مي سمير تكتب: "ترامب" يستعين بمخابرات قطاع خاص لمواجهة "الدولة العميقة"

مقالات الرأي



"بلاك ووتر" تقدم خطة للرئيس الأمريكى لتأسيس شبكة خاصة تقدم له التقارير بشكل مباشر

رئيس الشركة يملك عملاء وميليشيات عاملة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنها السعودية والإمارات

تقديم المعلومات لترامب نفسه أو رئيس المخابرات المركزية وإخفائها عن أى وكالة أمنية حكومية


تشهد العلاقة بين الرئيس الأمريكى، ترامب، وأجهزة الاستخبارات والأمن فى الولايات المتحدة الأمريكية، اضطرابات كبيرة من شأنها أن تدفع ترامب للاعتماد على شبكة خاصة من الجواسيس للعمل لصالحه، هكذا أكد موقع «انترسبت» الأمريكى فى تقرير بعنوان «إدارة ترامب فى البيت الأبيض تدرس خططا للاستعانة بشبكة خاصة من الجواسيس لمواجهة الأعداء أو الدولة العميقة».

تدرس إدارة ترامب، مجموعة مقترحات لتأسيس شبكة تجسس خاصة عالمية، من شأنها لعب دور بديل لوكالات الاستخبارات الأمريكية الرسمية، وصاحب هذا الاقتراح هو إريك برينس، مؤسس شركة بلاك ووتر، الضابط المتقاعد من وكالة المخابرات المركزية، بمساعدة من أوليفر نورث، أحد المشاركين الرئيسيين فى فضيحة «إيران كونترا»، وفقا لعدة مسئولين سابقين فى المخابرات الأمريكية وغيرهم من على دراية بالمقترحات.

وتقول المصادر إن الخطة كانت موجهة للبيت الأبيض كوسيلة لمواجهة مجتمع الاستخبارات الذى يسعى الى تقويض رئاسة ترامب، وستعمل هذه الشبكة بشكل مباشر مع الرئيس الأمريكى، ومدير وكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو فقط، الذى تولى منصبه بترشيح من ترامب وهو معروف بـ»الرجل الأكثر إخلاصا لترامب».


1- شبكة جواسيس خاصة

وحسب الموقع الأمريكى يثير إنشاء مثل هذا البرنامج إمكانية إنشاء جهاز استخباراتى خاص لتبرير الأجندة السياسية لإدارة ترامب.

حول مناقشات البيت الأبيض بشأن هذا الاقتراح، قال مسئول استخباراتى كبير سابق فى الولايات المتحدة، على معرفة مباشرة بالمقترحات: «بومبيو لا يثق ببيروقراطية وكالة المخابرات المركزية، لذلك هناك حاجة لخلق كيان يقدم تقاريره مباشرة له»، وهذه الشبكة الخاصة ستعمل بشكل مباشر مع ترامب وبومبيو، ما يعنى أن المعلومات الاستخبارية التى تم جمعها لن تكون مشتركة مع وكالة المخابرات المركزية أو مجتمع الاستخبارات الأكبر.

وشارك أوليفر نورث، الذى يظهر فى كثير من الأحيان على شبكة التليفزيون المفضلة لترامب، فوكس نيوز، فى الترويج لهذه الفكرة لإدارة البيت الأبيض، وقال المسئول الاستخباراتى السابق إن نورث هو الزعيم الأيديولوجى الذى تمت الاستعانة بخبراته لإعطاء المصداقية للمشروع.

والتقى بعض الأفراد المعنيين بالمقترحات سراً مع عدد من المتبرعين الرئيسيين لحملة ترامب الانتخابية، لطلب المساعدة فى تمويل العمليات قبل توقيع أى عقود رسمية.

وستستخدم هذه الشبكة جيشاً خاصاً من الجواسيس فى العديد من الدول التى تعتبر «مناطق محظورة» بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الأمريكية الحالية بما فيها كوريا الشمالية وإيران.

كما بحث البيت الأبيض إنشاء وحدة عالمية جديدة لتسليم الإرهابيين المشتبه بهم حول العالم، فضلاً عن حملة دعائية فى الشرق الأوسط وأوروبا لمكافحة التطرف ومواجهة إيران.

وعند سؤاله حول حقيقة تأسيس مثل هذه الشبكة، رد مايكل أنطون، المتحدث باسم مجلس الأمن القومى، فى رسالة بالبريد الإلكتروني: «لا يمكن العثور على أى دليل على أن هذا الأمر قد استرعى انتباه أى شخص فى مجلس الأمن القومى أو البيت الأبيض على الإطلاق».

غير أن مسئولاً استخباراتياً أمريكيا يبدو أنه يعارض هذا التأكيد قال إن المقترحات المختلفة تم طرحها بالفعل فى البيت الأبيض قبل تسليمها لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

وتواصل الموقع مع عدد من كبار المسئولين الذين قالت المصادر إنه تم اطلاعهم على خطط إريك برينس، من ضمنهم نائب الرئيس مايك بينس، الذى كتب المتحدث باسمه: «لم يكن هناك أى سجل على الإطلاق أن برينس اجتمع مع نائب الرئيس».

ووفقاً لما ذكره مسئولان كبار سابقان بالمخابرات، تبنى بومبيو الخطة وضغط على البيت الأبيض للموافقة على العقد.

من جانبه علق المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية على هذه الأخبار: «لقد تم تقديم معلومات غير دقيقة من قبل ناس لديهم أجندة أعمال خاصة».


2- علاقات طويلة الأمد

إلى جانب مؤسس بلاك ووتر إريك برينس، يتواجد فى قلب المخطط الذى ينظر فيه البيت الأبيض، ضابط المخابرات المركزية الأمريكية السابق، جون ماجوير الذى يعمل حالياً لصالح شركة المخابرات الخاصة «امينتور جروب»، كما عمل ماجوير مع فريق ترامب الانتقالى.

ورغم إنكار إريك برينس، وجون ماجوير، معرفتهما بهذه المخططات إلا أن موقع انترسبت، أكد على العلاقة طويلة الأمد التى تجمع بين إدارة ترامب والرجلين.

ولدى برينس وماجوير، علاقة مهنية طويلة، حيث عمل ماجوير مؤخراً كمستشار مع شركة برينس، وشركة فرونتيه سيرفيسز جروب، وهى شركة أمنية مقرها هونج كونج مملوكة جزئياً للحكومة الصينية، كما يتمتع برينس بعلاقات قوية مع إدارة ترامب، حيث تشغل شقيقته بيتسى ديفوس منصب وزيرة التربية والتعليم، كما كان مانحاً رئيسيا لحملة ترامب الانتخابية، وقدم نصائحه للأخير بشأن تعيينات الاستخبارات والدفاع.

من جانبه قضى ماجوير أكثر من عقدين كضابط شبه عسكرى فى وكالة المخابرات المركزية، وشارك بالعديد من العمليات بما فى ذلك مهمات فى أمريكا الوسطى، ولديه خبرة واسعة فى الشرق الأوسط، حيث ساعد فى التخطيط لغزو العراق عام 2003.

ويؤكد الموقع الأمريكى، أن ماجوير وبرينس، التقيا فى سبتمبر مع مسئول كبير فى وكالة المخابرات المركزية، فى مطعم فرجينيا لمناقشة خصخصة الحرب فى أفغانستان.

كما التقى برينس أحد المتبرعين المحتملين لمثل هذه الشبكة الخاصة من الجواسيس، وحسب مصادر مقربة من هذه الخطط، فإن برينس يسعى للحصول على تمويل للإنفاق على هذه العمليات الاستخباراتية الخاصة لحين إعلان إدارة البيت الأبيض والمخابرات المركزية موافقتهما على المشروع.

وبدءاً من الربيع الماضى، وحتى الصيف، طلب ماجوير ومجموعة من ممثلى شركة أمينتور من المتبرعين لحملة ترامب الرئاسية دعم جهودهم الاستخبارية فى أفغانستان التى تعد القطعة الأولية مما كانوا يأملون أن يكون برنامجا أوسع.


3- نظرية المؤامرة

يبرر القائمون خطط إنشاء شبكة خاصة من الجواسيس تعمل بشكل مباشر مع إدارة ترامب، بوجود حالة تحفز ضد الأخير من جانب الأجهزة الأمنية الأمريكية، وعلى سبيل المثال، حسب أحد الأشخاص الذى تحدث معه ماجوير وأحد ممثلى شركة أمينتور، يقول ماجوير إن هناك أشخاصاً داخل وكالة المخابرات المركزية، الذين انضموا فى السنوات الثمانى الماضية، فى ظل إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، وداخل الحكومة، فشلوا فى إعطاء الرئيس المعلومات الاستخباراتية التى يحتاجها.

ولمساندة ادعائه، قال ماجوير إن مستشار الأمن القومى ماكماستر، بالتنسيق مع مسئول كبير فى وكالة الأمن القومى، أعطى الإذن بمراقبة عائلة ترامب، بمن فيهم ترامب الابن، وإضافة إلى هذه الادعاءات التى لا تستند لأدلة، وحسب الموقع الأمريكى، قال ماجوير لمتبرعين محتملين إن لديه أيضاً أدلة على استخدام ماكماستر هاتفاً سرياً لإرسال المعلومات التى تم جمعها من خلال المراقبة إلى منشأة فى قبرص يملكها رجل الأعمال الأمريكى جورج سوروس الذى يعد من أكبر المعارضين لترامب.

وأضاف الموقع إن موظفى شركة أمينتور التقوا مانحين محتملين فى جناح فى فندق ترامب فى واشنطن، زعموا أنه تم إنشاؤه لإجراء «اتصالات آمنة»، وحسب أحد الأشخاص الذى زار هذا الجناح، يشير بعض موظفى البيت الأبيض وأعضاء حملة ترامب إلى هذا الجناح باسم «غرفة الفويل»، وحسب أحد الأشخاص الذين تحدثوا مع جون ماجوير فإن الأخير كان متيقنا من أن الدولة العميقة ستطرد الرئيس الأمريكى من منصبه خلال عام.

ووفقا لشخصين عملا بشكل مكثف مع برينس فى السنوات الأخيرة، فإن الأخير يتعاون مع أفراد سابقين فى شركة بلاك ووتر، الذين عملوا فى برنامج اغتيال تابع لوكالة المخابرات المركزية فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر استهدفت عناصر القاعدة.

هذا البرنامج، الذى منعت إدارة البيت الأبيض فى عهد بوش الابن وكالة المخابرات المركزية من الكشف عنه للجان الاستخبارات فى الكونجرس، ثم تم الكشف عنه للكونجرس فى عام 2009 من قبل مدير المخابرات المركزية آنذاك ليون بانيتا، وتقول وكالة المخابرات المركزية إن البرنامج لم يسفر عن أى اغتيالات.

من بين قدرات إريك برينس التى يقدمها لخدمة ترامب شبكة من الأصول التى يمكن إنكارها تضم الجواسيس، ووكلاء المخابرات الأجنبية، تنتشر فى جميع أنحاء العالم والتى يمكن استخدامها من قبل البيت الأبيض.

وحسب أحد الأشخاص الذى عمل من قبل مع برينس فإن الأخير لديه بالفعل شبكة من الجواسيس الذين يعملون بشكل خاص، ويزعم هذا الشخص أن هذه الشبكة الخاصة من الجواسيس إلى جانب القوات شبه العسكرية التابعة لبرينس يعملون بالفعل فى عدد من الأماكن من ضمنها السعودية وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة وشمال إفريقيا.

من جابنه أكد إريك برينس أنه لا يعلم أى شىء عن هذا المشروع، ولكن بحسب موقع انترسبت فإن الأخير تحدث بشكل غير مباشر عن هذا المشروع فى عام 2016، وكشف عن جزء من استراتيجيته فى مقابلة إذاعية مع ستيف بانون فى يوليو 2016، عندما اقترح إعادة إنشاء برنامج فينيكس التابع لوكالة المخابرات المركزية، وهو عبارة عن وحدة اغتيالات استخدمت أثناء حرب فيتنام، واقترح إعادة تأسيس الشبكة لمحاربة تنظيم داعش، وأنه يمكن استخدام البرنامج لقتل أو القبض على ممولى الإرهاب بالشرق الأوسط.