ماذا قالت الصحف العالمية عن الأزمة الأمريكية التركية؟

تقارير وحوارات



في كل ساعة تمضي، يشهد الرأي العام الدولي حالة من التوتر بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض "عقوبات كبرى" على تركيا إذا لم تطلق سراح القس الأمريكي آندرو برانسون الذي قررت السلطات التركية وضعه تحت الإقامة الجبرية بعد سجنه لمدة 21 شهرا بتهمة دعم جماعة فتح الله جولن وفي النهاية تواصل الليرة التركية خسائرها أمام الدولار الأمريكى حيث هبطت بنحو 13% وذلك بعد أن تخطت العملة الأمريكية مستوى 6 ليرات للمرة الأولى على الإطلاق.

من جانبها، رصدت "الفجر" أبرز ما قالته الصحف العالمية عن الأزمة الأمريكية التركية على النحو التالي:

انهيار بالسوق التركية

رأت وكالة بلومبرج الأمريكية المتخصصة فى الشؤون الاقتصادية أن خارطة الطريق التى رسمها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أدت إلى انهيار بالسوق التركية، محذرة أنه ما لم يعد الرئيس أرداجه فإن بلاده ستعانى ماليا فى المرحلة المقبلة، متوقعة أن يؤدى تراجع الليرة إلى تخلى أردوغان عن سياساته.

وأضافت الوكالة فى تقرير موسع لها نشرته من خلال موقعها على الإنترنت أن التراجع فى الليرة قد يؤدى إلى إجبار الرئيس أردوغان على التخلص من بعض العقائد الاقتصادية، لافتة إلى أن المحللين يرون بضرورة حاجة البلاد إلى زيادات فى الأسعار، وخفض فى الإنفاق، واللجوء إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى وأوضحت الوكالة فى التقرير أن كل وصفة اقتصادية تقريبًا لتركيا لإنقاذ أسواقها المالية من الانهيار، وإنقاذ اقتصادها من الركود، الذى يبدو من المرجح أن يتبعه أردوغان، تنطوى على تراجع رئيس البلاد عن سياساته الاقتصادية.

 

ونوهت الوكالة إلى أن أردوغان بحاجة إلى أن يقدم شيئا جديدا لإنقاذ اقتصاد بلاده المتدهور وبالرغم من أن هذا ليس ما يشتهر به رجب طيب أردوغان، إلا أنه مع تهاوى الليرة فى حالة السقوط الحر، هناك شعور متزايد بأن هناك شيئًا ما يجب أن يقدمه وشددت الوكالة على أن دوامة الهبوط فى العملة قد نجمت عن الخلاف الدبلوماسى مع الولايات المتحدة، التى فرضت عقوبات على حليفها فى الناتو بشأن احتجاز قس أمريكي، وخسرت الليرة هذا العام نحو 30%، وهى العملة التى تتدفق من خلال الاقتصاد الذى يبلغ حجمه قرابة 880 مليار دولار، حيث يواجه المشترون فى الأسواق أسعارا متصاعدة مع شركات تكافح لخدمة ديون الدولار واليورو.

أردوغان يتحمل اللوم فى تأزّم الأحوال الاقتصادية بتركيا

وقالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية إن الليرة التركية تعانى سقوطًا حرًا، راصدة تسجيلها انخفاضا قياسيا، متجاوزة البيزو الأرجنتينى كأسوأ عملة فى الأداء لعام 2018.

وأضافت الصحيفة أنه كلما هبطت الليرة التركية أكثر زاد احتمال حدوث أزمة فى ميزان المدفوعات، وإخفاق الشركات فى سداد الديون الخارجية، إضافة إلى انهيار القطاع المصرفي.

ورأت أن ردّ فعل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان حتى الآن، والمتمثل فى إلقاء اللوم فى هذه الأزمة على الحرب الاقتصادية ومطالبته المواطنين الأتراك باستبدال الليرة بالذهب والدولارات، رد الفعل هذا غير التقليدى من جانب أردوغان زاد ارتباك الأسواق فزاد بذلك الأمر سوءًا.

ونبهت الفاينانشيال تايمز إلى أن الأزمة ليست منحصرة فى تركيا ؛ ذلك أن إنهيار الاقتصاد التركى ينذر بانتشار العدوى فى آسيا وأوروبا ، حيث هبطت كذلك أسعار أسهم البنوك المرتبطة بالدين التركى ، وقالت إن إنهيار الليرة ضرَب بالفعل عملات الأسواق الناشئة بوجه عام وأضافت " ليست المخاطر الجيوستراتيجية الناجمة عن تلك الأزمة ، التى يُصوّرها أردوغان بالتدبير الغربى ، ليست أقل أهمية ، حيث أن تمثل تركيا عنصرا هامًا لضمان الاستقرار السياسى فى أوروبا ، إذْ تحول أنقرة بين ملايين اللاجئين السوريين وبين دخول القارة العجوز ؛ وكعضو بحلف شمال الأطلسى (ناتو) فإن تركيا لعبت حتى وقت قريب دورًا داعما للمصالح الاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط ، وتمرّ علاقات أنقرة بأوروبا بتأزّم شديد، أما علاقاتها بالولايات المتحدة فهى تعانى انفجارًا".

وقالت الفاينانشيال تايمز " إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب رشّ الملح على جروح الأزمات الاقتصادية التركية عبر الإعلان عن رفع التعريفات الأمريكية على الصلب التركى إلى نسبة 50 بالمئة والألومنيوم إلى 20 بالمئة ، وإن هذا لم يسهم فقط فى تعجيل وتيرة سقوط الليرة على نحو هو الأكبر فى يوم واحد على مدى 20 عاما ، وإنما أسهم أيضا فى تعزيز مزاعم أردوغان بأن ما يحدث فى تركيا هو تدبير خارجي".

ورأت الصحيفة أن المسارات المطروحة الآن واضحة، فإما أن يتراجع الرئيس التركى ويسعى لحل وسط، أو أن يُعمّق الخلاف مع الغرب بما يرشح الأزمة الاقتصادية فى بلاده لمزيد من التردي واختتمت قائلة إن أردوغان استمد جانبا كبيرا من شعبيته فى تركيا عبر نجاح حكومته فى تخفيف الفقر، والآن وبعد أن بات يستأثر بكافة السلطات فسوف يحمل وحده اللوم إزاء أى نكوص أو عَودة لهذا الفقر.

العلاقات الأمريكية- التركية على وشك الانهيار

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، وهما عضوان في حلف شمال الأطلسي، على وشك الانهيار، وأضافت الصحيفة- في تحليل نشرته أن التأثير الضخم على النزاع بين واشنطن وأنقرة أضفى قلقًا عميقًا على الإدارة الاقتصادية لتركيا التي يديرها رجب طيب أردوغان، الذى أعيد انتخابه رئيسًا في يونيو الماضي، بصلاحيات شبه استبدادية، كما زادت من مخاطر امتداد المشكلات في تركيا التى تشترك في الحدود مع إيران والعراق وسوريا، ما قد يزعزع استقرار الاقتصادات إلى ما هو أبعد من حدود المنطقة.

 

وأوضحت أن الاقتصاد التركي يحتل المركز الـ17 في ترتيب أكبر اقتصادات العالم، لكن مشكلاته تتفاقم في الوقت الذى تربك فيه حرب ترامب التجارية، التجارة العالمية وتضر بتحالفات طويلة، وتهدد النمو الاقتصادي على مستوى العالم، وهناك مخاوف واسعة بين المستثمرين الأجانب من أن حكومة أردوغان الاستبدادية تتبع سياسات اقتصادية غير مسئولة مع تقليصها من استقلالية بنكها المركزى، وهو ما يخشى المحللون من أنه يمنع البلاد من اتخاذ الخطوات الضرورية لوضع الاقتصاد في موقف أكثر استقرارًا.

وأشارت إلى أن الليرة التركية، التي كان سعرها مقابل الدولار 4.7 منذ شهر، تراجعت إلى 6.4 أمس الجمعة، وهي المرة الأولى التي يزيد فيها سعر الدولار عن 6 ليرات تركية في تاريخها، لتفقد 30% من قيمتها خلال الشهر الجاري ولفتت الصحيفة إلى أن الرئيس الأمريكي، الذي قد بدا مستشعرا هشاشة الوضع الاقتصادي التركي، زاد من الضغوط وأعلن عن عقوبات اقتصادية إضافية، إذ ضاعف الرسوم الجمركية على واردات بلاده من الصلب التركي لتصبح 50% وعلى الألومنيوم لتصبح 20%، بعد أن فرضت واشنطن عقوبات على وزيرين تركيين في وقت سابق، وهي الخطوة التي زادت سعر الصلب التركي بشكل لا يتناسب مع السوق الأمريكية.

ويمثل ما تصدره تركيا إلى السوق الأمريكية من الصلب 13% من إجمالي صادرات الصلب التركية وفي تقريرها، شرحت "نيويورك تايمز" أبعاد الأزمة التى تفجرت بين البلدين مؤخرًا، بتغريدة من الرئيس دونالد ترامب، غضبًا بشأن استمرار اعتقال القس الأمريكي أندرو برانسون منذ 21 شهرًا في تركيا، وتناولت أسباب التصعيد المفاجئ خلال اليومين الماضيين نقلا عن خبراء ومسئولين أمريكيين ودوليين.

فالقس الأمريكي الذي يقيم في تركيا منذ 23 عامًا هو واحد من حوالي 20 أمريكيا، بينهم عالم في ناسا وأستاذ في الكيمياء من بنسلفانيا، والذين شملتهم عملية التطهير التي شنها منذ الانقلاب الفاشل قبل عامين، والذين زعم أردوغان أنه بتنظيم أمريكي، وتحديدا من فتح الله جولن المقيم هناك، وتطالب السلطات التركية بتسليمه وهو ما رفضه الجانب الأمريكي، وينظر إلى المحتجزين الأمريكيين لدى السلطات التركية على نطاق واسع على أنهم أوراق مساومة.

ونقلت الصحيفة عن مسئول أمريكي قوله: "إن تركيا أعطت مهلة نهائية لإطلاق سراح القس الأمريكي الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله في إزمير التركية، تنتهي في تمام السادسة مساء الأربعاء الماضي، لكن تركيا بدت وكأنها تود لدرء الأزمة من خلال الدفع بوفد إلى واشنطن لمزيد من المحادثات في يوم انتهاء المهلة، لكن المحادثات لم تسر كما يرام"، حسب مسئول أمريكي آخر نقلت عنه الصحيفة دون الكشف عن هويته.

واختتمت الصحيفة بأن الرئيس التركي بدا أكثر تحديا أمس للأزمة، إذ دعا الأتراك إلى بيع ما يملكونه من ذهب ودولارات أمريكية وشراء الليرة لتدعيمها، ومع ذلك فإن الوضع الهش للاقتصاد التركي آخذ في التفاقم.