأثرية في القاهرة الكبرى والمحافظات المصرية.