محمد سمير يكتب: مذيعة "الملابس الخليعة" وازدواجية المعايير

ركن القراء

محمد سمير
محمد سمير


في مشهد ازدواجي صارخ، انتقدت صفحات التواصل الاجتماعي مذيعة "الملابس الخليعة" التي أطلت في برنامجها على إحدى القنوات المعروفة، إحياء لذكرى انتصارات أكتوبر بملابس غير لائقة، كانت ملابسها الهدف، حيث هوجمت من نساء ورجال، بل وهاجمتها مؤسسات كبرى، كان الاعتراض ملفتاً، حتى أنها باتت حديث السوشيال ميديا. 

قلّما تجد هؤلاء يعترضون على لباس المرأة، فهم من دافعوا وناضلوا كذلك عن ذات اللباس الخليع، لكن وقتما كانت المرأة يتحرش بها في الشوارع، وهي ترتدي ملابس فاضحة غير لائقة، فبمجرد من يظهر مُلقيا بعض اللوم على لباس البنت أو المرأة، تجد قنابل العالم وقد انفجرت في وجهه، وهنا يُصرّ النساء والرجال من شواذ الآراء، بأن اللباس الخليع ليس سبباً في التحرش بالمرأة، بل ويؤكدون لفظا "هي حرة ترتدي ما تشاء ولديها الحق في أن تفعل ما تشاء"، " ليس لأحد الحق في انتقاد ملابس المرأة" لكن لديهم الحق في انتقاد ملابس المذيعة ذات الملابس الفاضحة. 

هذه الملاحظة تدلل دلالات واضحة على الازدواجية في معايير المجتمع، ودكاكين الجمعيات والمؤسسات التي صدرت نفسها بدعوى حقوق المرأة، والحكم على الأشياء انطلاقا من المصالح والاستفادة الشخصية، والإظهار بمنطق التحضر أمام المفاهيم التي فرضها الغرب، لا سيما إذا كانت قضايا كبرى مثل التحرش التي تشغل حيزا كبيراً في حياتنا، وكثر فيها الكلام، وعمّت بها المصائب والبلايا. 

الله سبحانه وتعالى عندما أمر النساء بارتداء اللباس الشرعي وبيّن مواصفاته، ليس معناه أن التحرش سينتهي بمجرد ارتداء هذا اللباس، لأن هناك من لا يخشى ولا يستحي ويتعدى حدوده، وهنا تتدخل الأحكام التي فرضها الله سبحانه وتعالى أيضا لتشغل حيزها التي وضعت من أجله، كي تضرب على أيدي هؤلاء الفجّار، الملاعين، الذين لا يخافون إلا من بريق السيف. 

عندما قال الله سبحانه وتعالى في فوائد ارتداء اللباس الشرعي للنساء ( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) كانت الاستفادة ظاهرة بالتأكيد، فالاحصائيات تدلل دلالات واضحة أن نسبة التحرش الأعلى تقع على غير الملتزمات باللباس الشرعي، وهو ما يؤكد حتمية تكامل الحدود مع ضرورة الالتزام باللباس الشرعي، لتحقيق حماية المرأة ونساء المجتمع.

إنّ الأحكام الشرعية الإلهية كفلت تماماً حماية المرأة حتى من النظرة الدونية، وتسديد المكروه لها، وأفعال الحمقى في الطرقات والشوارع، لكننا ابتعدنا كثيرا، وأصبح الحكم الشرعي هو العدو اللدود الذي يراه كثيرون متخلفاً، لا يحقق أية استفادة في تحصين وحماية المرأة، فكان لزاماً أن يكون التحرش هو قضيتنا الأولى التي باتت تشغل الجميع. 

وأخيرا إنّ من يدافع عن اللباس الفاضح، ويتحجج بأنه ليس سببا في كثرة التحرش، ويدافع عن الخلاعة، هو من يغرق المجتمع في التحرش، ويُكثّر من سنواته السوداء، التي لم ولن ترحم أحدا.