دكتور أحمد أبو رحيل يكتب: متعة الفشل ... تغير افكارنا

ركن القراء

دكتور أحمد أبو رحيل
دكتور أحمد أبو رحيل


بداية وقبل كل شئ إننى مؤمن بل إننى شديد الإيمان بمقولة الكاتب اللبنانى "على حرب"(نحن ضحايا أفكارنا)فى كتابه "صناع الارهاب"،حيث أن أفكارنا هى التى تحركنا، وأن أصل الفعل هو فى الأساس فكرة ،فكم من سعيد فقد سعادته بسبب فكرة ،وكم من شقى فقد شقائه بسبب فكرة،وكم من ناجح فقد نجاحه بسبب فكرة ،وكم من فاشل استفاد من فشله بسبب فكرة،وكم من عاص اهتدى بسبب فكرة ،وكم من مؤمن ألحد بسبب فكرة ،وكم من كافر أسلم بسبب فكرة ،وكم من مسلم أكفر بسبب فكرة ،وكم من تجارب أخذنا منها العبر، وكم من تجارب لم نأحذ منها العبر،فنحن بإمكاننا وبإمكاننا فقط أن نصنع من الليمون اللاذع شراباً حلواً.

ومن هنا ونحن فى بداية عام دراسى وكلاًمنا لديه من التجارب مالم يوفق فيها ،ولم يتمكن من تحقيق حلمه فى هذه المرة ،فلا تقف مكانك ولا ترضى بإخفاقك فى هذه المرة ،ولا تبكى على ليلاك ،فحياتك من صنع افكارك ،فقم بتغيير افكارك السيئة ،فإخفاقنا فى محاولاتنا هى امر طبيعى بل على العكس هى التى  تؤكد إننا نسير فى الطريق الصحيح .

حتى الطبيعة تؤكد على أن الفشل خطوة من خطوات النجاح ودليلنا على ذلك هو قانون "الجهود المهدورة "فهل تعرف أن الاسد لاينجح فى الصيد إلا فى ربع محاولاته أى انه يفشل فى 75%من محاولاته وينجح فى 25%منها فقط ،ورغم هذه النسبة الضئيلة التى تشاركه فيها معظم الضوارى أى الحيوانات التى تبحث عن فريستها ،إلا انه يستحيل على الأسد أن ييأس من محاولاته فى المطاردة أو الصيد ،والسبب  الرئيسى فى ذلك ليس الجوع كما قد يظنه البعض ،إنما هو استيعاب الحيوانات لقانون الجهود المهدورة وهو القانون الذى تعمل به الطبيعة كلها ،فنصف بيوض الأسماك يتم إلتهاماها ،ونصف الديبة تموت قبل اللوغ ،ومعظم امطار العالم تهطل فى المحيطات ،ومعظم بذور الأشجار تأكلها العصافير، وحده الانسان  هو الذى يرفض هذا القانون الطبيعى الكونى، رغم أن نشأته هى فى الاساس تؤكد على هذا القانون  فالجنين ماهو إلا نتيجةتخصيب البويضة بحيوان منوى واحد من ملايين الحيوانات التى اهدرت فى طريقها للوصول للبويضة.

والغريب أن الانسان وحده الذى ميزه الله سبحانه وتعالى بالعقل للإدراك والملاحظة ، يعتبر أن عدم نجاحه فى بضع محاولاته يجعل منه انساناً فاشلاً ،ولكن الحقيقة أن الفشل الوحيد هو التوقف عن المحاولة ،وأن النجاح ليس أن يكون لديك سيرة حياة خالية من الثغرات والسقطات ،بل النجاح هو أن تمشى فوق أخطائك ،وتتخطى كل مرحلة ذهبت جهودك فيها هدراًوتعلم أن لولا هذه الاخفاقات والجهد المهدور لم يكن بإمكانك النجاح.

ومن هنا يجب علينا أن نعيد النظر فى كثير من افكارنا ومفاهيمنا التى تحكمنا وأن يكون لدينا القدرة على تغيير الغير مفيد منها حيث يقول جايمس ألينمؤلف كتاب 

(مثلما يفكر الانسان )"سيكتشف الانسان أنه كلما غير افكاره إزاء الأشياء والأشخاص الأخرين ،ستتغير الأشياء والأشخاص الآخرون بدورهم ....دع شخصاً ما يغير أفكاره وسندهش للسرعة التى ستتغير بها ظروف حياته المادية ،فالشئ المقدس الذى يشكل أهدافنا هو نفسنا"

ويقول ايضاً "كل ما يحققه الانسان هو نتيجة مباشرة لأفكاره الخاصة ... والانسان يستطيع النهوض فقط والانتصار وتحقيق أهدافه من خلال أفكاره ،وسيبقى تعيساً وضعيفاً إذا ما رفض ذلك "
والذكى الأريب يحول الخسائر إلى أرباح ،والجاهل الرعديد يجعل المصيبة مصيبتين ..

فطرد الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة فأقام فى المدينة دولة ملأت سمع التاريخ وبصره ،وسجن "أحمد بن حنبل"وجلد فصار امام السنة ،وحبس "ابن تيمية" فأخرج من حبسه علماً جماً،ووضع "السرخسى" فى قعر بئر معطلة ،فأخرج عشرين مجلداً فى الفقه ، وأقعد "ابن الأثير" فصنف جامع الأصول واصبح من أشهر وأنفع كتب الحديث،ونفى "ابن الجوزى" من بغداد فجود القراءات السبع،وأصابت حمة الموت "مالك ابن الريب" فأرسل للعالمين قصيدته الرائعة الذائعة التى تعدل دوواين شعراء الدولة العباسية ،ومات "ابناء بنى ذؤيب الهذلى" فرثاهم بإلياذة أنصت لها الدهر ،وذهل منها الجمهور،وصفق لها التاريخ  .

فقم بالاستفادة من كل موقف سئ ففى كل موقف سيئ ستجد شيئاً ايجابياً حتى الساعة المتعطلة تظهر الوقت صحيحاً مرتين فى اليوم.

فلا تحزن على احفاقك او فشلك ,فقد جربت الحزن بالأمس فما نفعك منه شيئاً،رسبت فى الامتحان فحزنت فهل نجحت ؟مات والدك فحزنت فها عاد حياً؟خسرت تجارتك فها عادت الخسائر أرباحاً؟لاتحزن لأنك حزنت من المصيبة فصارت مصائب ،وحزنت من الفقر فازددت نكداً،وحزنت من كلام أعدائك فأعنتهم عليك ،وحزنت من وقوع مكروه فما وقع ،فلا تحزن فلاينفع مع الحزن دار واسعة ،ولا زوجة حسناء ،ولا مال وفير ،ولا منصب سام،ولا أولاد نجباء،لاتحزن و لك دين تعتقده،وبيت تسكنه ،وخبز تأكله ،وماء تشربه ،وثوب تلبسه ..

وفى الختام نحن هنا نشير إلى استراتيجية جديدة تحكم مصيرنا والدولة فى هذه الآونة اهتمت بها وفتحت المجال امام المؤسسات لتنشرها فنحن كثيرا مانسمع عن تجديد الخطاب الدينى من مؤسسة الأزهر ووزارة الاوقاف ونشر الافكار المعتدلة وتغيير الافكار الخاطئة وتتبنى الجامعات ووزارة الشباب والرياضة هذه المبادرات التى تؤكد على ذلك .

واخيرا وبعد كل هذا القول فأنا هنا أنوه على فكرة تجديد الافكار ومحاولة تغيير الغير مفيد منها ،فحياتنا من صنع أفكارنا ،فالأفكار التى نستثمرها ونفكر فيها ونعيشها هى التى تؤثر فى حياتنا، سواء كانت فى سعادة وشقاء 
فالمؤمنون يقولون ((صدق الله ورسوله))
والمنافقون يقولون ((ماوعدنا الله ورسوله إلا غروراً))
فجميعاً لنا نفس العين ولكن تختلف النظرة من شخص لأخر 
حفظ الله مصر، حفظ الله المصريين، أصلح الله الأفكار