الانتحار يحصد أرواح اليائسين.. المترو خلاص «أشرف» من أزمته.. وطالبة الدقهلية تستخدم أقراص مجهولة.. و«الإفتاء» تحرم

تقارير وحوارات



حالات انتحار كثيرة، وقعت مؤخرًا بشكل لافت للانتباه، في معظم محافظات الجمهورية، خلال الأسابيع الماضية، أثارت جدلًا كبيرًا في مصر، خصوصًا وأن معظم الحالات لشباب في مقتبل العمر، الأمر الذي حظر منه معظم خبراء علم النفس والاجتماع.

 

وفي السطور التالية نرصد أبرز تلك الحالات:


منتحرة مار جرجس

وانتحرت فتاة عشرينية، أسفل قطار بمحطة مارجرجس، بخط حلوان.

وقالت شركة المترو، إن قائد القطار رقم  124 فوجئ في أثناء دخوله محطة مارجرجس بالخط الثاني بمنتصف الرصيف اتجاه حلوان، بإلقاء إحدى الفتيات في العشرينات من عمرها بنفسها أمام القطار، مما أدى إلى صدمها ومصرعها على الفور.

ولفتت إلى إنه تم إخطار ناظر المحطة والشرطة وغرفة التحكم المركزى، وتم استخراج الجثة وعودة حركة القطارات لطبيعتها بتأخير 5 دقائق.


شاب المرج

انتحر شاب في محطة مترو المرج القديمة، بإلقاء نفسه أسفل عجلات المترو، لمروره بأزمة نفسية.

وبعد فحص الأوراق والمتعلقات الخاصة به، وتبين أنه يدعى «أشرف»، من قرية بمحافظة الفيوم، وتوجه إلى محافظة القاهرة دون أن يبلغ أحد من أسرته.

 

ضحية العلاقة العاطفية

وانتحر شاب شنقًا ٢٧ عامًا داخل غرفته، في مصر القديمة، بسبب علاقة عاطفية.

وتبين وجود آثار خنق وزرقان في رقبته، وتم العثور على حبل بجواره، وعقب تكثيف التحريات، تبين أن السبب وراء إقدامه على الانتحار هو ارتباطه بعلاقة عاطفية بفتاة لمدة تزيد على ثلاث سنوات، وعندما طلب من والديه الارتباط بها رفضا تلبية ذلك.

 

موظف المنوفية

وألقى «ج.ع. م» ٤٥ عامًا، موظف في محافظة المنوفية، بنفسه من أعلى شرفة بالطابق الرابع، بعد مروره بحالة نفسية.

وأسفر السقوط من الطابق الرابع، عن إصابته بجرح بالجانب الأيسر بالرأس ووفاته، وذلك بسبب خلافات بينه وبين أهل كريمة خال المبلغ، والتي تربطه بها علاقة عاطفية.

 

ضحية العلاقة العاطفية بالدقهلية

وأنهت علاقة عاطفية، حياة طالبة تبلغ من العمر نحو ١٦ عامًا، في منطقة بلقاس بالدقهلية، وذلك عندما عاتبتها والدتها على قيامها بالتحدث مع أحد الشباب في الهاتف المحمول، فقامت الطالبة بتناول أقراص دوائية مجهولة لاعتراضها على رفض والدتها تحدثها في الهاتف، وتسببت تلك الأقراص في وفاة الطالبة.

 

مدمن الهرم

وفي الهرم، انتحر شاب شنقًا داخل مصحة إدمان، وتبين أن الجثة لطالب يدعى «هاني. أ. أ. ع»، ٢٦ عاما، مسجاة أعلى سرير بغرفة الاستقبال بالمصحة، وبها آثار خنق حول الرقبة، ولا توجد ثمة إصابات ظاهرية أخرى؛ حيث اكتشفت الواقعة بعد احتجازه بالمصحة للعلاج.

وفي يوم الحادث، اكتشفوا قيامه بالانتحار عن طريق ربط ملاءة سرير، بنافذة حديدية بغرفته وشنق نفسه، وقاموا بإنزاله واستدعاء الطبيب، وتبين وفاته ولا شبهة جنائية.

 

طالب المنيا

وفي فشل طالب ١٩ سنة، في دخول كلية الهندسة التي كان يحلم بها، ودخوله كلية أخرى، وبمجرد ظهور نتيجة التنسيق قام بشنق نفسه، داخل منزله.

 

«الإفتاء»: حرام شرعًا

دار الإفتاء، قالت عبر موقعها الرسمي، إن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي، وإجماع المسلمين؛ فقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وقال النبي : «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وأضافت أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى عليه ويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين.

الدكتور أحمد وسام، أمين الفتوي بدار الإفتاء، أوضح أن الانتحار حرام شرعًا وهو من كبائر الذنوب، وهو حكم ثابت في الكتاب والسنة، وأجمع المسلمون قاطبة على ذلك، مع كون الانتحار معصية كبيرة لكنه لا يخرج من الإسلام بل ندعو له بالمغفرة والرحمة ونتصدق عنه بما تيسر والله تعالى أعلى وأعلم بحالة إن شاء أن يعذبه وإن يشاء أن يرحمه.

 

«الأزهر»: جريمة

 بدوره قال مركز الأزهر العالمي للفتوي الإلكترونية، في تقرير سابق له، إن الحفاظ على النفس البشرية مطلوب، والانتحار جريمة، فالموت لن ينهى معاناتك ويريحك من كل مشاكلك، فهذا الظن خاطئ بيِّن الخطأ؛ فالله سبحانه وتعالى خلقنا واستعمرنا في الأرض، وأعلمنا أن الدنيا دار عناء وابتلاء، قال تعالى «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ».

وتابع «وهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ»، وتوعد الله سبحانه وتعالى المنتحر بالعقاب الأليم، قال تعالى «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا** وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا».

 

خبير تنمية بشرية: المشاكل الأسرية سبب جوهري

ويقول الدكتور أحمد علام، استشاري العلاقات الأسرية وخبير التنمية البشرية، إن من الأسباب التي تؤدي إلى الانتحار، وجود مرض نفسي، وضعف الوازع الديني، وضغوط نفسية واقتصادية.

وأضاف أن المشاكل الأسرية، تعتبر سبب جوهري في الوصول إلى مرحلة الانتحار، خاصة ما يتعلق بالمشاكل الزوجية وقلة التفاهم، وعدم مراقبة الأسرة للأبناء.

ولفت إلى أن المنتحرون قد يكونوا بالفعل مصابون بأمراض نفسية، والانتحار دليل على وصول الضحية، إلى حد بالغ من الضغوط التي عجز عن معالجتها.

 

"صادق": «شو»

ويقول الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن التغطية الإعلامية لحالات الانتحار تعمل دومًا على إسقاط هذه الحالات، وفقاً لأسباب سياسية واقتصادية متمثلة في وضع الدولة والبطالة. 

وواصل، أن كل حالة انتحار لها السبب الخاص بها، ولعل ما نشاهده الآن من ظاهرة جديدة ظهرت في الفترة الأخيرة لحالات انتحار في الأماكن العامة كمحطات المترو وغيرها، يرجع لأن هؤلاء الأفراد يرغبون في عمل «شو» أمام من حولهم على حساب حياتهم الخاصة، ومن الممكن أنه ينتحر في منزله وبسهولة فلماذا الأماكن العامة؟.

وأشار إلى أن مصر تحتل الدولة رقم 167 في قوائم الانتحار، حول العالم حيث يقع بها في كل ألف 3 حالات انتحار سنويًا، ووفقاً لهذا الترتيب فمصر في مكانة بعيدة ضمن هذه القوائم مقارنة بالدول الأخرى، التي يأتي على رأسها دول شرق آسيا، إفريقيا، أوروبا، جزر المحيط الهادي، أمريكا اللاتينية.

وأورد أن الانتحار قد يرجع بشكل أساسي لبعد اجتماعي متمثل في الفقر وفشل العلاقات العاطفية وغيرها من الأسباب الاجتماعية، وعلاج ذلك من ناحية الطب الاجتماعي عن طريق الحوار الدائم والاهتمام بالأشخاص أصحاب الميول الانتحارية، والتي تظهر عليهم أعراض كالعزلة والاكتئاب والحديث المستمر عن الموت.