المسلسل الإسرائيلي لتشويه "رأفت الهجان" عرض مستمر.. لماذا أثارت تل أبيب أكذوبة "العميل المزدوج" الآن؟

تقارير وحوارات

رأفت الهجان
رأفت الهجان



بالرغم من مرور أكثر من 35 عام، على وفاة رفعت الجمال الملقب بـ"رأفت الهجان"، كما عرفه المصريون من خلال المسلسل الشهير، الذي قام ببطولته النجم محمود عبدالعزيز، والذي أظهر الدور الذي كان يقوم به في إمداد مصر بمعلومات من قلب إسرائيل، إلا أن تل أبيب ترفض تلك الحقيقة، وتأبى تجرع الهزيمة، حيث أنها ما زالت بين الحين والآخر، تطلق التصريحات والتقارير المفبركة على لسان صحفها كمحاولة لإقناع العالم بأن "الهجان" كان عميلًا مزدوجًا ويعمل وفق مصالحها ضد مصر.
 
ترصد "الفجر"، أبرز التصريحات الإسرائيلية التي تطلقها لتشويه وطنية رأفت الهجان.
 
"هآرتس": "الهجان" ساعد إسرائيل في حرب 67
وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن "رأفت الهجان كان في الواقع عميلًا مزدوجًا عمل بشكل أساسي لصالح إسرائيل وساعد في تمكين إسرائيل من الانتصار في حرب 1967".

ونقلت الصحيفة عن معلق الشؤون الاستخباراتية عوفر أدرات، أنَّ المخابرات المصرية أرسلت "الهجان" إلى إسرائيل تحت هوية يهودي يحمل اسم جاك بيطون، إلا أنَّه سرعان ما تم الكشف عنه واعتقاله.

وأضاف "أدرات" أنَّ ضابط المخابرات الإسرائيلي مردخاي شارون، الذي تولَّى التحقيق مع الجمال بعد اعتقاله عرض عليه أن يتم إطلاق سراحه مقابل أن يعمل لصالح إسرائيل، فوافق وبعدها طلب منه نقل معلومات مضللة عن إسرائيل للجانب المصري، بل وسعت المخابرات الإسرائيلية لإقناع المخابرات المصرية بضرورة الاعتماد على المعلومات التي كان يرسلها الجمال، فقامت بإعطائه معلومات حقيقية حول موعد شنها حرب 1956، لكن قبل يوم فقط من اندلاعها حتى لا يكون بوسع الجانب المصري القيام باحتياطات تؤثر على مسار الحرب".


وأوضحت الصحيفة: "إسرائيل استغلت الثقة التي اكتسبها الجمال لدى المخابرات المصرية وزوَّدته بمعلومات مضللة بشأن حرب 1967، حيث تمَّ الطلب منه التأكيد للجانب المصري أنَّ إسرائيل لا تنوي في هذه الحرب استهداف سلاح الجو المصري، مع أنَّ الحرب بدأت بقيام إسرائيل بضرب كل المطارات المصرية، مما مكنها من تحييد حوالي 80% من قوة سلاح الجو المصري".
 
"يسرائيل": "الهجان" عميل للشاباك
وفي أبريل 2014، نشرت مجلة "يسرائيل ديفينس" العسكرية الإسرائيلية مقالًا للعميد (احتياط) افرايم لابيد، وهو باحث في تاريخ الاستخبارات بجامعة بار إيلان الإسرائيلية، وشغل في الماضي عدة مناصب بارزة بجهاز الاستخبارات الحربية العسكرية بإسرائيل، كما عمل متحدثًا للجيش الإسرائيلي والوكالة اليهودية، يقول إن "المواطن المصري رفعت علي الجمال كان لديه مشاكل قانونية في بلاده، واقترح عليه رجال المخابرات المصرية بعد 
اكتشافه لقدراته البارعة أن يتحول إلى عميل له مقابل عدم تقديمه للمحاكمة".


وأضاف أنه "وافق على العرض وقام باختراق إسرائيل كيهودي في إطار موجة الهجرة اليهودية التي جاءت من مصر بعد حرب 1956، وعندما وصل إلى تل أبيب أثار سلوكه الشكوك وتم اعتقاله من قبل جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، واكتشف رجال الأمن في منزله وسائل تجسس".

وتابع أن "الشاباك عرض على الجمال أن يكون عميلاً مزدوجًا مقابل عدم تقديمه للمحاكمة بتهمة التجسس لصالح دولة معادية، ومن أجل تعزيز مركزه في إسرائيل أمام أعين المصريين ساعده "الشاباك" على فتح مكتب سفريات في شارع برنر في تل أبيب، واندهش المصريون من سرعة استيعابه داخل إسرائيل على الرغم من كونه مجرد وكيل للسفريات".

وذكر أن "المعلومات التي قام الجمال بنقلها لمصر كانت في جزء كبير منها حقيقية وغير مزيفة، وذلك لتعزيز مصداقيته عند مرسليه في القاهرة، وعلى مدار السنوات كان هناك فترات صعود وهبوط في أدائه مع جهازي الاستخبارات، المصري والإسرائيلي".
 
"معارف" تزعم تجنيد "الهجان" لصالح "الموساد"
وفي نفس العام، نفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، في تقرير مطول، أكبر عملية خداع تعرضت لها إسرائيل وأجهزتها الأمنية، ويقول مردخاي شارون، المسؤول عن تشغيل الهجان كعميل لصالح لإسرائيل، إنه اعتاد مقابلة رأفت الهجان في مزرعة دواجن بهرتزليا، يملكها صهره، حيث لا يمكن أن يخطر ببال أحد أن في مكان كهذا تتم أكبر عملية سرية وفعالية وأكثرها حساسية للاستخبارات الاسرائيلية، وهي عملية "الوتد"، لتشغيل الجاسوس المصري الذي تم زرعه في إسرائيل.


ولم يكتفي التقرير الإسرائيلي باستخدام عبارة "عميل مزدوج"، أو إعادة تجنيده لصالح الموساد، وإنما يقول "أي أنه وافق على خيانة قادته المصريين والعمل لصالح إسرائيل".
 ويضيف أنه بفضل تلك العملية تم تزويد مصر بمعلومات كاذبة مكنت الجيش الإسرائيلي من تحقيق انتصار كبير في حرب يونيو 1967.
 
"هارتس": "الهجان" نقل معلومات كاذبة للمصريين
وفي مارس 2011، نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية قصة أخرى زعمت فيها أن تل أبيب كانت قد ألقت القبض على عميل أُدخل إلى إسرائيل في الخمسينيات أرسلته الاستخبارات المصرية، ووافق على التعاون مع إسرائيل، أي أصبح عميلًا مزدوجًا، ونُقلت بواسطته إلى المصريين معلومات كاذبة.

وادعت الصحيفة أن دافيد رونين نائب رئيس الشاباك لاحقًا، عمل مع رفعت الجمال لمدة 6 سنوات، مضيفةً أن السلطات المصرية عرضت على الجمال العمل مقابل عدم محاكمته وذلك بأن يكون جاسوسًا ووافق وجرت عليه سلسلة تدريبات اشتملت على زيارات معابد من أجل معرفة الدين اليهودي، وبعد سفره إلى إسرائيل كان يزور أوروبا كثير للقاء المخابرات المصرية، وأثارت هذه الرحلات شك شريكه في مجال السياحة، الذي تسائل :"كيف لمهاجر جديد بالمال في حين أن عملنا غير مربح بالمرة"، وأبلع عنه الأمن الإسرائيلي.


وأضافت "هآرتس": أنه تم وضع الجمال تحت مراقبة الموساد والذي رصد لقاءه بالمخابرات المصرية، وألقي عليه القبض فور عودته بالمطار ليعمل بعد ذلك لصالح تل أبيب، لافتة إلى أن الجمال بعث "معلومات خاطئة للقاهرة قبل حرب 1967، ساعدت في ضرب الطائرات المصرية.
 
"النقاش": إسرائيل تثير حرب نفسية
فيما قالت فريدة النقاش، الكاتبة الصحفية المهتمة بالشأن الإسرائيلي، إن إسرائيل دائمًا ما تثير الجدل بمثل تلك التصريحات التي من شأنها تشويه شخصية وطنية كـ"رأفت الهجان"، الذي عرف بولاءه ووطنيته للمخابرات المصرية، مشيرةً إلى أن إثارة الأمر متعلق بالحرب النفسية التي تفتعلها إسرائيل على المصريين.

واستنكرت النقاش، في تصريحاتها الخاصة لـ"الفجر"، ادعاءات إسرائيل بوصفها لـ"الهجان" بأنه عميلًا مزدوجًا لصالح مصر وإسرائيل معًا، موضحةً أن الأمر متعلق برغبة إسرائيل في التقليل من قوة المخابرات المصرية، وعدم اعتراف إسرائيل بفشلها.

وأضافت النقاش، أن التصريحات الإسرائيلية لا تخرج سوى عن أنها مجرد اتهامات لا أساس لها من الصحة، لافتةً إلى أن مصر لديها من الوثائق والدلائل التي تثبت ولاء ووطنية "الهجان" وتزويده بالمعلومات عن الجانب الإسرائيلي للمخابرات المصرية.