حكاية اثنين من جيل السبعينيات.. جمع بينهما محل الميلاد ويوم الوفاة "هياتم وشرف"

منوعات



 شهيرة النجار

لا أستطيع تجاهل رحيل اثنين من فنانى السينما والدراما فى يوم واحد، الاثنان تشاركا فى ألم المرض والفراق، هما هياتم ومحمد شرف، الغريب أن الاثنين مواليد الإسكندرية.

أبدأ بمحمد شرف الذى عرفه الجمهور فى الـ15 عاما الأخيرة من خلال أفلام محمد هنيدى وجيله، ثم تألق فى الدراما التليفزيونية حتى أصبح يطلق عليه سارق الكاميرا، ورغم مساحة الدور البسيطة التى كان يأخذها إلا أنه كان يملك أن يجعل المشاهد لا يخرج من المسلسل أو الفيلم إلا وفى ذهنه محمد شرف.

خرج محمد شرف من الكادر آخر خمس سنوات بسبب المرض، حتى وافته المنية يوم الجمعة الماضى، بالتزامن مع وفاة هياتم أو سهير حسن أحمد، هذا اسمها الحقيقى، فالراحلة فى دار الحق ونحن فى دار الباطل، وهى لن تقرأ تلك السطور التى ستكتب عنها.

أنا لم أعرفها أو التقيها من قبل، وكل علاقتى بها علاقة مشاهد وفنان عبر الشاشة، لا ننكر أننا معشر البنات فى جيلنا كنا نعتبرها النموذج الصارخ للأنثى المتكاملة، فهى التى يتصارع عليها نجم الأغنية الشعبية أحمد عدوية وچان العالم العربى محمود عبد العزيز فى فيلم البنات عايزة إيه مع سهير رمزى، وهى التى غيرت مسار حياة شحاتة أبو كف أو نور الشريف فى غريب فى بيتى.

وهى التى ترك الچان محمود عبد العزيز فاتنة السينما الناعمة الحالمة نجلاء فتحى ليخونها مع هياتم، فى فيلم عفوا أيها القانون، بنت البلد فى فيلم الدرب الأحمر بالملاية اللف، أمام كتكوت الأمير، نجم الأغنية الشعبية فى سبعينيات القرن الماضى، هياتم هى تجسيد الأنثى المكتملة ذات الروح والحياة النابضة التى تتقارب ملامحها مع فاتنة الشاشة فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى سميحة توفيق، امرأة ممتلئة ولكن غير سمينة، تعج بالأنوثة المفرطة. اختزلها المشاهد العربى فى مشهد امرأة الغواية التى أضاعت لاعب الكرة شحاتة أبو كف، فأصبح أى لاعب ينجرف عن التمرين فى ناد كبير يطلق عليه شحاتة راح لهياتم، وأعتقد أن هذا التشبيه لم يكن ليزعج الراحلة، لأنه يؤكد نجاح دورها فى هذا الفيلم بقدر ما كان يؤذيها فى حياتها، لأنها عندما كبرت وراحت ملامح الشباب والأنوثة ولم يعد سوى بقايا بسيطة لم تجد الدور المناسب لها، لتظهر أمام الشاشة وتعمل هياتم إحدى علامات السياحة فى مصر السبعينية وبداية الثمانينيات منافسة لأشهر راقصات مصر نجوى فؤاد وسهير زكى وفيفى عبده وعزة شريف وسحر حمدى وسحر الصافى، بأنوثتها وأدوارها اللامعة، وإن كانت تدور فى شكل واحد، امرأة الغواية، إلا أنها رسخت اسمها لدرجة أن شارعا شهيرا جدا بالإسكندرية باستانلى على البحر أمام السراية سان چيوفانى سابقا يمتد من الكورنيش للداخل يطلق عليه اسم هياتم.

وأعتقد أن اللافتة المكتوب عليها شارع هياتم أمام بداية كوبرى استانلى من الجانب الآخر، ولا زالت موجودة للآن كان يوجد بذلك الشارع منزل لهياتم، فأصبح اسمها علامة، لذلك الشارع بالمنطقة الأكثر رقيا بالإسكندرية، هياتم التى توفت عن عمر يناهز 69 عاما أوصت أن تدفن مع أسرتها بالقاهرة وليس الإسكندرية أوصت أيضا ألا يقام لها عزاء، هياتم وجه جيل الانفتاح ومرحلة الانتصار، بشوشة الوجه بنت البلد الأنثى الراقية وداعا.