"الأقصر ولادة".. فادي فرانسيس يطور الرسم بالضوء: بدأت بمحمد صلاح وكوكب الشرق

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


مشاهد يومية معتادة يعيشها ويتأثر بها، كانت بمثابة مصدر الإلهام الذي عبر من خلاله إلى بوابة الإبداع، هذه المشاهد البسيطة تجسدت في رؤيته لجدته وهي تحضر الطعام في المطبخ، أو حينما يلمحها تخبز أمام الفرن، وأحيانًا أثناء رؤيته لوالدته في المنزل، مجرد أحداث بسيطة في طفولته كانت قادرة على تفجير الحس الفني بداخله.

فبالرغم من أن ابن محافظة الأقصر، فادي فرانسيس، بدأ اكتشاف موهبته في الرسم منذ الرابعة من عمره، من خلال مجموعة من الرسومات الاعتيادية التي تفنن فيها بأنامله الصغيرة، إلا أن فنه تطور مع مرور السنوات، متأثرًا ببيئته الصعيدية التي نشأ فيها، إلى جانب اختلاطه بالثقافات المختلفة بفضل السياح، وهو الأمر الذي جعله قادرًا على الانفتاح بالفطرة على مختلف أنواع الفنون التي استمد أساسياتها من والديه الفنانين، وهو ما أيقن من خلاله أن الطبيعة والتلقائية هما أساس الفن الحقيقي.

ومع بلوغ عامه السادس عشر، تمكن "فرانسيس" من حصد جائزة "الفنان الصغير" بمحافظة الأقصر، وحرصًا منه على الاستمرار في التطور، انتقل إلى القاهرة ليبدأ في مواجهة عالم آخر يختلف عن بيئته الهادئة، وهو ما منحه فرصة تجربة الرسم بعدة خامات متنوعة، كالباستيل والملابس والفواكه والخضراوات.

وبالرغم مما حققه على المستوى الفني، إلا أن الرسام فادي فرانسيس، اختار الالتحاق بكلية الإعلام في جامعة القاهرة، ليتمكن من توسعة مجالات المعرفة لديه في شتى النواحي، إلى جانب استمراره في تطوير موهبته الفنية، عبر الدراسة بأكاديمية القاهرة للفنون الحرة، والتي كانت البوابة التي شارك من خلالها بمعرض "هامبورغ الثورة" في ألمانيا عام 2011، ثم حصل بعدها على جائزة "مصر الأم" من مركز جامعة القاهرة، ثم اتجه للعمل كرسام كاريكاتوري بجريدة المصري اليوم عام 2013.

كان إيمان "فرانسيس" بأهمية التجديد في الفن والخروج  من التقليدية، كافيًا ليمنحه القدرة على ابتكار تجربة مختلفة من خلال الرسم بالضوء، والتي بالرغم من كونها ليست جديدة، حيث استخدمها "بيكاسو" في فترة الخمسينيات، ثم بدأ انتشارها في التسعينيات؛ إلا أن إعجابه بتطوير الفكرة، دفعه منذ ثلاثة سنوات، لتجربة قص أشكال ورقية صغيرة ودقيقة، وتثبيت كاميرا أمام الشكل الذي يريد رسمه في غرفة مظلمة تمامًا حتى لا تتعرض الصور للحرق، ثم بدأ في تمرير ضوء جواله الخافت خلف القصاصات الصغيرة، لتمر أمام الكاميرا في دقة شديدة خلال مدة لا تتجاوز 30 ثانية.

وفي غضون عام واحد فقط، استطاع الرسام العشريني، أن يحترف هذا النوع من الفنون، وهو ما مكنه من رسم الفرعون الصغير محمد صلاح، وكوكب الشرق أم كلثوم، بالإضافة إلى الكاتب أحمد خالد توفيق، وهي الرسومات التي منحته فرصة المشاركة بمعرض "نور الشكل" في دار الأوبرا.








يرى الرسام فادي، أنه لاتوجد مدة محددة لرسمة الضوء، فقد تستغرق 4 ساعات في بعض الأحيان، وفي أوقات أخرى قد تحتاج الرسمة إلى يوم كامل، ويتم تقدير الوقت على حسب مدى صعوبة تفاصيل الرسمة ودقتها:"لأن تجربة تمرير الضوء وحدها بتتكرر 30 أو 40 مرة حتى تصل للشكل المطلوب، بالإضافة إلى قص الورق وتفريغه الذي يحتاج ساعتين أو ثلاثة وقد يستمر أحيانًا لمدة يوم كامل".




"عقلي كان يردد باستمرار جملة صاحب بالين كداب"، فبالرغم من هذه العبارة التي دائمًا ما تتردد بداخله، إلا أن "فرانسيس" رفض تصديقها، فقرر الخروج من نطاق موهبته الفنية إلى العمل بالصحافة في قسم "الشؤون الدبلوماسية والخارجية"، وبالفعل تمكن من إثبات قدرته على المحافظة على تطوير فنه ليخرج إلى النور، إلى جانب عمله بمهنة البحث عن المتاعب في وقت واحد.

ومن وجهة نظر الرسام فادي فرانسيس، فيرى أن الفن الحقيقي لايعني الابتعاد عن البشر:"لأن الفن الحقيقي ينقي أرواحنا ويقربنا من الآخرين.. فالفنان يحتاج إلى الهدوء فقط وليس إلى الانعزال كما يعتقد البعض".