د. بهاء حلمي يكتب: الاستثمار الرياضي وآفاق المستقبل

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


لم تعد الرياضة مجرد أنشطة رياضية تمارس بغرض اللياقة البدنية والصحة والوقاية من الأمراض، أو بغرض المشاهدة للترويح عن النفس والتمتع بفنونها فحسب بل سبقتنا دول العالم فى الاستفادة منها سواء كان على الصعيد الوطنى أم الدولى لترسيخ روح الولاء والانتماء لدى المواطنين والمشجعين والتوحد حول راية الوطن، أم من حيث العوائد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بما ساهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية بتلك البلدان وارتفاع مستوى الرياضة وخلق نجوم تحظى بشعبية وجماهيرية وقيم مالية عالمية بفعل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، مما أدى إلى فتح المجال لدخول شركات عملاقة متعددة الجنسيات ومستثمرين كبار يضخون الأموال فى الاستثمارات فى الأندية الرياضية، وعلى الأخص فى مجال كرة القدم، باعتبارها اللعبة الشعبية الأولى على مستوى العالم لتحقيق الأرباح والشهرة مع خلق قيمة مضافة للأندية المستثمر فيها على مستوى البورصات العالمية.

صحيح أنه تم تعديل قانون الرياضة القديم الذى كان يمثل حجر عثره أمام الاستثمار الرياضى فى مصر، حيث كان يعتبر الأندية الرياضية مؤسسات غير هادفة للربح تعتمد على دعم الدولة على الرغم من الطبيعة الاستثمارية التى تتمتع بها عناصر صناعة الرياضة على مستوى العالم.

إلا أن الاستثمار الرياضى فى الشركات التى تضم أندية وفرق مصرية فى بداية الطريق يساير حداثة قانون الرياضة الجديد – باستثناء عدد محدود للغاية من الاندية الخاصة- ليسمح القانون بتأسيس شركات مساهمة لمزاولة أعمال الخدمات الرياضية بجميع أنواعها مع إمكانية طرح أسهمها فى اكتتاب عام وقيدها فى بورصة الأوراق المالية.

ويبدو أن هناك تخوفًا لدى البعض من الاستثمار والاستحواذ على بعض الأندية وفرقها الرياضية من قبل مستثمرين عرب أو أجانب فى ضوء الصورة الذهنية غير الطيبة عن الخصخصة التى تمت فى عهد سابق، والبعض الآخر يقاوم هذا التغيير لمصالح خاصة أو لغرض الحفاظ على بعض الوظائف التقليدية، ويرغب آخرون فى التمسك والبقاء على رأس الأندية كواجهة اجتماعية أو للتحكم فى سياساتها بشكلها ووضعها الحالى.

إن الواقع يشير إلى أن الاستثمار والإدارة الجيدة هما عماد تقدم المؤسسات والأندية الرياضية، والسبيل لتحقيق نهضة اقتصادية ورياضية كبرى على جميع المستويات على الرغم من رأى البعض بأن الاستثمار الرياضى لم يكتشف بعد.

أن الاستثمار الرياضى بمجالاته المتعددة واستثماراته الضخمة التى يزيد بعضها على حجم الاحتياطى النقدى لأكثر من دولة معروف منذ زمن على مستوى العالم، إلا أننا تأخرنا فى طرق هذا الباب مثل نهجنا فى كثير من الأمور التى نطمع فى اجتيازها لنبدأ ممن حيث انتهى الآخرون.

مما لاشك فيه أن تجارب الدول التى سبقتنا فى هذا الإطار سواء كانت أوربية أو عربية ماثلة أمامنا، وتعمل وفق قواعد وضوابط وطنية حاكمة وتتميز بإدارة وكفاءة تحاكى الأنظمة الدولية وقواعد الفيفا والعولمة. ولابد من الاستفادة من تلك التجارب بمشاركة الشباب وإفساح المجال أمامهم للإبداع والابتكار والاستفادة من الإدارة الحديثة والتسويق الرياضى القائم على المعرفة والعلم.

لقد شاهدنا حقوق البث التى تقدر بمليارات الدولارات والتى نتوقع تغيير قواعدها خلال العامين القادمين فى ضوء سيطرة دول الخليج وخاصة الإمارات العربية على بعض الأندية التى تحظى بشهرة عالمية فى مجال كرة القدم، وهناك استثمارات فى تصنيع المنتجات والأدوات والملابس الرياضية، وخلق سوق عالمية لأسعار اللاعبين والنجوم، وهناك الأرباح من الشركات الراعية والفوائد التى تعود عليها مثل شركات طيران الخليج وغيرها والتى تحظى بشهرة واسعة الآن، إضافة إلى ذلك علينا النظر إلى ما يمكن أن يحققه الاستثمار فى الأندية المصرية وانعكاس ذلك إيجابيًا على مستوى الإدارة والرياضة والتعرف على أسس ودعائم صناعة البطل مما يفسح المجال لتكوين منتخب وطنى يحاكى وينافس المنتخبات المصنفة عالميا الأمر الذى يبدو أنه سيتحقق خلال المستقبل القريب طالما صحت القلوب وخلصت النوايا نحو دفع الاستثمار الرياضى للأمام والمساهمة فى تحقيق التنمية الاقتصادية والنهوض بالرياضة المصرية على الصعيد الدولى.

www.bahaahelmy.com