إبراهيم نافع.. رحيل هادئ لـ"عملاق الصحافة" ومؤسس "الأهرام" الحديثة (بروفايل)

منوعات

الكاتب الصحفي الراحل
الكاتب الصحفي الراحل إبراهيم نافع


 

رحل هادئًا وفي صمت، صعدت روحه إلى السماء، وسط دموع وأحزان الجماعة الصحفية، تاركًا خلفه إرثًا كبيرًا من الإنجازات، وآخر من التاريخ والعلم والثقافة، إنه الكاتب الصحفي إبراهيم نافع، الذي عاش عاشقًا لتراب وطنه، ومات غريبًا عن تلك الأرض التي طالما أحبها بصدق.



أبى العام الجديد أن يبدأ إلا وللجماعة الصحفية جرح غائر، بدأ بوفاة الكاتب الكبير صلاح عيسى، ليكتمل الوجع بوفاة الكاتب إبراهيم نافع، أحد أهم رجالها، نقيب الصحفيين الأسبق، ورئيس مجلسي إدارة وتحرير الأهرام سابقًا.


حياته وتدرجه الصحفي:

ولد إبراهيم نافع في 11 يناير 1934 بمحافظة السويس، حصل على ليسانس الحقوق عام 1956 من جامعة عين شمس، وعمل بعد تخرجه بوكالة رويتر، ثم محررًا بالإذاعة، ثم محررًا اقتصاديًا بجريدة الجمهورية، ثم رئيسًا للقسم الاقتصادي بجريدة الأهرام، فمساعدًا لرئيس التحرير، وتولى رئاسة تحرير الأهرام عام 1979، ثم رئيسًا لمجلس الإدارة، ورئيسًا للتحرير بالأهرام من عام 1984، حتى عام 2005.

 

ووصل إبراهيم نافع لمنصب رئيس التحرير رقم 12 في تاريخ الأهرام، فىي 10 ديسمبر 1979، وانتخُب نائبًا لرئيس مؤتمر الصحافة العالمية 1986، وعُين عضوًا بمجلس الشورى في مايو 1991.

 

كما انتخبته الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين نقيبًا لها أعوام: "1985، 1987، 1993، 1995، 1999، 2001"، وبذل جهودًا هائلة لإعادة الاتحاد العام للصحفيين العرب لمقره الدائم بالقاهرة، وانتُخب رئيسًا له، في الفترة من مارس1996 حتى يناير 2013.

 

ترأس "نافع" الاتحاد العام للصحفيين العرب منذ عام 1996 حتى 2012، وتمت إقالته من منصبه فى رئاسة مجلس إدارة وتحرير الأهرام فى يوليو 2005.

 


قضاياه التي دافع عنها:

يعد الكاتب الصحفي الكبير إبراهيم نافع، واحدًا من قلائل المهنة، ممن دافعوا عن حرية الصحافة، وكان من أشهر من خاض معاركًا من أجل حرية الصحافة، أبرزها معركة القانون رقم ٩٣ لسنة ١٩٩٥، حيث دعت نقابة الصحفيين في عهده في يونيو عام 1995، لعقد جمعية عمومية طارئة، حيث ظل المجلس في انعقاد دائم، بهدف حماية حرية الصحافة والصحفيين، ونجحت نقابة الصحفيين في إسقاط القانون رقم 93 لسنة 1995، وصدر قانون 96 لسنة 1996، الذي أكد على أن الصحافة سلطة شعبية تمارس رسالتها بحرية مسؤولة في خدمة المجتمع.

 

ووصف "نافع" القانون رقم 93 لسنة 1995، بأنه يهدف إلى تقييد حرية الصحافة بشكل غير مسبوق، وأطلق عليه الكثيرون قانون "حماية الفساد"، وقد صدر بشكل عاجل وتم إقراراه خلال ساعات فقط من عرضه على أعضاء اللجنة الدستورية والتشريعية لمجلس النواب – حينذاك – وتم تمريره والتوقيع عليه من قبل رئيس الجمهورية في ليلة واحدة، وعقب ذلك عقدت نقابة الصحفيين عموميتها الطارئة التي نجحت في إسقاط القانون.

 

 

إنجازاته:

 

حققت نقابة الصحفيين على يد الكاتب الصحفي إبراهيم نافع، إنجازات عديدة، أهمها تشييد مبنى للصحفيين، الذي تحول على يديه إلى "مبنى القرن"، وهو صرحًا قادرًا على استيعاب وخدمة الصحفيين، وتسلمه من القوات المسلحة بعد تأثيثه عام 2002.

 

وتم في عهد الكاتب الكبير الراحل، إصدار عددًا ضخمًا من الإصدارات الصحفية بالأهرام، والمجلات المتخصصة.



وقال نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة، إن "نافع" صاحب الانطلاقة الثالثة للأهرام، فكانت الأولى على يد سليم وبشارة تقلا مؤسسا الأهرام، وكانت الثانية على يد الراحل الكبير محمد حسنين هيكل، إلى أن جاء "نافع" ليتولى رئاسة مجلس إدارة وتحرير الأهرام لأكثر من ٢٥ عامًا، امتدت من عام ١٩٧٩ وحتى عام ٢٠٠٥.

 

 

حالته الصحية:

 

تدهورت حالة "نافع" الصحية خلال الفترة القليلة الماضية، حيث أُيب بأورام سرطانية في البنكرياس والمعدة، واستأصل نحو 70% منهم، قبل وفاته بأيام، وكان أجرى "نافع" عمليات جراحية عدة خلال السنوات الماضية، سواءً في فرنسا أو دبي، قبل أن يتوفى بإحدى مستشفيات دبي.

 

بعد ثورة 25 يناير، غادر الكاتب الراحل البلاد، متوجهًا إلى باريس للعلاج، وإجراء فحوصات طبية، وذلك قبل صدور قرار النائب العام بمنعه من التصرف في أمواله العقارية والمنقولة والسائلة بصورة مؤقتة، وكذلك منعه من مغادرة البلاد ووضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، وانتقل إلى الإمارات، حتى توفي في تمام الساعة الواحدة من صباح اليوم الإثنين، بعد معاناة مع المرض، وتلقي العلاج  فى المدينة الطبية بدبي.

 

 

آخر ما قاله:

 

كانت آخر كلمات الكاتب الكبير قبل دخوله في غيبوبة وقبل إجرائه العملية الأخيرة، هي تمنيه العودة إلى مصر، حيث قالت الإعلامية علا بركات زوجة الكاتب الراحل، إن آخر الكلمات التي نطق بها قبل تدهور حالته الصحية وإجرائه العملية الجراحية، هي تمنيه العودة لمصر، وأن يعيش أيامه الأخيرة في بلده، مضيفة أن إبراهيم "نافع" قال لهم نصًا: "كده كفاية غربة وأتمنى أن أعيش أيامي الأخيرة في بلدي"، وذلك قبل إجرائه عملية جراحية دقيقة.