"جثة" كورنيش الإسكندرية بين المحافظ والمستأجرين.. و"المواطن" الضحية

منوعات

أرشيفية
أرشيفية


 شهيرة النجار

هذا الموضوع يهم كل مواطن مصرى قبل أن يكون مهما لكل سكندرى، وهو متعلق بحجب رؤية البحر بأشكال مختلفة، وسيكون له أكثر من شق، نتيجة المستجدات التى طرأت خلال هذا الأسبوع.

البداية.. نشرت العدد الماضى أن السيد المحافظ الجديد الدكتور عبدالعزيز قنصوة قام بحركة تطهير كبيرة داخل مبنى المحافظة، بتغيير طاقم سكرتارية مكتبه، ومن بينهم سكرتيرة المكتب التى لها أكثر من 10 سنوات أو يزيد، وكذلك مدير المكتب، الذى خرج إلى المعاش وتم التمديد له بنظام اليومية منذ شهور بعد خروجه.

والحقيقة، حتى لا أكون متفائلة، والكرسى والسلطان له تأثير كبير، صحيح المحافظ استحضر شابين لمكتبه، لكن «....»، وأعتقد أن تلك القرارات التى نفذها المحافظ اتخذتها مسبقا أجهزة الدولة، وتم تأجيل التنفيذ لحين مجيء وجه جديد، حتى تكون بـ«البلدى فرشة حلوة وأرضية للمحافظ أمام الرأى العام السكندرى».

المحافظ قام خلال الأسبوع الماضى بروتوكولياً بتكريم المحافظ السابق محمد سلطان، وهذا أمر بروتوكولى «بحت»، البعض اعتبرها لفتة إنسانية، بينما قال آخرون «أصيل»، لكن فى النهاية هو عمل داخل إطار الدولة، وحضر هذا اللقاء عدد من رجال الأعمال وأصدقاء سلطان.

وإحدى جمعيات المجتمع المدنى أقامت بعد ذلك حفل تكريم للسيد المحافظ السابق، واستقبال للمحافظ الجديد، وسط حضور ليس بقليل لبعض أعضاء مجلس النواب والمسئولين، وغياب لـ«قنصوة»، ولا أقف أمام ذلك بانبهار، لأن ليس كل ما يعرف ينشر.. نقطة ومن أول السطر.

رواد السوشيال ميديا تبنوا حملة، أعتقد أنها ممنهجة ومرتبة، ضد التعديات على الكورنيش، فتذكرت سريعًا أحد مقالاتى التى نشرتها قبل أربعة أعوام، عن اغتيال الكورنيش على يد المحافظ الأسبق طارق المهدى، الذى سمح بتأجير الممشى الخاص للمواطنين الذى تم بناؤه فى عهد المحجوب لكافيتريات لا ترقى للدرجة الأولى ولا حتى الثالثة، من سيدى جابر حتى الإبراهيمية ومن الجانب الآخر للكورنيش بسيدى بشر بحرى حتى المنتزه، واستكمل ذلك الأمر هانى المسيرى، فى تعدٍ صارخ لحقوق المواطن الذى كان يتمشى على الكورنيش أو يجلس عليه ليرى البحر، ولم يتحرك أحد وقتها وعملوا مزادات وأخذوا فلوس ودخلت خزينة المحافظة.

وبكل أسف كان ذلك بالاتفاق مع من يصدر تصاريح الارتفاعات والبناء، حتى أصبحت تلك الأكشاك (تحولت لحمامات ومطابخ) تصرف فى البحر وملاصقة إلى سور الرصيف، المهم الناس قالت السور وخلافه.

وأعود بالذاكرة لأيام المستشار إسماعيل الجوسقى، المحافظ الأسبق الذى هدم كل كبائن البحر والكافيتريات، التى كانت مبنية على المياه، بما فيها كبائن سان استفانو وميامى وكافيتريات كليوباترا وكامب شيزار، وأبقى فقط على كبائن استانلى، لأنها لا تحجب الرؤية، وكذلك كازينو الشاطئ لأنه أحد معالم المدينة، نقطة أخرى ومن أول السطر.

مطلع هذا الأسبوع قام المحافظ الجديد بجولة مع السكرتير العام والسكرتير العام المساعد، ليلاً على الكورنيش، «الناس هللت» وقالت بشرى سارة، سيادته راح ناحية منطقة جليم وفيه تعديات وأكشاك خشبية يجب إزالتها، وقرارات بعد ذلك بأن الموجودين على الشواطئ الذين يبنون أكشاكا خشبية تحجب الرؤية، وسيتم تغريمهم إذا أبقوا عليها، كلام محترم جداً.

وفى هذه الأثناء، كان هناك جروب يضم عددا كبيرا من أهل الإسكندرية والمسئولين، كتب عليه أستاذ جامعى أن هناك نخيلا يحجب الرؤية فى كازينو الشاطئ، فقامت زوجة رجل أعمال آخر بتصوير النخيل ووضعته على الجروب، وفى صباح اليوم التالى أصدر المحافظ تعليمات بإزالة النخل، هنا أتوقف لأتحدث.

سيادة المحافظ، سبق أن جاء الدكتور محمد سلطان وقام الأستاذ الجامعى بإثارة مشكلة أن هناك شبكة حول «باركينج» كازينو الشاطئ المؤجر من قبل المحافظة، تحجب الرؤية، فأمر المحافظ السابق بإزالتها، بعد كلام الدكتور، وهو رجل أحترمه وأقدره، لكن عليه مديونيات للمحافظة تصل لـ11 مليون جنيه.

المهم، تمت إزالة الشبكة التى كانت تمنع البلاستيك والطوب الذى يلقيه المارة على السيارات، والكلام الذى تم تداوله عن أن النخيل يحجب رؤية البحر أرى أنه غير منطقى، لأننى بكل صراحة أتردد على هذا المكان منذ نوفمبر الماضى، حتى أصبح هو مكانى المفضل، أتمتع برؤية البحر، وأرى صاحبه والمسئولين عنه يومياً، يقومون بالتطوير فيه، وهو مثار تعجب منى، لماذا؟

لأنه مؤجر من المحافظة، وفى النهاية سيؤول لها، فلماذا يتم وضع أموال كل يوم للتطوير، النخل، أرضية من الرخام، حمام، برجولات، مثل التى فى شواطئ هاواى والساحل عندنا، طيور من الحمام النادر الأرضى وببغوات، لوحات حائطية مضادة ومزينة بالزروع الطبيعية، وأشجار الموز، حتى أصبح ذلك المكان مزارا حقيقيا.

سألت مصطفى الحداد مؤجر المكان، أنت بتعمل كل ده وتلقى الفلوس على الأرض ليه؟، فرد لأنى تعلمت من أبويا أن لما أعمل حاجة أعملها صح، والدى عمل كازينو قصر النيل، الذى كان المكان المفضل لأم كلثوم وعبدالحليم وعبدالوهاب وكل نجوم الصف الأول بمصر ووزراؤها، سيد مرعى كان له منضدة يومية، ومجلس قيادة الثورة كان مقرهم قريبا من كازينو قصر النيل، فكانوا يجلسون يومياً به.

كازينو قصر النيل كان هو المكان الذى تم تصوير أفلام خمسينيات وستينيات القرن الماضى به، عبدالحليم وفاتن حمامة وشادية وفؤاد المهندس وشويكار ويوسف وهبى وهند رستم وأحمد رمزى.

وأضاف، «بدخل زى ما بتشوفى أطبخ بإيدى، ولما بلاقى حاجة فى أى دولة أخرى أجرى أطبقها هنا، إحنا عندنا بلاج مش موجود لا فى هاواى ولا كل أوروبا، فقط عايز يتجمل، أنا أولادى دخلوا شاطئ فى فلوريدا بأمريكا ودفعوا 50 دولاراً لمجرد يتصوروا مع بغبغان على الشاطئ، رغم أنه لا يوجد بالشاطئ أى شىء، لماذا عندما أقوم بعمل حاجة حلوة ألاقى الناس بتحاربنى، اللى عايز «...» أم البيروقراطية أو...

وتابع: «كازينو الشاطئ ملك الدولة، هى التى عرضته فى مزاد علنى للتأجير، ودخلت أخذته، وطوال فترة التوضيب تم حسابها 20 مليون جنيه عليا، تم تقسيطها كل 3 شهور نصف مليون جنيه، ماذا أفعل، هل أنا حجبت الرؤية، عندما زرعت شوية نخيل تعطى منظر جمالى أبقى بحجب الرؤية؟، أنا أترك الناس تشاهد من على السور وتلقى أرجلها تتمتع بالبحر، وما أقوم به أفعله وأنا سعيد».

واستكمل: «لم أفعل مثل مؤجرى شواطئ العصافرة الذين يومياً يقومون بدهان السور زيت، حتى لا يجلس عليه أحد، ولم أقم بعمل سور خشبى مثل فنادق تيوليب وهيلتون الكورنيش وشيراتون المنتزه، ولم أبنى سور حديد مثل منطقة نادى الكشافة فى بحرى، كل ما فعلته جددت الكازينو وعملته من الزجاج وجزء الشاطئ كما هو وزرعت نخيل، يبقى كده بحجب الرؤية؟».

الرجل مصطفى الحداد أصيب بحالة من الذهول والحزن والغضب، أنا المواطنة كاتبة هذه السطور بقول آه عنده ألف حق، أنا شاهدة لأنى زبونة، وأرى ما يحدث، وأعرف كلام وكواليس لا يصح أن أسطرها هنا، لأنى سأكشف ورقة التوت عن البعض، لكن لماذا استجاب السيد المحافظ وأرسل ناس تخلع النخيل، لماذا يا سيادة المحافظ لم تصوب ما قام به المحافظون السابقون وسرقوا منا متعة البحر وأجروا الممشى لأكشاك خشبية سيئة، تحولت «....»؟

سيدى المحافظ أعلم أنك رجل وطنى ومواطن سكندرى قبل أن تكون فى هذا المنصب، وهو فى النهاية منصب مؤقت، ستجلس، حتى لو طال الزمن ستغادر منه، إما لمنصب آخر أو لعملك بجامعة الإسكندرية، وبالطبع تريد الإسكندرية كما عهدتها وعرفتها، وستبقى فيها أسرتك وأحفادك.

سيدى المحافظ أعد وجه الإسكندرية الحقيقى، نحن لا نريد المستحيل فقط بحسب صلاحياتك كمحافظ، نريد فقط إزالة الأكشاك الخشبية التى تم تأجيرها تحت بند كافيتريات تدر عائدا لخزينة المحافظة من سيدى جابر للإبراهيمية ومناطق زيزينيا وجليم ومن سيدى بشر بحرى والمنتزه، لن أقول لسيادتك أزل النخيل الموجود فى بلاج فورسيزونز سان استفانو، لأنه جميل ومن حق رواد شاطئه الخصوصية.

لكن إذا أردت إزالة نخيل كازينو الشاطبى أزل نخيل بلاج الفورسيزونز، ولا إيه؟، ولمن يطالبون بإزالة ذلك النخيل، أذكرهم، لماذا تراجعتم عن الحملات السابقة، عن بعض التجاوزات الأخرى على الكورنيش، وتم استغلالى بدون قصد للكتابة فيها، وبعد ذلك صمت صوتكم عنها، هناك خصوصية لبلاجات شيراتون وهيلتون والفورسيزونز، ومن حق الرواد وهم فى المياه ألا يراهم المارة على الكورنيش.

لكن سيدى أليس من حق المواطن إزالة المنطّات التى تتعدى عشرة أمتار على الكورنيش العصافرة وسيدى بشر، أليس من حق المواطن أن يجلس على السور بدلاً من تلطيخه يومياً بالزيت أو يستولى عليه «مافيا تأجير الشاى» من قبل بعض الصعايدة؟..

أعلم أن سيادتك وطنى حتى النخاع، وإلا لما جئت لهذا المنصب، ولكن كل ما نرجوه وأنا علمت ذلك أنك تعرف الصالح من الطالح، الوطنى الغيور من صاحب المصالح، إذا ما استطعت الحفاظ على البقية الباقية من الكورنيش لن ننسى لك ذلك، وسأذكره كما ذكرت موقف الجوسقى رغم خلافى معه قديماً فى بدايات حياتى العملية، لأن كلمة الحق يجب أن تقال والسلام ختام.

أتمنى من الله يا دكتور قنصوة ألا تكون جولتك مثل جولات سابقيك، الذين بدأوا أعمالهم بجولة على ذلك الكورنيش وانتهت بتصريحات من داخل المكاتب بالتكييف، نتمنى وليس أمامنا سوى الدعاء، أن يبعد الله عنك بعض المنتفعين.